سلاح “الحزب”: من إيران وإلى إيران يعود
لا داعي للاجتهاد كثيراً للقول أنّ السلاح الإيراني الذي يطلق النار اليوم من لبنان نحو إسرائيل برعاية نحو ألف مدرب إيراني هو بيت القصيد في معمعة الخراب الذي يزلزل هذا البلد. ولا مفر من الوصول معه إلى خاتمة تعيده إلى بلاد فارس مثلما أتى قبل أكثر من أربعة عقود.. إلا اذا أرادت طهران أن تهديه للجيش اللبناني!
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
مضى 42 عاماً تقريباً على وصول السلاح الإيراني الى لبنان. وكانت البداية مع طلائع الحرس الثوري الذي أرسله مؤسس الجمهورية الإسلامية الامام الخميني إلى لبنان عبر سوريا عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 . ومنذ ذلك التاريخ كرّت المسبحة. وأصبح لاحقا السلاح الإيراني الوافد مع “الحرس” ، تنظيماً هو “حزب الله”. وها هو حزب هذا السلاح اليوم يبلغ منعطفاً تاريخيا. ويسعى اليوم إلى تأكيد بقائه في لبنان وسط خراب هائل . فهل ينجح في البقاء أم انه سيلقى مصير أسلحة أخرى غير لبنانية ؟
في تقرير نشرته صحيفة النيويورك تايمز في 25 الجاري يقول خبراء “إن جيش “حزب الله” لا يزال صامدا، حتى بعد الضربات القوية من إسرائيل”. يضيف التقرير :” أدت اغتيالات إسرائيل لكبار القادة في “الحزب” ، والهجمات المكثفة على البنية التحتية وإمدادات الأسلحة، وبدء التوغل البري في جنوب لبنان إلى إضعاف قدرات “حزب الله” . لكنها فشلت حتى الآن في منع تدفق مستمر من الضربات الانتقامية”.
ويخلص التقرير الى القول “إن “حزب الله”، الذي بدأ مهاجمة إسرائيل قبل أكثر من عام تضامنا مع “حماس” في غزة، لا يزال صامدا”.
يتوسع الخبراء الغربيون في شرح مضمون تقرير الصحيفة الأميركية . فيقول دانيال بايمان، وهو زميل بارز في برنامج الحرب والتهديدات غير النظامية والإرهاب في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “قبل أن يبدأ كل هذا، كان لدى “الحزب” ترسانة ضخمة، وقادة مؤهلين تأهيلا عاليا، واختيار جيد للقيادة والمقاتلين المهرة. لكن قدرات “حزب ” قد تدهورت بشكل كبير. ولكن حتى ولو أنه قد ضعف، فإنه لا يزال كفؤا جدا”. وأوضح ان “حزب الله” “قبل شهر “كان يعاني من هجمات البيجرز. ومن المعقول أن يكون القادة من المستوى المتوسط قد تعافوا “.
ووفقا لأودري كورث كرونين ، مديرة معهد كارنيجي ميلون للاستراتيجية والتكنولوجيا ان قوة “الحزب” كانت دائما الصواريخ والقذائف. وأضافت: “في السنوات الأخيرة، كان “حزب الله” يصنع محركات للمقذوفات الموجهة بدقة محليا، باستخدام مجموعات التوجيه التي قدمتها إيران، ما يجعل من الأسهل بكثير بناء إمداداته”.
ربما يمتلك “حزب الله” أكبر ترسانة من أي جماعة مسلحة غير حكومية في العالم، وفقا للخبراء. وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون في وقت سابق من هذا الشهر إن حوالي نصف مخزون “الحزب” الذي تم بناؤه على مدى عقود بمساعدة من إيران ويقدر بنحو 120,000 إلى 200,000 صاروخ وقذيفة – قد دمرت.
لكن الخبراء يرون ان لدى “حزب الله” أيضا إمكانية الوصول إلى الأسلحة من حلفاء إيران في سوريا والعراق عبر الحدود اللبنانية التي يسهل اختراقها نسبيا. بالإضافة إلى ذلك ، فقد تم تخزين الصواريخ والقذائف لفترة طويلة ، كما قالت السيدة كورث كرونين. وأضافت أن “إسرائيل لن تكون قادرة على استهدافهم جميعا”، ولا يزال لدى “حزب الله” الكثير من القدرات. وتابعت كرونين إن القيادة المتوسطة دمرت بسبب هجمات البيجرز في أيلول الماضي ، لكن “حزب الله” لديه “مقاتلون مدربون تدريبا جيدا” متمرسون في القتال من خلال الحروب مع إسرائيل ومن خلال القتال في سوريا. كما أشارت إلى أن هناك حوالي 1000 مدرب إيراني على الأرض في لبنان يساعدون “حزب الله”.
