مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة 2025 يحتفي بريادة النساء على الشاشة الكبيرة


خاص 30 نيسان, 2025

يعمل مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة 2025 على إطلاق مبادرات اجتماعية ومهنية تُمكّن المرأة من الانخراط في سوق العمل بكفاءة وعلى مختلف الأصعدة. ومن أبرز هذه المبادرات المشروع الذي أُطلق هذا العام بالتعاون مع شركة “الصبّاح”، والذي تحوّل من مبادرة إلى مشروعٍ متكاملٍ. ويهدف هذا التعاون إلى جعل شركة الصبّاح أوّل شركة في العالم العربي تطبّق مفهوم “البيئة الآمنة” للنساء العاملات في مجال السينما والدراما التلفزيونية.

كتبت ريتا بريدي لـ”هنا لبنان”:

في خضمّ أجواء الرّبيع البهيّة، عانقَ مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة سماء لبنان من جديد في دورته الثامنة، تحت شعارٍ نبضهُ التألّق والطموح “نساء من أجل القيادة”، هذا الحدث السنوي الذي يعكس الوجه المشرق لهذا الوطن من الناحية الثقافية، الإبداعيّة ويُبرز تميّز المرأة في هذا المجال.

افتُتح المهرجان في حفلٍ استثنائيّ في “كازينو لبنان”، حيث تلألأت الأنوار احتفاءً بالضيوف، بِكوكبةٍ من النّساء الملهمات وبالمُكرّمات بينهنّ النجمة المصريّة التونسيّة هند صبري تقديرًا لمسيرتها الفنيّة اللامعة وإسهاماتها البارزة في عالم السينما.

وليس تكريم هند صبري وحده ما ملأ قلب ليلة الافتتاح بهجةً، بل كانت مختلف تفاصيل هذا المهرجان، من التنظيم إلى الأجواء، تحمل طابعًا مميزًا يعكس الإبداع والتميّز، ما جعل هذه اللحظات تُحفظ في ذاكرة الجميع كواحدةٍ من أروع لحظات الفرح والاحتفال.
توزّع التكريم أيضًا بين الدكتورة جاكلين معلوف رئيسة “التجمع الوطني للسكري”، احتفاءً بجهودها الاجتماعية، ومايسة بو عضل رئيسة “مجموعة HOLDAL” تأكيدًا على تألّق المرأة اللبنانية في ساحة الأعمال والريادة.

وفي حديثٍ خاصٍ لموقع “هنا لبنان”، يؤكد مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد أنّ “مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة كان من أوائل المهرجانات التي خصّصت مساحةً أساسيةً لقضايا المرأة وتحدّياتها، ومنحها منصةً لتروي قصصها ورؤيتها للحياة والمجتمع. واستمرار المهرجان على مدى ثماني سنوات على الرغم من الظروف الصعبة في لبنان يُعدّ بحد ذاتِه تحدّيًا ونجاحًا ورسالةً بأنّ لبنان لا يزال ينتج السينما ويجمع الفنانين من العالم العربي والعالم، ويؤدي دوره الثقافي كمنارةٍ للفن في المنطقة”.

وأضاف أن “المهرجان يُسلّط الضوء على قضايا معاصِرة تمسّ مجتمعنا، مثل الحروب، الهوية، الهجرة، العدالة بين الجنسيْن، والتحدّيات البيئية… من خلال أفلامٍ ملتزمةٍ تعبّر عن هموم الناس اليومية، حتى وإن لم تكن تجاريّة، لكنّها تحمل قيمةً فكريةً وإنسانيةً كبيرة. ويشكّل مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة علامةً فارقةً بين المهرجانات العربية، بتميّزه في تسليط الضوء على قضايا المرأة ودورِها في المجتمع، وبما يقدّمه من أفلامٍ تعكس رسالةً واضحةً على المستوييْن العربي والدولي. كما أنّه بات مساحةً للحوار والتبادل بين صنّاع السينما من لبنان والعالم، من خلال عروضه وجلساته النّقدية المتخصّصة، مما يمنحه طابعًا خاصًا ومكانةً مميّزةً في المشهد السينمائي العربي”.

