“خطر مزدوج”… طوني بولس يحذّر من المفعول الرجعي لقانون السرّية المصرفيّة!

المطلوب اليوم هو نهج إصلاحي فعلي، لا شعارات فارغة. يجب اعتماد إصلاحٍ شفافٍ، مدروسٍ، ومحترِمٍ للأصول القانونية والدستورية، يُعيد بناء الجسور بين الدولة والقطاع المالي والاقتصادي والمجتمع الدولي.
خاص “هنا لبنان”:
يُثير مشروع تعديل قانون السرّية المصرفيّة المطروح أمام اللجان المشتركة جدلًا كبيرًا بسبب إدراجه مفعولًا رجعيًا يرفع السرّية عن حسابات الزبائن.
ويُعتبر هذا التعديل تهديدًا للاستقرار التشريعي والاجتماعي وللحياة الخاصة، إذْ يفتح الباب أمام ملاحقاتٍ بأفعالٍ كان القانون يتغاضى عنها سابقًا. كما أنّه يضرب الثّقة بالقانون اللبناني ويشوّه صورة لبنان كملاذٍ ماليّ آمِن…
في هذا السّياق، يعتبر الصحافي طوني بولس، في حديث لـ”هنا لبنان”، أنّ “المجلس النيابي اللبناني انصاع للضغوط الدولية التي تمارَس عليه، وذلك للموافقة على تطبيق قانون المفعول الرّجعي الخاص بالسرّية المصرفيّة، وقد تزايدت الضغوط من قبل جهاتٍ دوليةٍ، في وقتٍ يَشْهَدُ لبنان وجود العديد من الشخصيات الفاسدة التي تستفيد من هذا النظام القانوني”.
ويضيف بولس: “هذه الخطوة تأتي في وقتٍ كان القضاء اللبناني قادرًا فيه على اتخاذ إجراءاتٍ حاسمةٍ، لو قام بدوره منذ البداية. لو أنّ القضاء كان قد بدأ فعلًا بمحاسبة الفاسدين، لكان بالإمكان رفع السرّية المصرفيّة وِفقًا للقوانين اللبنانية، وبالتّالي مُحاكمة المسؤولين عن الفساد. ولكن، ومع تقاعُس القضاء عن اتخاذ هذه الإجراءات في الوقت المناسب، فُتحت الساحة أمام الدول للضغط على لبنان، مما أجبره على اتخاذ قراراتٍ تتعارض مع مصالحِه الوطنية، وتضعه في مواجهة تحدّيات جديدة قد تؤثر في استقراره المالي والاقتصادي في المستقبل”.
ويقول بولس: “المضيّ في قرارات تشريعية تعتمد المفعول الرجعي، خصوصًا في قوانين شديدة الحساسيّة كقانون السرية المصرفية، يشكّل خطرًا مزدوجًا، فهو من جهة يقوّض الاستقرار القانوني المطلوب لأيّ بيئةٍ استثماريةٍ، ومن جهةٍ أخرى يسهم في دفع مَن تبقّى مِن المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين بعيدًا عن الساحة اللبنانية”.
ويتابع: “هذا النّوع من القرارات يخلق بيئةً قانونيةً غير مستقرّةٍ، ويفقد لبنان القليل المتبقّي من ثقة المستثمرين والقطاع الخاص، ويُضعف آمال استقطاب رؤوس الأموال التي تُعدّ عاملًا أساسيًا في أيّ عملية نهوض اقتصادي”.
ويذكّر بولس بأنّ “لبنان تاريخيًا بنى جزءًا كبيرًا من اقتصاده على الثقة بالنظام المصرفي، وكانت السرّية المصرفيّة إحدى ركائز هذا النموذج، حتى وإن تمّ انتقادها لاحقًا. لا يمكن اليوم ببساطةٍ كسر القوانين من الخلف وبأثر رجعي، فهذا يضرب مبدأ الأمان القانوني، ويُظهر الدولة وكأنّها تُعيد صياغة القواعد بعد وقوع الأحداث، ما يخلق حالةً من الذّعر القانوني والمؤسّساتي”.
ويتابع: “الاستثمار ليس مجرّد رأسمال يبحث عن فرصةٍ، بل هو سلوك يَعتمد بالدرجة الأولى على الثقة بالنظام. كيف لمستثمرٍ أن يغامر بأمواله في بلدٍ قد يُغيّر قوانينه بأثر رجعي، ويُعيد تفسير التشريعات بحسب الظروف السياسية؟”.
ويشدّد بولس على أنّ “المطلوب اليوم هو نهج إصلاحي فعلي، لا شعارات فارغة. يجب اعتماد إصلاحٍ شفافٍ، مدروسٍ، ومحترمٍ للأصول القانونية والدستورية، يعيد بناء الجسور بين الدولة والقطاع المالي والاقتصادي والمجتمع الدولي. أمّا اللجوء إلى أدوات غير قانونية، كفرض المفعول الرجعي، فلن يؤدّي سوى إلى تعميق الانهيار، وفقدان ما تبقّى من الثقة الشعبية والدولية”.
ويختم بولس تحذيره بالتأكيد على أنّ “الشفافية لا تُبْنَى على خرق القوانين، بل على احترامِها وتطويرِها بشكلٍ تدريجيّ وتوافقيّ، وإلّا فإننا نراكم أسباب الانهيار بدل معالجتها”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() حزب الله والرسائل الإقليمية عبر اليونيفيل | ![]() “غوغل” تطلق أدوات الذكاء الاصطناعي لتعلم اللغات | ![]() جنبلاط: الدروز جزء من سوريا ومستعد للذهاب الى دمشق |