وقد رفعت النجاحات العسكرية والاستخباراتية الأخيرة ضد حزب الله الروح المعنوية في إسرائيل، ولكن لا يبدو أن هناك نهاية للقتال في الأفق، وفقا لبعض المحللين الإسرائيليين.
وتشير كرونين الى “ان جزءا مما تحاول إسرائيل القيام به الآن هو استعراض العضلات، ، لإظهار براعتها العسكرية والاستخباراتية من خلال هجمات التفجير عن بعد والضربات على قادة “حزب الله”. وتعتقد أن استعراض القوة هو جزء من جهد لاستعادة الردع.
وقالت مديرة معهد كارنيجي ميلون للاستراتيجية والتكنولوجيا “إن هذا النهج تاريخيا لم يثبت بالضرورة فعاليته. لقد نجت كل من “حماس” و”حزب الله” من الاغتيالات الإسرائيلية لقادتهما من قبل وعادتا إلى الزئير. هذه مرحلة لا يمكن التنبؤ بها عن الصراع الإسرائيلي في لبنان، خصوصا لأنه من غير الواضح من سيكون رئيس “حزب الله” القادم. فقط لأنك تقتل قائدا لا يعني أن لديك خصما أقل عدوانية”.
في سياق متصل ، اعلن السفير الأميركي السابق في لبنان ريان كروكر إن مقتل زعيم “حماس” في غزة يحيي السنوار بعد اغتيال زعيم “حزب الله” حسن نصر الله الشهر الماضي إلى جانب العديد من كبار القادة الآخرين، “سيؤدي بشكل أساسي إلى استمرار حرب العصابات ما لم تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل بجد من أجل وقف إطلاق النار. كما أنه يزيد من احتمال قيام إيران بتكثيف برنامجها للأسلحة النووية”. ومضى الى القول في حوار أجرته معه صحيفة “بولوتيكو” الأميركية :”الوضع الحالي مشابه جدا لما حدث قبل أربعة عقود عندما غزا الإسرائيليون لبنان .هذا الغزو والاحتلال الإسرائيلي اللاحق خلقا “حزب الله”. وهذا الغزو اليوم لن ينهيه”. ويضيف: “شيء واحد تعلمته على مر السنين، خاصة في العراق وأفغانستان، هو أن مفهوم هزيمة الخصم له معنى فقط في ذهن ذلك الخصم. إذا شعر هذا الخصم بالهزيمة ، فهو مهزوم. إذا لم يفعل ، فهو ليس كذلك “.
ماذا بعد كل هذه القراءة الغربية للمشهد الحالي في لبنان؟ يجيب على ذلك الزعيم الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ان الخلاص كان وسيبقى في النصوص المرجعية لبنانيا وعربيا ودوليا . أضاف في حوار أجرته معه قناة “روسيا اليوم ” التلفزيونية :”القرارات الدولية جزءٌ لا يتجزأ، لا نستطيع نحن في لبنان أو في غير لبنان ان نتلاعب بهذه القرارات الدولية. القرار 1701 يملي ببسط السيادة اللبنانية ونشر الجيش اللبناني في الجنوب. 1559 يُملي بتجريد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من السلاح”. ويخلص الى القول :” لكن هذا لا يجري من خلال ما يتمناه البعض في لبنان بالفصل السابع، هذا يجري من خلال الحوار الداخلي، وأيضاً يجري من خلال أن تتفهم الدول وبعض الدول الخارجية مثل الجمهورية الإسلامية بأنه آن الأوان بأن للبنان دولة ووحدها الدولة تملك حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم “.
لا داعي للاجتهاد كثيرا للقول ان السلاح الإيراني الذي يطلق النار اليوم من لبنان نحو إسرائيل في لبنان برعاية ” حوالي 1000 مدرب إيراني” كنا ورد آنفا ، هو بيت القصيد في معمعة الخراب الذي يزلزل هذا البلد . ولا مفر من الوصول معه الى خاتمة تعيده الى بلاد فارس مثلما اتى قبل اكثر من أربعة عقود. اللهم اذا ارادت طهران ان تهديه للجيش اللبناني .
مواضيع مماثلة للكاتب:
“مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون | فعلها قاليباف مجدداً فهل سيردّ بري؟ |