اتفاق وقف إطلاق النار في خطر.. الإنسحاب من الناقورة ليس معياراً

إنّ فشل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني يعكس المأزق العميق بين المطالب الإسرائيلية، وحسابات الحزب والمواقف اللبنانية. هذا الوضع يضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة، سواء باتجاه تصعيد جديد أو بإيجاد صيغة توافقية تقود إلى تهدئة مستدامة. هذه المرة ستكون مهمة آموس هوكشتاين أصعب من سابقاتها!
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
على الرغم من تنفيذ إسرائيل انسحاباً جزئياً من القطاع الغربي وتحديداً من الناقورة في الساعات الماضية يبقى الجنوب اللبناني في حالة من التوتر السياسي والأمني نتيجة تعثّر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة. السبب الرئيسي وراء هذا التعثر يكمن في التباين الكبير بين متطلبات الأطراف المعنية، وخاصة إسرائيل ولبنان، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بدور حزب الله في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني.
أحد أبرز العقبات التي أعاقت تنفيذ وقف إطلاق النار هو امتناع إسرائيل عن الانسحاب إلى ما وراء “الخط الأزرق”، الذي تم ترسيمه كحدود دولية بين لبنان وإسرائيل بعد الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000. تصرّ إسرائيل على أنّ انسحابها مرتبط بشروط أمنية تضمن لها تفكيك بنية حزب الله بالكامل في المنطقة.
إسرائيل ترى أن تفكيك بنية حزب الله العسكرية جنوب الليطاني هو الشرط الأساسي لأي انسحاب، حيث تعتبر أن وجود هذه البنية يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. ورغم الضغوط الدولية، تواصل إسرائيل ربط أي خطوة انسحابية بتحقيق تقدم ملموس في هذا الملف.
على الجانب الآخر، يوافق حزب الله شكلاً على إخلاء جنوب الليطاني لكنه لا يترجم ذلك إلى أي أفعال فهو يعتبر أنّ هذه المنطقة جزء من استراتيجية الدفاع عن لبنان ضد أي اعتداء إسرائيلي محتمل. هذا الموقف يشكّل عقبة رئيسية أمام تطبيق بنود القرار الأممي 1701، الذي ينص على خلو المنطقة الواقعة جنوب الليطاني من أي قوات أو ميليشيات مسلحة باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
لبنان، من جهته، يصرّ على أنّ الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى ما وراء “الخط الأزرق” يجب أن يسبق أي خطوة من جانبه لنشر الجيش اللبناني في المنطقة أو تطبيق القرار 1701. الحكومة اللبنانية تعتبر أن الانسحاب الإسرائيلي هو الأساس لبدء عملية تثبيت الاستقرار جنوبًا، وتؤكد على ضرورة احترام سيادة لبنان على أراضيه كافة.
هذا الشرط اللبناني، رغم مشروعيته من الناحية السيادية، يضع الاتفاق في دائرة الجمود، حيث ترفض إسرائيل اتخاذ أي خطوة أحادية الجانب دون ضمانات أمنية واضحة.
نتيجة لهذه التناقضات، تعثّر تنفيذ وقف إطلاق النار واستمر الوضع الميداني في التدهور، مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله، بالإضافة إلى الضغط الدولي المتزايد على لبنان لتطبيق بنود القرار 1701.
يُبرز هذا التعثر هشاشة التفاهمات الدولية في منطقة معقدة كهذه، حيث تتشابك الأبعاد السياسية والأمنية مع التعقيدات الإقليمية. ومع استمرار الجمود، يبدو أن تحقيق أي تقدم يتطلب حلاً شاملاً يضمن مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك انسحاب إسرائيل، وانتشار الجيش اللبناني، وضمانات بعدم استخدام الجنوب كمنصة لأي عمل عسكري.
إن فشل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني يعكس المأزق العميق بين المطالب الإسرائيلية، وحسابات حزب الله، والمواقف اللبنانية. هذا الوضع يضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة، سواء باتجاه تصعيد جديد أو بإيجاد صيغة توافقية تقود إلى تهدئة مستدامة.
هذه المرة ستكون مهمة آموس هوكشتاين أصعب من سابقاتها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() البيان الوزاري: ممنوع الالتباس | ![]() حكومة في حقل الألغام: لا موافقة دولية على إعطاء حقيبة المال للثنائي | ![]() هل عادت جهودُ تشكيلِ الحكومة اللبنانية إلى نقطة الصِّفر؟ |