البلديات بين صناديق الاقتراع الملآنة وصناديق المال الفارغة


خاص 10 أيار, 2025

إذا أجرينا بحثًا على عيِّنة من مرشحي الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان لوجدنا أنّ اللوائح المتنافسة أعضاؤها معظمهم “أبناء عم” ومع ذلك فالمنافسة شرسة وكأنّ المعركة الإنتخابية هي معركة”حياة أو موت”، علمًا أنّ الموضوع الإنمائي لا يستحق كل هذه الجهود. ولكن مَن يُقنِع المرشحين أنّ المعركة هي معركة إنمائية لا معركة “وجاهة”؟

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

قريبًا “تروح سَكرة” صناديق الإقتراع، و”تجيء فَكرة” صناديق المال.

تلك هي إحدى أبرز المفارقات للانتخابات البلدية والاختيارية لهذه السنة، كرَمٌ حاتمي قبل الانتخابات، وشحٌّ منقطع النظير بعد الإنتخابات، ويبدأ “نق” رؤساء البلديات والمجالس البلدية، وموضوع “النق”: لا أموال في صناديق البلديات، فمن أين نأتي بالأموال لتحقيق الوعود التي وردت في البرامج الإنتخابية للمرشحين؟

تلك هي العقدة الأساس، وهذه العقدة سترافق المجالس البلدية على مدى ست سنوات، هو عمر هذه المجالس.

إذًا، لماذا كل هذه المعارك على مقعد بلدي، رئاسةً أو عضوية؟ الجواب ليس في السياسية بل في “علم الإجتماع”، ويستحسَن في هذا المجال أن يراجَع كتاب “مقدمة ابن خلدون” مؤسِّس علم الإجتماع عند العرب، ففي هذا المرجع شرحٌ وافٍ لسلوك وأهداف بعض مَن يتطلعون إلى الوصول إلى مناصب في الشأن العام، ويمكن اختصار الهدف بأنه “الوجاهة”، وفي لغة اليوم تُختصر “الوجاهة” بحجزِ مقعد لرئيس البلدية، أي رئيس بلدية، في الصفوف الأمامية لاحتفال أو ذكرى أو مناسبة، ويصل بمواكبة من الشرطة البلدية، ويُلزَم عريف الاحتفال بالترحيب به من بين المرحَّب بهم!

للأسف، هذه هي جلّ أهداف وصول بعض رؤساء البلديات إلى مناصبهم، أما الخدمة العامة والتلفّت إلى حاجات البلدات والقرى، فهذه ليست من اهتمامات رئيس البلدية والمجلس البلدي، ولتعزيز هذا الكلام، لا بدّ من العودة لسنوات إلى الوراء ودرس أوضاع بلديات لم يحقق رؤساء البلديات فيها أي إنجاز يذكَر، ومع ذلك برز أنّ عدداً كبيرًا من هؤلاء أعيد انتخابهم، ما يعني أنّ هذه الإنتخابات لا تتم على أساس البرامج بل على أساس الأشخاص، وكلما ارتفع منسوب العامل العائلي على حساب العامل الحزبي كلما ازدادت الانقسامات، لأنّ الطابع العائلي، يسبب انقسامات أعمق بكثير من الانقسامات الحزبية، وإذا أجرينا بحثًا على عيِّنة من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان لوجدنا أنّ اللوائح المتنافسة أعضاؤها معظمهم “أبناء عم” ومع ذلك فالمنافسة شرسة وكأنّ المعركة الإنتخابية هي معركة”حياة أو موت”، علمًا أنّ الموضوع الإنمائي لا يستحق كل هذه الجهود.

ولكن مَن يُقنِع المرشحين أنّ المعركة هي معركة إنمائية لا معركة “وجاهة”؟

لا بد من الإستعانة بصديق، وقد يكون الصديق هذه المرة “ابن خلدون” مصطحباً معه مقدمته في علم الإجتماع ومحاولة فهم سلوك البعض.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us