غارة الضاحية رسالة إسرائيلية بالنّار: مهلة نزع السلاح محدودة وإلّا…

لا حل لمسألة السلاح إلّا من خلال استعمال القوة، فيما قرار المجتمع الدولي ثابت وواقعي ولن يعطي المزيد من الوقت، بل المزيد من الضغط العسكري، لانّ المهلة الزمنية لتسليم السلاح غير مفتوحة، وتتجه نحو إصرارٍ لن تتراجع عنه عنوانه: “نزع السلاح أوّلًا”، أي قبل تنفيذ أي مطلب، وغير ذلك غير وارد على الإطلاق.
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
في ظلّ تلاعب “حزب الله” عبر المواقف التي يطلقها مسؤولوه للسّير بين ألغام سلاحه، لاعتقادهم أنهم يتذاكون على المجتمع الدولي لتمرير الوقت، إلّا انّ للتذاكي فترة معينة لا يمكن ان تستمر طويلًا، لانّ اللعب على الوقت لا يفيد بل ينتج عنه لاحقًا رسائل تُطلق في كل الاتجاهات، كتلك التي أطلقها الإسرائيليون بعد ظهر الاحد عبر غارةٍ إستهدفت الضاحية الجنوبية للعاصمة، بعد إنذار مفاجئ أطلقه الجيش الإسرائيلي، محذّرًا سكّان أحد المباني في منطقة الحدت – حي الجاموس، الامر الذي أحدث بلبلةً وذعرًا وحالةً من النزوح الفوري، في وقتٍ لم يتم الاعلان فيه عن إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل من الجنوب اللبناني.
في المقابل، أعلن بنيامين نتنياهو أنّ جيشه هاجم البنية التحتية التي خزّن فيها حزب الله صواريخ دقيقة، ما يؤكّد إطلاق إنذار إسرائيلي واضح جدًا أنّ الحرب ليست مستبعدةً أبدًا، وهناك استعداد لجولات جديدة في حال لم يتمّ تسليم السلاح شمال الليطاني، وأنّ كل المناطق التابعة سياسيًا للحزب معرّضة للاستهداف في أي لحظة، وبالتالي فالقصف سيتواصل ويشتدّ وكل تهديد إسرائيلي هو حقيقي، ولا يتماشى مع تفكير الحزب الذي يواصل رهاناته الخاطئة، وأبرزها محاولته اللعب على حبل السلاح والجدل السياسي مع الداخل لانه لا يفيد، كذلك رفضه لأي نقاش او تفاوض بشأن تسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، مما يعني انه لن يقوم بأي خطوة إيجابية من شأنها إنهاء هذه الحرب القابلة للتوسّع.
كل ذلك، بالتزامن مع اقتراب زيارة الموفدة الاميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان الشهر المقبل، بعدما وصلت مواقفها إلى كل الآذان وفي طليعتهم حزب الله، الذي فهم تداعيات الضغوطات الدولية عليه، وأولها رسالة واشنطن لبيروت التي طالبت بتسليم السلاح في اقرب وقت، كما وصلت إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي يحاور بتوكيلٍ من الحزب، مع نصيحته بتسليم السلاح بهدوء بعد الكلام الذي سمعه من الموفدة الاميركية، لانّ الإجراءات ستكون قاسية جدًا وغير مسبوقة بحق لبنان ولا أحد قادر على تحمّلها.
أمّا خطاب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم، فقد قلبَ موقف برّي وتحدّى موقف اورتاغوس أي كل الاميركيين، معلنًا رفضه التخلي عن السلاح مع استعادة شعارات باتت من الماضي، لكن رفيقه محمود قماطي استذكرها بالقول: “كل يد ستمتدّ إلى سلاح المقاومة ستُقطع”.
إلى ذلك، يُفهم من كل ما يتردّد اليوم من أمجاد الماضي، بأنّ مسؤولي حزب الله يريدون إعادة إعتبارهم، من خلال محاولة التمسّك ببقائهم كلاعبين اساسيين قادرين على التحكّم بالبلد، وبإعادة عقارب الساعة الى الوراء، عبر التهديد كل فترة بـ 7 أيار جديد، علّهم ينسون سلسلة الهزائم والخسارات التي تكبّدوها، فيعيدون المعنويات إلى البيئة الحاضنة التي لم تعد تحمل هذه الصفة، ولم تعد تستوعب كل التّناقضات والشعارات الصورية، التي ولّى زمنها إلى غير رجعة. والدليل ما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي، إذْ يحاول قسم كبير من تلك البيئة فهم حقيقة ما يجري، من دون ان يتلقّوا أي جواب على أسئلتهم، وهذا ما شهدناه عصر الاحد حين تحدث النائب ابراهيم الموسوي مباشرةً من مكان الاستهداف في الضاحية قائلًا: “على اللبنانيين التحرّك وإدانة العدوان، وإذا كانت الدول تدّعي أنّها صديقة للبنان فلتزوّد الجيش اللبنانيّ بالسلاح المناسب”، متناسيًا أنهم قرّروا الحرب من دون موافقة الدولة اللبنانية، وتفرّدوا برأيهم وكأنّهم الشرعية، فإذا بأحد المناصرين يسأله مباشرة لماذا لا تردّون على الغارات الاسرائيلية الني تتعرّض لها مناطقنا؟، ألم تشاهدوا ماذا يُكتب يوميًا على مواقع التواصل بأننا خسرنا الحرب؟، فأين الوعود بالانتصارات؟، من دون ان يتلقّى أي جواب من الموسوي الذي تابع تصريحه وكأنه لم يسمع شيئًا!”.
في غضون ذلك، أشار مصدر أمني مطّلع لـ”هنا لبنان” إلى “أنّ الأيام المقبلة قابلة لتطوّرٍ عسكري، ردًّا على مواقف مسؤولي الحزب، ورسمهم خطوطًا حمراء أمام ملف سحب سلاحهم، ووضعهم الشروط بدءًا بالانسحاب الاسرائيلي من النقاط الخمس في الجنوب، وإطلاق الاسرى اللبنانيين ووقف الاعتداءات، والبدء بإعادة الاعمار قبل الموافقة على تسليم سلاحهم، مع تمسّكهم باستراتيجية دفاعية، الامر الذي يؤكد ألّا حل لمسألة السلاح إلّا من خلال استعمال القوة، فيما قرار المجتمع الدولي ثابت وواقعي ولن يعطي المزيد من الوقت، بل المزيد من الضغط العسكري، لانّ المهلة الزمنية لتسليم السلاح غير مفتوحة، وتتجه نحو إصرار لن تتراجع عنه عنوانه:” نزع السلاح أولًا”، أي قبل تنفيذ أي مطلب، وغير ذلك غير وارد على الإطلاق، وإلّا سيقابله غياب كليّ لإعادة الإعمار الذي ينتظره سكان الجنوب بصورة خاصة، مع انعدام التعافي من الانهيار المالي، وغياب عمليات النهوض بلبنان من كل النواحي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لغة قاسم وصفا لم تعد تنفع… ملف سلاح “الحزب” سيُحلّ خلال عام | ![]() تفاؤل حذر بحلّ ملف السلاح… ماذا في نوايا “الحزب” وحقيقة ليونته؟ | ![]() أورتاغوس سمعت حقيقة الواقع اللبناني: قرار تسليم سلاح “الحزب” يأتي من إيران! |