وأشار الصمد إلى أنّ لبنان يحتضن عددًا كبيرًا من المهرجانات السينمائيّة في بيروت ومختلف المناطق، وقد باتت جزءًا ثابتًا من الروزنامة العربية والدولية بفضل نجاحاتها وجودة الأعمال التي تقدّمها. في حين أن وزارة الثقافة لا تنظّم مهرجانًا خاصًّا، بل تتابع وتدعم المهرجانات القائمة لضمان استمراريتها، على الرغم من التراجع الكبير في الموازنة المخصّصة لهذا القطاع خلال السنوات الماضية”. وفي هذا الإطار علّق الصمد: “نحن حاليًا مع وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة نعمل على تعزيز ذلك وعلى الحصول على موازنةٍ تسمح لنا بدعم حقيقي أكبر للمهرجانات الموجودة”.

ويختم الدكتور علي الصمد، مدير عام وزارة الثقافة، حديثه لموقع “هنا لبنان” برسالة وجّه فيها تحيةً لمهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة مثمّنًا الجهود الكبيرة المبذولة في تنظيمه على الرغم من التحديات التي يواجهها لبنان، مشيدًا باختيار المرأة كقضيةٍ محوريةٍ للمهرجان، لما لذلك من دورٍ في تسليط الضوء على أفكارها وهمومها، وتعزيز حضورها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتربوية والثقافية”، ويقول: “رسالتي لهم بضرورة الاستمرار والبدء بالتفكير والتخطيط للدورة المقبلة من المهرجان، وأبواب وزارة الثقافة مفتوحة لهم وشراكتنا ستبقى مستمرّة في سبيل تحقيق أهداف هذا المهرجان”.

يستمرّ المهرجان حتى الثالث من شهر أيار/ مايو مغمورًا بمجموعة أفلام سينمائية من أكثر من 45 دولة، تشمل أعمالًا متنوعة بين الواقعي، الوثائقي، القصير، والطويل، بالإضافة إلى أفلام الرسوم المتحركة والتجريبية وأعمال الرقص السينمائي. تُعرض الأفلام في صالات “Grand Cinemas” بمجمّع “ABC ضبية”، حيث يلتقي عشّاق السينما في ندواتٍ حواريةٍ ونقديةٍ تسلّط الضوء على فنّ المرأة في السينما. ويختتم المهرجان بحفل توزيع الجوائز في 3 أيار، حيث تختار لجنة تحكيم مكوّنة من 29 شخصيةً فنيةً الأعمال الفائزة، مما يعزّز رسالة المهرجان في دعم القيادة النسائية والإبداع بلا حدود.

وفي حديثٍ لموقع “هنا لبنان”، يُطلعنا مؤسس ورئيس مجتمع بيروت السينمائي في لبنان سام لحود على الأمور التي اختلفت عن السنوات الماضية في مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، ويقول: “بالتأكيد، لا يتعلق الأمر فقط بأنّ لكلّ جديد له نكهة خاصة، بل أيضًا لأن إقامة مهرجان في بلد مثل لبنان، الذي يشهد تحوّلات سريعة وأزمات متلاحقة، يفرض على المهرجان أن يتأقلم مع هذه التغيّرات، ومن الطبيعي أن يحاول المهرجان أن يعكس الواقع، ويُظهر رؤيته لكيفية التعامل مع هذه الأزمات. منذ عام 2019 وحتّى اليوم، ومع كل ما مررنا به، أطمح لأن يُعبّر المهرجان في كلّ عام عن وجهٍ جديدٍ وتوجّهٍ جديدٍ، وأن يواكب ما يجري على الأرض، ويشكّل نوعًا من الدعم النفسي والمعنوي للناس، ليؤكّد أننا ما زلنا موجودين، وما زلنا مستمرين، وأنّ لبنان لا يزال قادرًا على النهوض، حتى وإن كان الواقع يبدو أكثر سوداويةً”.

