لبنان بين فرصة بناء الدولة و”مكابرة” الحزب!


خاص 1 أيار, 2025

 

ما يحصل في الداخل اللبناني والتصعيد الكلامي لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم وبعض مسؤولي الحزب حول مسألة السلاح، وما سبقه وتلاه من غارات إسرائيلية على مناطق عدّة في الجنوب والضاحية، جعل اللبنانيين يطرحون سؤالًا مقلقًا: هل يتخلّى العالم عن لبنان في الفترة المقبلة إذا لم تنجح الدولة في إثبات فاعليتها؟

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

مَن يراقب الوضع في لبنان عن كثب يشعر بأنّه لا يزال محفوفًا بالمخاطر على الرَّغم من أنّ العالم كلّه في حالة ترقّب وتطلّع الى قدرته على بناء دولةٍ قويّةٍ خاليةٍ من السلاح غير الشرعي. وتؤكّد مصادر مطلّعة أنّ “المجتمع الدولي يعوّل على ثقته بقدرة الدولة على تسريع عملية حصر السلاح بيدها قبل فوات الأوان”، مشيرة الى أنّ “أمام لبنان فرصة ذهبيّة لإثبات جدارته في بناء دولة قادرة مستقلّة لا سلاح فيها إلا سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعيّة”.
تعب اللبنانيون من الحروب التي عاشوها على مدى عقودٍ مضت، ومنذ “حرب الإسناد” الأخيرة، سئموا الإنذارات “الأدرُعيّة” لإخلاء بيوتهم، ولم يعد بوسعهم تحمّل الخوف والهلع والنّزوح القسري، فمن يسمع مجالس الجنوبيين وأهل الضاحية يلمس بوضوحٍ أنّ فئةً كبيرةً من هؤلاء باتت تنادي بحصرية السلاح بيد الدولة وأن يُمسك الجيش بأمنِها علّهم ينعمون بالاستقرار ويفوّتون على العدو الإسرائيلي ذريعة استهدافهم في كلّ مرة.
ولأن الدولة اللبنانية هي صاحبة القرار، يرى الوزير السابق رشيد درباس، في حديثٍ الى “هنا لبنان”، أنّ “حصريّة السلاح لا بدَّ أن تتمّ بطريقةٍ هادئةٍ وتوافقيةٍ وربّما يكون هناك تطوّرات دراماتيكية لا نتمناها، لكنّ رئيسيْ الجمهورية والحكومة لن يفوّتا الفرصة لبناء دولةٍ قويّةٍ ومعالجة مسألة حصر السلاح”. ويقول درباس: “باعتقادي أنّ وجود فئةٍ في لبنان ممسكة بالسلاح ليست مؤشرًا إلى وحدة لبنان، بل قد تقود الى تفسّخه لأنّ معظم اللبنانيين لن يرضوا بهذا الأمر الواقع”. ويضيف: “من يراقب شاشة الأحداث يعلم أنّ لبنان موضع اهتمامٍ عربيّ ودوليّ وما لقاءات رئيس الجمهورية في الخارج والوفود التي تأتي لزيارته إلّا خير دليل على ما أقول، باعتقادي أنّنا خارجين من أزمةٍ صعبةٍ وسيكون حلّها صعبًا حتمًا”.
ويكثر الكلام في الآونة الأخيرة عن أنّ صبر المجتمع الدولي قد ينفد وأنّ الفرصة الذهبية لاستعادة الثقة لن تطول، غيْر أن الوزير السابق درباس ينظر الى ذاك الكلام من منظورٍ آخر، برأيه أنّه “ومنذ أربعين عامًا وتحديدًا منذ اتفاق الطائف والمجتمع الدولي لا يزال ينتظرنا، وفي كلّ مرّة تخلق عقبة جديدة ومشكلة مستعصية، إنّما المعضلات المركّبة لم تعد موجودة، بل هناك بقاياها، والأجدى بنا أن نعرف كيف نتعامل معها من دون السماح بتفاقمها وتحوّلها الى معضلات حقيقية”.
يبدو أنّ لبنان أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرّر بوجود رئيس جمهورية بمواصفات جوزاف عون، الذي يشدّد دائمًا على بناء الدولة وحصر السلاح بيدها وأن تكون هي الوحيدة المكلّفة بحماية سيادتها وأراضيها، فيما المواقف التي تصدر عن الحزب تبدو أشبه بالمغامرات منها الى المواقف السياسية وكأنه لم يتعلّم من الحروب الماضية، هذه هي الصورة التي توصِّفها مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” عن الوضع اللبناني، مشيرةً الى “أن الخيارات المُتاحة أمام الحزب ليست كثيرةً، ولعلّ خياره الوحيد في المرحلة الراهنة هو خضوعه لقرار الدولة، فتسليم السلاح هو المدخل الأساسي لبناء دولة، والحزب لا يستطيع أن يفصل بيْن موضوع السلاح، وبيْن أن يكون شريكًا في بناء الدولة ومكافحة الفساد في آنٍ”.
هنا تصف المصادر المطلّعة سلاح الحزب بأنه “الوسيلة الأقوى لتقويض الدولة ولمنع بسط سلطتها على كامل أراضيها”، وتقول: “هذا السلاح أثبت أنّه غير قادرٍ على حماية سيادة البلد وهو عاملٌ مزعزعٌ للاستقرار في الداخل”. وتشدّد على “أنّنا أمام فرصةٍ تاريخيةٍ ذهبيةٍ قد لا تتكرّر من أجل بناء الدولة، وإن قوّضها الحزب مجدّدًا فهذا يعني أنه يغامر ليس فقط بلبنان واللبنانيين، بل أيضًا بإمكانية وجوده كتنظيم سياسي له حضوره وتأييده الشعبي”.
ما يحصل في الداخل اللبناني والتصعيد الكلامي لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم وبعض مسؤولي الحزب حول مسألة السلاح، وما سبقه وتلاه من غارات إسرائيلية على مناطق عدّة في الجنوب والضاحية، جعل اللبنانيين يطرحون سؤالًا مقلقًا: “هل يتخلّى العالم عن لبنان في الفترة المقبلة إذا لم تنجح الدولة في إثبات فاعليتها؟”. تجزم المصادر أنّ “هناك احتضانًا دوليًّا للبنان واهتمامًا أميركيًا وأوروبيًا به وفرنسيًا بشكلٍ أساسيّ من أجل مساعدته على بسط سلطة الدولة على أن تقوم الأخيرة بحصر السلاح بيدها وحدها والبدء بعملية مكافحة الفساد”. وتؤكّد أنّ “الحاضنة الدولية قوية لدعم لبنان ويتلقّفها رئيسا الجمهورية والحكومة وهذا واضح من خلال مواقفهما، لكنّ المشكلة تكمُن في قرار الحزب الذي يتلقّاه من إيران وينفّذه بإمرتها وغالبًا ما يكون الشعب اللبناني ضحيته”.
ربّما يراهن الحزب على عامل الوقت لإضعاف حماسة المجتمع الدولي للوقوف الى جانب لبنان ودعمه، فيما تراقب الدول الداعمة كيفية التعاطي مع مسألة سلاحه وتسريع مسألة حصره بيد السلطة الشرعية، وبين هذا وذاك، يبقى وجود لبنان كدولةٍ فاعلةٍ مرتبطًا بنجاح مهمّته للإبقاء على ثقة العالم بها وإلّا ضاعت الفرصة الذهبية وعلى الدنيا السلام.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us