الخوف على مدار الساعة: كيف تترك الإنذارات المتكرّرة جروحًا نفسية في وعي اللبنانيين؟!

خاص 30 نيسان, 2025

“الشعب اللبناني ما عاد يحتمل”، عبارة تتكرّر اليوم في الشوارع والمنازل وعلى الشاشات.

حيث تخلق التحذيرات والغارات التي تتبعها، حالةً من الذّعر الجماعي والهلع والتدهور النفسي الذي أصبح جزءًا من يوميّات اللبنانيين، حتى في المناطق التي لم تُستهدف مباشرة.

في هذا السّياق، يوضح د. جورج أبو مرعي، الاختصاصي في الطبّ النفسي العيادي، في حديث خاص لـ”هنا لبنان” أنّ الوضع النّفسي العام في البلاد أصبح هشًّا للغاية، مشيرًا إلى أنّ “التهديدات والإنذارات التي باتت تصل بشكل يومي إلى اللبنانيين لم تعد حالةً استثنائيةً، بل أصبحت واقعًا مألوفًا. فالناس تعيش في حالةٍ من التأهّب الدّائم، ومع كل إنذارٍ تُسجّل حالات هلع حقيقية…”

ويشير أبو مرعي إلى أنّ الانعكاسات النفسية والاجتماعية باتت خطيرة: “نرى حالات هلع وقلق شديد ونوبات ذعر وصراخ، وحتّى إطلاق نار عشوائي من بعض السكان كطريقةٍ لتحذير أهل المنطقة. كما حدث مع آخر إنذار منذ يوميْن حين أصيب عدد من الأشخاص برصاصٍ طائشٍ نتيجة ردّ الفعل العنيف تجاه الإنذار”.

ويضيف: “حتّى الناس الذين يعيشون في أماكن آمنة نسبيًا، يتعرضون لصدمة نفسية ثانوية تُعرف بـ”secondary trauma”، بسبب التفاعل مع الأخبار والفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الصدمات تترك آثارًا عميقةً على الصحة النفسية للأفراد”.

ومن نتائج هذا الضغط المتواصل، وفق أبومرعي: “الجروح القديمة تنفتح من جديد. أي صوت مرتفع يُعيد تفعيل الخوف لديهم، فيعانون من “flashbacks” وكوابيس واضطرابات ما بعد الصدمة تؤثر في حياتهم اليومية”.

وتابع: “والأعراض تمتدّ لتشمل اضطرابات النوم (insomnia)، القلق المزمن، وحتّى الاكتئاب، خصوصًا في الفئات الأكثر ضعفًا: الأطفال، النساء الحوامل، وكبار السن”.

ووِفق أبو مرعي فإنّ الأطفال هم الأكثر تضرّرًا فهم “لا يعيشون فقط حالة خوف لحظية، بل يكبرون في بيئة مشبعة بالقلق، ما ينعكس سلبًا على نموّهم العاطفي والعقلي، فنلاحظ تراجعًا دراسيًا، وفقدانًا للشهية، وفرط حركة، وسلوكيات عدوانية أو انعزالية”.

وفي ظلّ هذه الظروف، يشدّد أبومرعي على ضرورة دعم الصحة النفسية كأولويةٍ وطنيةٍ: “يجب أن نوفر أنظمة دعم نفسي داخل المدارس والمجتمعات، وندرّب المعلمين والأطباء والعاملين في الخطوط الأمامية. بإمكاننا تدريب الأطباء العامّين، وتدريب الأساتذة على كيفية التعامل مع جميع المتأثرين نفسيًا بطريقة علمية وصحيحة”.

كما يدعو إلى نشر الوعي عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتنشيط دور الجمعيات المحلية والدولية في توفير الدعم النفسي العاجل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us