مواجهة “العنف” بـ”العنف”… “كفى” تستخدم الدعاية الإسرائيلية للتّرويج!

اليوم على المنظمةِ أن تسحب تبريرَها أوّلًا. وأن تعتذرَ مرة واثنتين وعشراً لكلّ مواطن لبناني تضرّر بما نَشَرَتْه. لكلّ مواطنٍ تدمّر منزله بتحذير، لكلّ مواطن ما زال ينتظر رفع أشلاء طفلِه أو شقيقِه بعدما أرداه تحذير!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
مهما كانت الغاية، فهي هنا لا يمكن أن تبرّرَ الوسيلة، ولا يمكن أن يتحوّل الذّعر وأن تتحوّل تحذيرات الموت إلى حملة دعائية!
ما قامت به منظمة “كفى”، ساقِط أخلاقيًّا، وحذْف الصور مع محاولة التّبرير هو سقوطٌ آخر، إذ كان على القيّمين على المؤسَّسة أن يملكوا جرأةَ الاعتذار، وأن يعترفوا أنَّ ما ارتكبوه هو جريمة بحقِّ أوجاعِنا، بحقِّ مُناخ الرّعب الذي حاصرنا، بحقِّ مرحلةٍ نحاولُ أن نتجاوزَها، والعديد منا يخضع لعلاجٍ كي يتخلص من تأثيرِها.
فالمنظمة، التي عنوانها حماية النّساء من العنف، قررت اليوم ومن دون سابق إنذار أن تستعينَ بـ”أفيخاي أدرعي”، وفي لحظةٍ تحوّلَ الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى مدرسةٍ في فنون الحملة الدعائيةِ ما دفع بمنظمةٍ ذات طابع إنساني وتوعوي ومناهض للعنف والأذى إلى أن تستفيد من تجربته “الدموية”.
بصورةٍ تشبهُ التّحذيرات، تحذيرات الموت، بتصميمٍ مشابهٍ تمامًا، وبلغةٍ تحاكي لغة أدرعي، قررت المنظمة أن تواجِهَ العنف!
من يرى الصورةَ للوهلة الأولى، يظنّ أنّها على صفحة أفيخاي، ويعيش الرعب عينه، ويستعيد كل تلك اللحظات المريرة عينها، وقبل أن يدرك أنَّ ما يراه هو مجرّد فكرة غبيّة لحملة، يندفع للبحث عن المِنطقة، المَبنى، خوفًا من أن يكون محاذيًا لقريبٍ أو صديق.
هذه الصّورة، التي تمّ وضعها في سياقِ مواجهةِ العنف، وحمايةِ المرأة، قوبلت بمواجهةٍ عنيفةٍ على مواقع التواصل، فالذّاكرة لم تنسَ انهيار المباني، وكيف تنسى وأمس انهار مبنًى في الضاحية جرَّاء الحرب الأخيرة!
وكيف ننسى؟ وأدرعي ما زال حتّى يومِنا هذا يغرّد محذّرًا الجنوبيّين من العودة إلى منازلهم!
وتحت وطأةِ ردود الفعل العنيفة التي قوبلت بها الحملة، قررت المنظمة حذْف الصُّوَر، من دون أن تتراجعَ، بل وأكثر من ذلك حاولت توظيفَ الخوفِ الذي أصابَنا في سياقِ إصابةِ الهدف!
وأي هدفٍ هذا؟ ولنعد إلى السؤال الأهم، وأي حملةٍ هذه؟ ومتى أصبح أدرعي “قدوةً”، كي نتمثّل بأسلوبِه! كي نتقمَّصَ تغريداتِه التي تهدِّدُ أمنَنَا وحياتنا.
منظمة “كفى”، هي من مارست اليوم العنف، فالعنف ليس فقط يدًا تصفعُنا، ولا صوتًا يشتمنا، العنف أيضًا هو ما يصيبُ النَّفس ويقلقُ الأمنَ، ويضرّ باستقرارِنا!
اليوم على المنظمةِ أن تسحب تبريرَها أوّلًا. وأن تعتذرَ مرة واثنتين وعشراً لكلّ مواطن لبناني تضرّر بما نَشَرَتْه. لكلّ مواطنٍ تدمّر منزله بتحذير، لكلّ مواطن ما زال ينتظر رفع أشلاء طفلِه أو شقيقِه بعدما أرداه تحذير!
لكلّ مواطن هجّرَه تحذير! لكلّ مواطن أصيب وما زال يحاول استعادة عافيته بسبب تحذير!
“كفى”، أجل “كفى”، فصوت الموت لا ولن يكون نافعًا في حملة توعوية!
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() “غزة”.. يا ليته كان انتصاراً! | ![]() لا أسف على جبران باسيل! | ![]() “الحزب” أضاع طريق القدس مجدداً.. بيروت لن تكون أبداً طهران! |