ورقة هوكشتاين في يد برّي أم في طهران
طرح هوكشتاين خلال جولته الأخيرة ورقة تنص على حل لوقف إطلاق نار بين إسرائيل و”الحزب” لمدة ثلاثة أسابيع، وفيها ما يعني استحالة تطبيق القرار 1701 من دون تطبيق القرارين 1559 و1680.. فكيف وافق بري على ذلك، والأهم كيف استحصل على موافقة من “الحزب”؟ وهل ما زال هناك قيادة للحزب أم أنها أصبحت في جيب طهران؟
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
يدور لبنان في دوامة منذ اشهر, لا بل إنّ هذه الدوامة حول القرار 1701 مستمرة منذ نحو عشرين سنة، وتحديداً في 11 آب 2006 يوم تم التصويت عليه من قبل مجلس الأمن، وحتى اليوم لم يتم تطبيقه بالكامل وإنما فقط ما يخص وقف إطلاق النار التي اندلعت في حرب تموز من ذلك العام بعد أن قام “حزب الله” بخطف جنديين إسرائيليين. يومها وافق “حزب الله” نفسه على هذا القرار بعد أن اتهم رئيس الحكومة التي سعت إلى هذا القرار فواد السنيورة بالخيانة. لبنان لم يلتزم بتطبيقه ولا إسرائيل المعنية هي أيضًا به. واليوم تسعى الولايات المتحدة وجميع الدول التي دعمته وشاركت فيه إلى تطبيقه إذ يعتبر الحل الأفضل للخروج من أتون الحرب هذه، ولكي يستعيد لبنان سيادته وتكون الدولة صاحبة القرار الوحيدة على كامل الأراضي، ويطالب بحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها وفق القرار الخاص 1558، في المادة الثالثة منه، الذي أقره مجلس الأمن في 2 أيلول 2004.
ومن أجل تطبيق هذا القرار يقوم آموس هوكشتاين المبعوث الشخصي للرئيس الأميركي جو بايدن بهذه الوساطة منذ سنة تقريباً متنقلاً بين بيروت وتل أبيب منذ اندلاع حرب غزة. غير أنّ لبنان الرسمي كان يصر على ربط لبنان بحرب غزة ووقف إطلاق النار في لبنان بوقفها في غزة. علماً أنّ هوكشتاين كان توصل مع رئيس البرلمان نبيه بري، الذي هو نفسه رئيس حركة أمل، إلى مسودة اتفاق يتضمن أيضاً كيفية تثبيت نقاط الخلاف على الحدود البرية مع إسرائيل. وكان سبق وأن رعى هوكشتاين اتفاقاً بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية في 27 تشرين الأول 2022 عندما كان ميشال عون رئيسا للجمهورية فيما لبنان اليوم من دون رئيس منذ سنتين بالظبط. وخلال جولته الأخيرة طرح هوكشتاين ورقة تنص على حل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” لمدة ثلاثة أسابيع، وليس بين إسرائيل ولبنان كما جاء في الورقة، وينسحب بالتالي على أساسها “حزب الله” بسلاحه وعتاده من جنوب الليطاني إلى شمال النهر وتنسحب إسرائيل إلى ما وراء خط الانسحاب عام 2000 (الخط الأزرق)، ثم تعزير وجود الجيش اللبناني جنوب الليطاني بـ 8000 جندي والدعوة إلى مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني بالعتاد والتمويل والتدريب. بعدها يتم تشكيل لجنة أميركية-بريطانية-فرنسية-ألمانية مهمتها مراقبة تطبيق آلية انسحاب الطرفين. ثم وهذا الأهم مراقبة الجيش اللبناني مطار رفيق الحريري والمعابر الحدودية الرسمية بين لبنان وسوريا وفي مرفأ بيروت، وتزويد هذه المرافق بالتقنيّات المطلوبة لمنع استخدامها لتهريب السّلاح إلى لبنان. وندخل هنا في بيت القصيد في البند الخاص المعني بـ “حزب الله” تحديداً عندما يتكلم عن “العمل على إغلاق معابر التهريب البرية بين لبنان وسوريا”. ثم ينتقل إلى إطلاق مفاوضات تثبيت الحدود البرية بين لبنان وسوريا مركزاً على إقفال الملف بشكل نهائي.
وواضح أنّ النقاط الثلاث الأخيرة تتناول ليس فقط تنظيم وقف إطلاق النار والانسحاب المتبادل بحسب القرار 1701 وإنما يتعداها إلى بنود أخرى في صلب القرار نفسه، والتي هي واردة أساساً في قرارات سابقة في مقدمها القراران 1559 و 1680 المذكوران في صلب القرار 1701 واللذان يقوم عليهما، وهما جزء منه، واللذان يختصان بالتحديد بمسألة نزع سلاح الميليشيات أي سلاح “حزب الله” (1559 الذي أقر في 17 أيار 2006) ومسألة ضبط الحدود بين لبنان وسوريا ومنع التهريب (القرار 1680). وهذا يعني أولًا عدم إمكانية تطبيق القرار 1701 من دون تطبيق القرارين الآخرين. وثانياً، كيف وافق بري على تطبيقه، والأهم كيف استحصل على موافقة على تطبيقه اليوم من “حزب الله” بعد الضربات القاصمة التي تلقاها الحزب سياسياً وعسكرياً، والتي تطالب بنزع سلاحه الذي هو أساساً علة وجوده، وهل إيران توافق على ذلك. ثم من يقرر اليوم في “حزب الله” ومع من يتواصل ويتفاوض بري؟ وهل ما زال هناك قيادة للحزب أم أنها أصبحت في جيب طهران؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية | هوكشتاين يطأ بيروت وإسرائيل تكثّف النار |