بعد رفع العقوبات عن سوريا.. هل يلتقط لبنان إشارة أورتاغوس بالإمتثال بالشرع؟


خاص 20 أيار, 2025

غياب لبنان عن قمة الرياض التي جمعت ترامب وبن سلمان، كان رسالة لافتة كي يتحرّك لبنان الرسمي بسرعة وإلا سيكون مُبعداً عن تطورات ومستجدات المنطقة التي من شأنها الوصول إلى خاتمة إيجابية، لأنّ فرصة ديبلوماسية مهمة سُحبت من لبنان بسبب “الحزب” بانتظار فرض سيطرة الدولة بشكل نهائي

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

لا شك في أنّ الرئيس السوري أحمد الشرع عرف كيف يلغي مساره القديم، مع إقتلاعه النظام السوري الأسدي، بالتعاون مع المجتمع الدولي الذي حفظ له مكانه وتجاوب معه، وهو بدوره عرف كيف يدخل إلى عالم جديد من شأنه إنقاذ سوريا الجديدة، فشكّل ربحاً سريعاً لبلده بعد طول إنتظار، على مدى عقود من ديكتاتورية آل الاسد وإجرامهم وحكمهم لسوريا.

هذا التغيير الكبير الذي لم يلقَ بعد ثقة داخلية كبيرة بالرئيس الجديد، أعطاه رضًا أميركياً وسعودياً من خلال رفع العقوبات عن سوريا، وتحديداً من الرياض على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فنال شرعية لافتة خلال اللقاء الذي جمعه بالأخير بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعدما أطلق الشرع وعوداً وتطمينات بخروجه من العباءة القديمة، وأبدى انفتاحاً لمعالجة كل الملفات والقضايا الهامة، التي من شأنها وضع سوريا على طريق الاستقرار، من خلال مشاركته المرتقبة في مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل، قد توصل إلى تسوية طويلة الامد وربما إلى تطبيع العلاقات.

وعلى الخط اللبناني، ما زلنا نقف على مفترق طرق قد يؤدي بنا إلى الهلاك، في حال لم يفهم لبنان تلك الرسائل غير المباشرة التي تطلق في إتجاهه من كل المحاور والاتجاهات، إذ يستمر حزب الله بالمناورة فيلجأ تارة إلى ” الهوبرات”، وطوراً إلى الهدوء والسكينة على غرار ما أعلن أمينه العام نعيم قاسم قبل أيام، فأبدى مرونة لمعالجة الأمور وإنفتاحاً على العرب مع الحرص على مصالحهم. فيما المطلوب إنهاء كل مغامراته على الفور، لأنّ لبنان ما زال يتعاطى مع شروط المجتمع الدولي بتمرير الوقت، إكراماً للحزب وتفادياً لعدم نشوء حرب داخلية سيشنها الحزب الأصفر لتصفية حساباته، لذا ما زال رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يعطيهم بعض الوقت، لكن في نهاية الامر سيأتي الحسم والتنفيذ، فيما يستمر الحزب بالمراوغة والتذاكي على حل مسألة سلاحه، فإلى متى سيستمر تضييع الوقت؟

بالتزامن مع الرسائل التي تطلق في إتجاه لبنان وحكومته، برز منذ أيام فرض واشنطن عقوبات جديدة على حزب الله، مفادها أنّ حالات الانفراج لن تسري على لبنان، بل ستكون بمثابة ضغوط جديدة عليه وعلى الحزب الأصفر، وفق معادلة ترتكز على المقايضة بين إعادة الإعمار ونزع سلاحه وحصريته فقط في يد الدولة اللبنانية، لأنّ الرهانات لم تعد تجدي في حال كان يماطل بانتظار حصول متغيرات إقليمية ودولية، فيما مخطط الشرق الأوسط الجديد جاهز منذ سنوات وقد بدأ ينفذ بحذافيره.

كما أنّ غياب لبنان عن قمة الرياض التي جمعت ترامب وبن سلمان، كان رسالة لافتة كي يتحرّك لبنان الرسمي بسرعة، وإلا سيكون مُبعداً عن تطورات ومستجدات المنطقة التي من شأنها الوصول إلى خاتمة إيجابية، لأنّ فرصة ديبلوماسية مهمة سُحبت من لبنان بسبب الحزب، في إنتظار فرض سيطرة الدولة بشكل نهائي، فيما اتخذ الشرع قرارت ثابتة ونهائية أطلقت العنان لثقة كبيرة قدّمها المجتمع الدولي له، فكان الرد بسحب العقوبات التي من شأنها فتح كل الأبواب الموصدة أمام سوريا ومن مختلف النواحي، فحصل على الرضا العربي والغربي وعلى فرص ثمينة ستدخله في خارطة الشرق الأوسط الجديد، القائم على تنظيم المشهدين السياسي والاقتصادي وصولاً إلى السلام ولو بعد حين.

من هنا نسأل المسؤولين اللبنانيين،”إلى متى سنستمر على هذا المنوال ونضيّع الفرص الثمينة التي تعطى لنا؟ وهل سنبقى ضمن وحدتنا منعزلين عن ثقة المجتمعات العربية والغربية؟ وبالتالي نتحمّل كل أوزار القضايا العربية وتداعياتها؟ وإلى متى سنمضي في سماع الخطابات المتناقضة لمسؤولي الحزب، من خلال إزدواجية في التعاطي السياسي مع الخارج؟ فهل سيستمرون في إعطائنا ترف الوقت إلى ما شاء الله؟

في السياق ردّت الموفدة الاميركية مورغان أورتاغوس على هذه الأسئلة، حين أشارت قبل أيام في حديث تلفزيوني إلى أنّ العقوبات على الحزب ستتواصل، وستشمل كل مَن ساعده في الحصول على تمويل غير مشروع، ودعت إلى الامتثال بالرئيس أحمد الشرع من خلال المواقف التي إتخذها، مما يعني أنّ رسالة ثالثة وصلت إلى لبنان الرسمي والحزب و إيران كي يأخذوا الدرس من الرئيس السوري.

إلى ذلك ردّ وزير معارض على سؤال “هنا لبنان” حول التوقيت الذي سيدخل فيه لبنان ضمن مخطط السلام الشرق أوسطي ويتوقف عن دفع الأثمان الباهظة عن قضايا غيره، فقال: “بالتأكيد لن يقف لبنان مكتوف الأيدي إذ حان الوقت كي يعيش في استقرار وهدوء، ويدخل كغيره من الدول العربية في المباحثات التي تعطيه حقوقه، أي لن يكون الخاسر من هذه الناحية، لكن يلزمنا بعض الوقت وهو ليس ببعيد، والرئيس عون يعمل على تهدئة الوضع الداخلي ويسير على الخطى الحكيمة، ولا بدّ للبنان أن يعيش في حالة الاستقرار لكن لننتظر قليلاً”.

كما أبدى تأييداً للسياسة التي يتبعها الرئيس الشرع، فهو عرف كيف ينقذ بلده وهذا هو المهم، ولا شك في أنّ مساره صحيح ونأمل أن ينعكس رفع العقوبات عن سوريا لصالح لبنان، من ناحية عودة النازحين إلى ديارهم وإيقاف هذا العبء الكبير وتداعياته علينا، خصوصاً على سوق العمل والتقديمات التي يتحمّلها لبنان جرّاء هذا النزوح المستمر منذ العام 2011.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us