نتنياهو قبض ثمن وقف إطلاق النار سلفاً، وعلى دفعات!!
سارع حزب الله وجمهوره وأبواقه الإعلامية إلى إعلان الانتصار في حرب دمّرت لبنان واقتصاده وأعادته عشرات السنوات إلى الوراء، حرب لا ناقة للبنان واللبنانيين فيها ولا جمل، سوى تحمل أعبائها التي ستمتد أيضاً لعشرات السنوات.
في ميزان الربح والخسارة، يضع حزب الله انتصاره المزعوم بخانة منع الجيش الإسرائيلي من تحقيق اهدافه، بضرب قدرة المقاومة، ويروج لخطاب أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع إلى القبول بشروط الحرب.
ولكن في نفس ميزان حزب الله، فإنّ نتنياهو هو الرابح الأكبر، وحقق ثلاثة مكاسب استراتيجية:
أولاً: بعد ساعات من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، وموافقة إسرائيل على مشاركة فرنسا ضمن اللجنة الخماسية التي ستشرف على تنفيذ الاتفاق وتطبيق القرار 1701، بعد رفضها في بادئ الأمر، أصدرت الخارجية الفرنسية بياناً، قالت فيه إنها تعتقد أنّ نتنياهو “يمكنه التمتع بالحصانة” من إجراءات المحكمة الجنائية الدولية التي تسعى إلى اعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، في تراجع واضح عن موقفها الأول.
وعزت الخارجية الفرنسية ذلك إلى أنّ إسرائيل “لم توقع على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية”، علماً أنّ فرنسا لم تظهر الموقف نفسه مع مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم توقع بلاده أيضاً على “نظام روما”. وبذلك يكون نتنياهو قد حصل على الثمن الأول بقبوله بوقف إطلاق النار، وإشراك فرنسا. إلّا أنّ حزب الله يروّج أنه تمسك بشروطه في التفاوض وحقّق مكاسب بالفرض على إسرائيل القبول بمشاركة فرنسا في اللجنة.
الثمن الثاني كان نتنياهو قد حصل عليه مسبقاً، أو “دفعة على الحساب” من مجلس الشيوخ الأميركي الذي صوّت الأسبوع الماضي بأغلبية ساحقة على منع ثلاثة قرارات كان من شأنها أن توقف نقل بعض الأسلحة الأميركية إلى “إسرائيل”، وعارضت إدارة بايدن القرارات، حيث أرسلت إلى أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين قائمة أكدت فيها أنّ “توفير المعدات العسكرية لإسرائيل هو استثمار في أمن إسرائيل على المدى الطويل، حيث تواجه تهديدات من إيران وأماكن أخرى، وبذلك يكون نتنياهو قد ضمن استمرار التسليح الأميركي لجيشه.
أما الثمن الثالث الذي يسعى نتنياهو إلى تحقيقه، هو ضرب البرنامج النووى الإيراني. إذ يراهن على إقدام ترامب على توجيه ضربة للمشروع النووى الإيراني، الذى لا طاقة لإسرائيل وحدها على توجيهها من دون مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، ومنح نتنياهو القدرة على ضرب منشآتها النفطية الإيرانية، وهو ما عارضه جو بايدن، وتكبيد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة، خصوصاً أنّ ضرب المنشآت النووية، المحصنة تحت الأرض، يحتاج بالتأكيد إلى مساعدة أمريكية.
وقد فهمت إيران الخطر المحدق بها، فطالبت من حزب الله قبول وقف النار والتراجع إلى شمال نهر الليطاني وفقًا للقرار 1701 ، بعد أسبوع من تبني الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً انتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي، قابله تصعيد المواجهة مع الوكالة، فأعلنت ايران أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي “الجديدة والمتطورة” وصولاً إلى تقديم مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني عرضاً للإدارة الأميركية الجديدة يقضي بعدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً مقابلَ تعويضات وامتيازات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سبق السيف العذل! | نعيم قاسم: سنكون يدًا بيد مع الحكومة اللبنانية لإعادة الإعمار | إلقاء قنابل مضيئة على منازل في عيترون |