الضريح والعريضة


خاص 10 أيار, 2025

حق الموظفين على الدولة، قبل إدارة المحطة، أن تطمئنهم وتحميهم وتوفر لهم سبل التحرك بحرية في كل لبنان بمعزل عن سياستها التحريرية أو خطها السياسي، وإلا أصبح الإعلام رهينة توجهات حزب مهيمن على مناطق محددة، من يعارضه يعرّض مراسليه لغضب الأهالي

كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

إستهول رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، النائب الدكتور إبراهيم الموسوي، التقرير الذي بثته قناة “الجديد”، قبل خمسة أيام من الذكرى الثامنة عشرة ليوم 7 أيار المجيد والذي تناول معدّه ضريح الأمين العام لـ”حزب الله” والمبلغ المقدر لكلفته وسعر الأرض وإلى ما هنالك.
والملفت في الأمر أنّ سعادة النائب دعا القضاء إلى التحرك الفوري كون ما جرى “جريمة موصوفة متكاملة الأركان على ‌‏المستوى الإعلامي”.‏ ما يطرح العديد من الأسئلة:
إن كانت المحطة التلفزيونية قد ألحقت، قصداً أو من دون قصد، ضرراً كبيراً وأساءت إلى “الحزب” وبيئته وإلى “شهيد الأمة” بوجه أخص، وكذبت بموضوع كلفة الضريح وسعر الأرض المشيّد فوقها، أما كان الأجدى بالجهة المتضررة من “الجريمة” أن تتقدم بشكوى إلى الجهة القضائية المختصة أو أقلّه إصدار بيان يدحض “الإفتراءات” بالوقائع لا بالشتائم والتهويل؟
وإذا كان الحزب يؤمن فعلاً بالقضاء لماذا لم يسلم أيًّا من المتورطين بجرائم موصوفة والمتهمين بسلسة اغتيالات وأعمال عنف وترهيب، إلى القضاء ليصدر حكم الإدانة أو حكم البراءة؟
وأيّ حرص مستجد على الإعلام وصدقيته وحريته والإعتداء على الصحافيين والمراسلين والتضييق على عملهم في بيئة الحزب كلها أفعال مباركة مرّت وتمرّ عادة من دون ملاحقة ولا توقيفات ولا لوم ولا عتب ولا من يحزنون؟
وهل يذكر الموسوي ما فعلته ميليشياه بإعلام تيار المستقبل، حرقاً وقصفاً؟ أكان ذلك عملاً محموداً أو جريمة تُضاف إلى جرائم ذاك اليوم المجيد؟
وعندما يطلب الموسوي من القضاء التدخل، فما معنى مطالبة رئيسَي الجمهورية والحكومة ووزير الإعلام‏ بـ”أن ‌‏يتحمّلوا المسؤولية كاملة في ‏ضبط ‏هذا الخطاب الإعلامي”؟ أنحن في الجمهورية الإيرانية أو جمهورية البعث أو في نظام توتاليتاري؟ أو في جمهورية تحترم مبدأ فصل السلطات؟
وما دخل الموسوي في ما تنشره هذه المحطة أو تلك؟ أو يعتقد أنّ المادة الإعلامية الرصينة محصورة في ما “تبخّه” قناتا “المنار” والميادين” وقناة المسيرة التابعة لأنصار الله؟
أما عن عريضة موظفي “الجديد” ألم يلاحظ الموسوي أنّ الزملاء خافوا على “سلامتهم الشخصية” بسبب التقرير، لأنّ أمن أيّ مراسل مهدد في غيتوات مؤدلجة ومعتادة على تخوين الآخر، خصوصاً الإعلام غير المتبني لسرديات الحزب وأدبياته وأكاذيبه؟
ومما ورد في العريضة “إننا أمام استحقاق دستوري وملزمون تغطيته في كل المناطق، ومن ضمنها المناطق التي لا ترغب بوجودنا بينها، وتهددنا في حال تواجدنا فيها، فمن يضمن سلامتنا؟…”
حق الموظفين على الدولة، قبل إدارة المحطة، أن تطمئنهم وتحميهم وتوفر لهم سبل التحرك بحرية في كل لبنان بمعزل عن سياستها التحريرية أو خطها السياسي، وإلا أصبح الإعلام رهينة توجهات حزب مهيمن على مناطق محددة، من يعارضه يعرّض مراسليه  لغضب الأهالي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us