أمّا عن أهداف مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، يُشير الى أنّها واضحة، فهذا الحدث ينتمي إلى فئة المهرجانات ذات البُعد الاجتماعي، حيث يسلّط الضوء على قضايا النساء، والمرأة بشكلٍ خاصٍّ، وقضايا المجتمع بشكلٍ عام. وغالبًا ما تندرج هذه المواضيع تحت مظلّة قضايا المرأة، وفقًا لطبيعة الأفلام المعروضة، بحيث يكون هناك متابعة حثيثة للمواضيع المطروحة. تتمثّل الأهداف العامة للمهرجان في تسليط الضوء على حضور المرأة في سوق العمل، وفي الصورة التي تُقدَّم بها في وسائل الإعلام والسينما. ويهدف المهرجان إلى الإسهام في تحسين هذا الواقع من خلال برامجه ونشاطاته”.

على صعيد آخر، يعمل المهرجان على إطلاق مبادرات اجتماعية ومهنية تُمكّن المرأة من الانخراط في سوق العمل بكفاءة وعلى مختلف الأصعدة. ومن أبرز هذه المبادرات المشروع الذي أُطلق هذا العام بالتعاون مع شركة “الصبّاح”، والذي تحوّل من مبادرة إلى مشروعٍ متكاملٍ. ويهدف هذا التعاون إلى جعل شركة الصبّاح أوّل شركة في العالم العربي تطبّق مفهوم “البيئة الآمنة” للنساء العاملات في مجال السينما والدراما التلفزيونية.

وأضاف: “يساهم المهرجان في دعم جميع المبادرات والمحاولات والمشاريع المرتبطة بقضايا المرأة في لبنان والعالم العربي. كما أصبح يشكّل محطةً أساسيةً لتضخيم صوت السينما وتسليط الضوء على الأفلام التي تتناول هذه القضايا. فكما تعلم، حين يصنع المخرجون أفلامًا عن قضايا مجتمعية وإنسانية، يكون صوتهم مسموعًا، لكن من خلال المهرجان، يتضاعف هذا الصوت، ويُمنح زخمًا إعلاميًا أكبر، مما يسمح بتوسيع دائرة النقاش والحصول على تغطية أوسع لتلك المواضيع”.

وفي حديثه لِـ”هنا لبنان”، يختم رئيس مجتمع بيروت السينمائي في لبنان سام لحود: “الموقف الذي أريد التعبير عنه، هو دعوة صادقة نوجّهها إلى كل امرأة، وكلّ شاب وشابة، لا للنساء فقط بل لكلّ الناس: لا تخافوا من رواية قصصكم. تحدّثوا عن تجاربكم، خاصة الشخصيّة منها. لا تكتفوا بنقل قصص الآخرين. ارفعوا أصواتكم، وعبّروا عنها من خلال أعمالكم، واعملوا على سينما جيّدة تعبّر عنكم بصدق. أمّا بالنسبة للمهرجان، فهو بالنسبة لي بمثابة أحد أولادي، عزيز جدًا على قلبي. أشعر بصعوبة في إيجاد الكلمات التي تعبّر عن مدى ارتباطي به. لكن ما أودّ قوله هو رسالة تقدير لفريق العمل كاملًا، من الشابات والشباب الذين يعملون معنا بإخلاص، وعلى وجه الخصوص زميلتي العزيزة دوريس سابا، المديرة الفنية للمهرجان. أقول لهم جميعًا: هذا المهرجان وُجد ليبقى. وأشكركم لأنكم تحافظون عليه، وتُبقونه حيًّا ومستمرًا. إنها مسؤولية كبيرة، على مستوى لبنان والمنطقة ككلّ، وعلينا أن نعرف كيف نصون هذه المسيرة. كما قلت، الصعوبات كثيرة، لكن الإرادة أقوى”.

يأتي مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة ليُحلّق بعيدًا عن كونه مجرّد حدث سينمائي، بل ليغدو منبرًا نابضًا يحتفي بإبداع المرأة ويُسلّط الضوء على حضورها الريادي في مشهد المجتمع. ففي كل مشهدٍ وكل مبادرةٍ يُطلقها “مجتمع بيروت السينمائي”، تتجلّى رؤية طموحة تجعل من لبنان وطنًا يحتضن السينما، في مسارٍ ينعش شرايين الاقتصاد الثقافي، ويجذب السياحة السينمائية محليًا وعالميًا.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us