ما تسمّعني صوتك

الناخبون البيارتة المشاركون في التصويت يرضخون للنتائج كيفما أتت، فيما تعلو أصوات المعتكفين في المنازل والمنتشرين على الشواطئ والمنشغلين بإشعال المناقل مستنكرة الإطاحة بالمناصفة.. فعلى كل واحد لم يصوّت بانتخابات 18 أيار ألا “يتبكبك” على المناصفة ولا على المشاركة المنقوصة ولا على هيمنة طائفة على طائفة، وكل واحد لم يصوّت ممنوع عليه أن ينق على أنشطة المجلس البلدي وأن يحتجّ على بلادة مختار لم يختره
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
قبل سنوات أدلى وزير البيئة فادي جريصاتي في آخر حكومات سعد الحريري بتصريح نوعي أظهر فيه حماسة منقطعة النظير لقضية تهمّ سائر المواطنين: “رح قلكن من هلّأ ورايح كل مواطن لبناني ما عم يفرز ببيتو ما يسمعني صوتو، أوعا إسمعو عم ينق عالدولة أو إسمعو عم ينق عالنفايات أو عالأزمات” وباتت عبارة “ما يسمعني صوتو” محطّ تفكّه الناس، خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، وبحسب مدونات الثورة أغار ثوّار العصر اللبناني الحديث في آذار من العام 2020 على أحد المطاعم في الجميزة، حيث كان جريصاتي يتناول عشاءه مع سعادة النائب إدغار معلوف، حوصر صاحبا المعالي والسعادة وتم إخراجهما من المطعم في عملية نوعية تُدرّس في المعاهد العسكرية الكبرى. ويذكر المؤرخون أنّ أبطال الثورة أسمعوا جريصاتي كلمات ليست كالكلمات، وأهم جملة طنّت في أذن وزير البيئة ليلتئذ: ما تسمعني صوتك.
وفي يوم انتخابات بيروت، سمعتُ كبيروتي صميم، أكثر من 200 سؤال تتعلق بالمناصفة المهددة في بلدية العاصمة، وأكثر من 200 فهيم يجيبون على السؤال متضرّعين إلى المواطن البيروتي الكريم أن يهزّ مؤخرته ويتوجه إلى مراكز الإقتراع للإدلاء بصوته في استحقاق يتكرر مرة كل ستة أعوام. من جهة أولى يكون قد قام بواجب بديهي ومن جهة ثانية يكون حمى المناصفة إلى حدّ كبير.
ومن المستغرب جداً أنّ نسبة اقتراع الناخبين المسيحيين جاءت متدنية علماً أنّ عدد المسجلين على لوائح الشطب، من مسيحيي العاصمة، يقارب الـ 170 ألفاً. عدد وازن يقيم الموتى ولا يوصل 12 مرشحاً فقط!
الأنكى أنّ الناخبين البيارتة المشاركين في التصويت يرضخون للنتائج كيفما أتت، فيما تعلو أصوات المعتكفين في المنازل والمنتشرين على الشواطئ والمنشغلين بإشعال المناقل والتنابل أبًا عن جد مستنكرة الإطاحة بالمناصفة.
كل واحد يفاخر بمقاطعته للإنتخابات على أنواعها بما فيها انتخاب لجنة البناية.
كل واحد لم يصوّت بانتخابات 18 أيار لا “يتبكبك” على المناصفة ولا على المشاركة المنقوصة ولا على هيمنة طائفة على طائفة.
كل واحد يحتقر لائحة المرشحين ولا يميزها عن لائحة السوبر ماركت التي “شكلتها” حرمه المصون.
كل واحد أو واحدة أو “نص على نص”، لم يصوّت ممنوع عليه أن ينق على أنشطة المجلس البلدي وأن يحتجّ على بلادة مختار لم يختره.
ختاماً أسمح لنفسي بالاعتداء على مقولة جريصاتي الشهيرة والإدلاء بهذا التصريح المقتضب: كل واحد ما صوّت ما يسمعني صوتو.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الضريح والعريضة | ![]() 100 دولار للصوت الواحد! | ![]() جبران: غيفارا البترون |