بو حبيب يثير زوبعة في فنجان “الحزب”
المفاجأة الأهم كانت بإعلان بو حبيب أنّ أيّ قرار بوقف إطلاق النار سيكون قراراً جديداً وليس نسخة معدلة من القرار 1701. وهذا يطرح سؤالاً عما إذا كان هذا الموقف الجديد منسقاً مع “الحزب” إذ إنّ بو حبيب المحسوب على التيار العوني لم يسبق له أن تفرّد بموقف من عنده، أم أنّ “الحزب” نفسه هو من يريد تعديل القرار؟ وهل يريد أن يتجاوز حماس وإجراء مفاوضات لبنانية وإن غير مباشرة مع إسرائيل؟
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
فجأة وبدون مقدمات أعلن وزير الخارجية عبدالله بوحبيب باسم الحكومة اللبنانية أنها على استعداد لمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار. وأوضح أنّ لبنان يريد وقف الحرب وأبلغ جميع المعنيين دولياً بذلك. وقد شكل هذا الموقف خروجاً على النهج الذي اتبع حتى الآن منذ بداية الحرب في غزة في 7 تشرين الأول الماضي أي قبل أحد عشر شهراً، وهو الموقف الذي فرضه “حزب الله” عندما قرر أنه “يساند حماس” عبر “مشاغلة” إسرائيل، ثم أعلن مؤخراً أنه يلتزم بقرار حماس عندما تقرر هي وقف إطلاق النار. ولم يكن هناك أي موقف أو قرار خاص بالحكومة اللبنانية التي كانت تلتحق بما يقرره “حزب الله”. وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد أعلن في الأشهر الاولى أن “قرار الحرب ليس بيدي شخصيّاً وليس بيد الحكومة”، مؤكّداً “التمسّك بالقرار 1701 والقيام بمساعى لئلا يُجرّ لبنان إلى الحرب”. فما الذي حصل؟ لا شك أن التطورات الأخيرة التي خلفتها عمليتا اغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في ضاحية بيروت اللتين نفّذتهما إسرائيل قبل أربعين يوماً قد غيرتا في الوقائع والمواقف بما أنّ من رد على الاغتيال هو فقط “حزب الله” فيما خامنئي ما زال ينتظر ما يمكن أن يحصله من مفاوضاته مع الولايات المتحدة وما يمكن أن تقدمه له إسرائيل في لبنان والمنطقة وهو القائل: “لا ضير في التراجع التكتيكي أمام العدو في المبدانبن السياسي أو العسكري”. ولهذا السبب على الأرجح كان رد “حزب الله” عن الاثنين بمثابة “رفع عتب” إذ الظاهر أنّ الصواريخ التي اطلقها لم ينتج عنها إصابات بشرية لم يعلن عنها أحد، لا إسرائيل ولا “حزب الله” الذي أعلن زعيمه حسن نصرالله: “إذا لم يكن الرد كافياً فسنحتفظ بحق الرد”. لماذا لم يكن كافياً؟
ومن جهة أخرى، نتنياهو يشعر أنه مرتاح في ممارسة وحشيته ويستمر في مجازره ضد الفلسطينيين متحركاً على وقع “لا صوت يعلو فوق صوت نتنياهو” على وزن “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.
أما وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب فقد ذهب بعيداً مؤكداً احتمال أن يتخذ مجلس الأمن قراراً جديداً بدل 1701 موضحاً أنّ لبنان يتواصل مع كل الدول المعنية ومع مجلس الأمن، وفي حال تم التوصل إلى وقف الحرب فهذا يتطلب قراراً جديداً من الممكن أن ترفضه إسرائيل ويرفضه أيضاً “حزب الله”: “إسرائيل هي من ترفض، أما “حزب الله” فمن المعقول أن يرفض ولكنه ليس دولة ليقول نعم أو لا، الدولة اللبنانية هي التي تقول نعم أم لا، وسنحاول إقناع “حزب الله” به”. اما المفاجاة الأهم فكانت بإعلان بو حبيب أنّ أيّ قرار بوقف إطلاق النار سيكون قراراً جديداً وليس نسخة معدلة من القرار 1701. وهذا يطرح سؤالاً عما إذا كان هذا الموقف الجديد منسق مع “حزب الله” إذ إنّ بوحبيب المحسوب على التيار العوني لم يسبق له أن تفرد بموقف من عنده أم أنّ “حزب الله” نفسه هو من يريد تعديل القرار؟ وهل يريد أن يتجاوز حماس وإجراء مفاوضات لبنانية وإن غير مباشرة مع إسرائيل؟ وهذا يعني فصل لبنان عن مصير غزة؟ ويعني أيضاً أن نبيه بري لن يتمكن من الاستمرار في التفاوض عنه؟ هل يقبل بكل ذلك علماً أنه يصر على أن ما يقوم به هو مجرد “مساندة”؟ إنّ كل المعطيات تفيد أنّ “حزب الله” ملتزم بالخط الإيراني وبفعل كل ما من شأنه أن يمهد للالتزام بالقرار 1701 الذي تطالب واشنطن والاتحاد الأوروبي وأيضاً روسيا بتطبيقه. هذا فيما لبنان حصل الأسبوع الماضي من مجلس الأمن على التجديد للقوات الدولية “يونيفل” في الجنوب. فمن هو المناور؟ أمس في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة تراجع بوحبيب عن طرحه مؤكداً أنه متمسك بتطبيق القرار 1701 وأنّ إصدار قرار جديد هو أمر افتراضي. فهل ما قام به بوحبيب هو بالون اختبار أم زوبعة في فنجان “حزب الله”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
مناورة بري تتحول إلى مأزق | “الحزب” يخوض معركته وحيداً | نصرالله يكابر ويقرّ أنّ لبنان ورقة تفاوض |