الثنائي وخيار “عليَّ وعلى أعدائي”

يريد الثنائي الشيعي الاستمرار في عملية الهيْمنة والسّيْطرة فعمد إلى ممارسة سياسة الحَرَد أوَّلًا بانتخابات رئاسة الجمهورية وتسمية الرّئيس المكلّف واستشاراته، ليعودَ بعدها ويمارس سياسة القضْم في تشكيلِ الحكومة، فَضَمِنَ بدايةً 4 وزراء يوالون الثّنائي في شكل أعمى، ثمَّ حاول ويحاول أنْ يقضمَ الوزير الخامس كي يستخدمَ سلاحَ ما يُعرف بالميثاقيّة ساعة يشاء، كي يفرض شروطه وكي يحتفظ بموقع القوّة التعطيلي واستمرار السيطرة على القرار.
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
يخوض ثنائي حزب الله وحركة أمل آخر المعارك عند خط الدّفاع الأخير عن مصالحِهما ومواقع القوى التي يتمتّعون بها في لبنان، وفي هذا السّياق أتت مطالبهما في الحكومة وأهمّها أن يكون الوزراء الشيعة الخمسة من حصتِهم الصّافية وأن يخضع هؤلاء لهما بشكلٍ كامل لا لبس فيه، باعتبار أن الوزراء الخمسة هم الوسيلة الوحيدة المتبقيّة لهذا الثنائي من أجل ممارسة سياسة التعطيل التي اتقنوها، بعدما فقدوا ما كان يتوفّر لهم في الحكومات السابقة لجهة ما يعرف بالثّلث المعطِّل.
لم يعُد التيار الوطني الحرّ وحلفاؤه في الحكومة، حتَّى أنَّ وجود المردة بوزيرٍ واحد لا يؤمن ثلثًا معطِّلًا للثّنائي هذا إذا أراد وزير المردة الوقوف إلى جانبهم، وبالتّالي لم يَعُدْ أمام حزب الله وحركة أمل سوى استخدام بدعة الميثاقيّة كسلاحٍ تعطيلي ولذلك يتمسّكان بأن يكون الوزراء الشيعة الخمسة في حظيرتِهم يحرّكونهم كما يشاؤون ويستخدمونهم في أي عملية خلاف سياسي يرون أنَّ التعطيل فيها سيكون مفيدًا لهم وهذا ما قاموا به بالتّحديد في حكومة الرّئيس فؤاد السنيورة في 11 تشرين الثاني 2006 عندما استقال الوزراء الشّيعة، وأتْبَعوا استقالاتهم باعتصامٍ في وسط بيروت مع التيّار الوطني الحرّ وصولًا إلى هجومهم العسكري ضدّ بيروت والجبل في 7 أيّار 2008 وانتهاءً باتفاق الدوحة الذي منحهم الثّلث المعطِّل؛ فهل يكرِّر هذا الثّنائي هذه التجربة مجدَّدا؟
في سياقِ تسلسل الأحداث، هناك من يقول إنَّ حزب الله كان يجب ألّا يُمَثَّلَ في الحكومة، إلّا أنَّ استناد البعض إلى ما يُعرف بالمراعاة وتدوير الزوايا قرَّر ألّا يلجأ إلى هذه الخطوة، معتبرًا أنَّ تمثيلَ حزب الله ولو بشكلٍ مقنَّع قد يحدُّ من جنوحِه نحو الاستمرار في السّيطرة على قرار الدولة، ولكنَّ حسابات هؤلاء لم تنطبِقْ على ما يريده حزب الله بالفِعل، إذْ إنَّه لم يسلِّمْ بالخسارة الكبيرة الماثلة للعيان ولم يسلِّمْ بمسؤوليته الوحيدة عن الدمار الذي لحق بالبلد، بل على العكس أراد مع حركة أمل الاستمرار في عملية الهيْمنة والسّيْطرة وعمد إلى ممارسة سياسة الحَرَد أوَّلًا بانتخابات رئاسة الجمهورية وتسمية الرّئيس المكلّف واستشاراته، ليعودَ بعدها ويمارس سياسة القضْم في تشكيلِ الحكومة، فَضَمِنَ بدايةً 4 وزراء يوالون الثّنائي في شكل أعمى، ثمَّ حاول ويحاول أنْ يقضمَ الوزير الخامس كي يستخدمَ سلاحَ ما يُعرف بالميثاقيّة ساعة يشاء مستخدمًا الحاجةَ المُلِحَّة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لتشكيل حكومة كي يفرض شروطه عليه وكي يحتفظ الثنائي بموقع القوّة التعطيلي واستمرار السيطرة على القرار.
إنَّ ما يجري مع ثنائي حزب الله وحركة أمل في الموضوع الحكومي أصبح يحتِّمُ على رئيس الجمهورية والرّئيس المكلّف خيار المواجهة السياسيّة، فهما كان مرفوضان من هذا الثنائي ولا يزالان ولذلك لم يوقف هجومه عليهما مستخدمًا منذ انتخاب عون وتكليف سلام تكتيكاتٍ مختلفةٍ ولكنّها في النهاية توصِلُ إلى نتيجةٍ واحدة وهي أنَّ الثنائي يؤمن في هذه المرحلة بشِعار “عليَّ وعلى أعدائي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الدولة بين واقع “الحزب” وواقع المجتمع الدولي | ![]() ورقة قوة أم ورقة التوت | ![]() من هوكشتاين إلى أورتاغوس |