7 أيار.. من يوم “مجيد” إلى يومٍ “حزين”


خاص 7 أيار, 2025

 

بعد انتخاب ميشال عون، قام نصر الله بدور عرّاب العهد لدرجةٍ أنه مارس دورًا تخريبيًّا وقمعيًّا في التصدّي لانتفاضة 17 تشرين الاول 2019 الشعبيّة بعد ان قام قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بالإعلان مزهوًا عن أنّ طهران باتت تملك أكثريةً نيابيةً بسيطرة “الحزب” وحلفائه على 74 مقعدًا في مجلس النواب من أصل 128 نائبًا.

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

يوم 7 أيار 2008 اعتبره حسن نصر الله شخصيًّا “يومًا مجيدًا”، كان يريد تثبيته وتكريسه بشكلٍ دائمٍ وتقديسه كعنوانٍ للقوة التي مارسها “حزب الله” ذلك الصباح على بيروت مُستغلًا يوم إضرابٍ نظّمه الاتحاد العمالي العام وحوّله الى يومٍ لغزو العاصمة، بدءًا بإقفال طريق المطار وانتهاءً بمحاصرة سعد الحريري أكبر زعيم سنّي والأكثر شعبيةً في منزله، ووليد جنبلاط أكثر زعيم حنكةً وإزعاجًا لدرجة أنّ نصر الله اعتبره في كلمة يومه المجيد مجرمًا وقاتلًا.
وقد لاقى الأمين العام لـ”حزب الله” دعم المسيحي ميشال عون المُقيم في الرّابية والمستعدّ لأي موقف وأي تحالف ممكن أن يوصله إلى رئاسة الجمهورية، حلم حياته الذي حققه له نصر الله بعد ثماني سنوات. ولكنّ نصر الله واجه تحدّيًا جريئًا من فواد السّنيورة رئيس الحكومة آنذاك والذي شكّل حصنًا منيعًا في وجهه، والذي لا يزال إلى اليوم مكروهًا من الحزب الذي فشل في محاولة اقتحام السراي الحكومي، على الرَّغم من أنّه تمكّن من فرض سطوته وسيطرته العسكرية كمقدمةٍ لفرض سيطرته السياسية التي حاول ممارستها منذ احتلال الوسط التجاري بعد اغتيال بيار الجميل في نهاية 2006، إلّا أنّ جنبلاط لم يمكّنه خلال غزوة 7 أيار من الصعود إلى الجبل والسيطرة عليه.

7 أيار كان محاولةً جديةً من قبل “حزب الله” للإمساك بالبلد وإحداث نوعٍ من انقلابٍ في السلطة التي اعتقد أن بإمكانه أن يُمسك بها والحلول محلّ الاسد الذي اضطر إلى سحب جيشه في نيسان 2005، عند مشاركته لأوّل مرة في الحكومة بعد اغتيال رفيق الحريري وقيام انتفاضة 14 آذار، واضطراره فيما بعد للتحالف معها في انتخابات 2005 التي كان يعتقد متأكّدًا أنّه بالتحالف مع عون سيتمكّن من السيطرة على الأكثرية في مجلس النواب عام 2009. وعلى الرَّغم من “الخبطة العسكرية” التي فرضت واقعًا على الأرض انعكس على اتفاق الدوحة الذي كرّس غلبة الثنائي عون – نصر الله بمشاركتهما في الحكومة وخلق بدعة “الثلث المعطل” التي لم يستعملانها لإسقاط حكومة السنيورة وإنّما بعد ذلك في نهاية عام 2010 لإسقاط أوّل حكومة شكّلها سعد الحريري عندما كان يهمّ بدخول البيت الأبيض للقاء الرئيس باراك أوباما.

ومنذ ذلك الحين، بدأ “حزب الله” يمارس سطوته ووهج سلاحه على السلطة ويتوسّع إقليميًا بتدخله عام 2013 ضدّ الثورة السورية دعمًا لنظام الأسد بعد ان تمكّن عبر “الثلث المعطل” من قلب موازين القوى واستعمال “القمصان السود” لفرض نجيب ميقاتي على رأس حكومةٍ صديقةٍ، ومن ثم فرض فراغٍ رئاسيّ بعد انتهاء عهد ميشال سليمان دام سنتيْن ونصف السّنة من أجل ردّ الجميل لعون وإجلاسه على كرسي قصر بعبدا في 31 تشرين الاول 2016، بعد أن تمكّن من إقناع سمير جعجع والحريري أن لا بديل عنه. والمفارقة أنّ الوحيد الذي لم يتمكّن نصر الله من إقناعه هو حليفه نبيه بري الذي رفض أن ينتخب نوّاب كتلته عون واستمرّ على خصامٍ معه طيلة عهده، فهل يلعب هذه المرّة لعبة “الشريك المُضارب” ويكون له دور مفصلي على ما يبدو في إجبار “حزب الله” على تسليم سلاحه؟

بعد انتخاب عون، قام نصر الله بدور عرّاب العهد لدرجةٍ أنه مارس دورًا تخريبيًّا وقمعيًّا في التصدّي لانتفاضة 17 تشرين الاول 2019 الشعبيّة بعد ان قام قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بالإعلان مزهوًا عن أنّ طهران باتت تملك أكثريةً نيابيةً بسيطرة “حزب الله” وحلفائه على 74 مقعدًا في مجلس النواب من أصل 128 نائبًا. وفي خضمّ الأزمة السياسية التي عاشها عهد عون، يقع تفجير مرفأ بيروت الذي تحوم الشبهات حول دورٍ لـ”حزب الله” اذ كان لافتًا سعي الحزب لعرقلة التحقيق وإيقافه بعد ان هدّد وفيق صفا المحقّق العدلي طارق البيطار، والذي يتميّز (أي صفا) بموقفٍ رافضٍ لتسليم سلاح “حزب الله” على الرَّغم من الضربة القاصمة التي أصيب بها الحزب أين منها “اليوم المجيد” في 7 أيار 2008، والتي قضت على أمينه العام وخليفته وعددٍ كبيرٍ من قادته العسكريين وكوادره ودمّرت قسمًا كبيرًا من مخازن السلاح والمواقع العسكرية، وقضت على كلّ ما بناه الحزب خلال عشرات السنوات ودمّرت البشر والحجر جنوبًا وبقاعًا وضاحيةً جنوبيةً في بيروت لدرجةٍ أنّ أمينه العام الحالي نعيم قاسم لا يمكنه لو أراد أن يرثيَ سلفه في هذا اليوم عليه أن يسجّل كلامه من مكانٍ ما ربّما من طهران التي تفاوض عليه مع دونالد ترامب!.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us