الضحية والسلام


خاص 23 أيار, 2025

كل الكلام عن استمرار المقاومة وعن ورقة القوّة التي يملكها لبنان لا يعدو كونه خطابًا يُراد منه الإستمرار في تحفيز الجماهير واستنفارها من دون أي خطوات عملية لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد، لأنّ “الحزب” يعلم جيّدًا أنّ المعادلات وموازين القوى قد تغيرت إلى غير رجعة وأن لا صفقات تتيح له إبقاء لبنان ساحة للصراعات وأنّ سلاحه سيبقى في المخازن وهو يقرأ جيّدًا أنّ المنطقة تتّجه لسلام كامل مع إسرائيل

كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:

منذ وقف إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤ بلغ عدد الذين قتلتهم إسرائيل ١٦٤ شخصًا أكثريّتهم الساحقة عناصر ومسؤولين في حزب الله ولم يبادر الحزب الذي ما زال يصف نفسه بالمقاومة ضدّ إسرائيل للردّ على هذه الهجمات راميًا بالمسؤولية على الدولة اللبنانية، علمًا أنّه يدرك تمام الإدراك أن الدولة لن تقدم على الرد لأنّ أيّ رد سيجلب هجومًا إسرائيليًّا ضدّ الجيش اللبناني ما يعني تدمير القوة العسكرية الأهم لدى لبنان والقادرة على حفظ الأمن وضبط الحدود وفرض سيطرة الدولة وبالتالي لا يمكن التفريط بها باعتبار أنّ لبنان ستسوده الفوضى ولن يكون هناك من ضابط إيقاع أمني داخلي وربّما هذا ما تريده إسرائيل وغيرها ولذلك ليست الدولة في وارد منح كلّ هؤلاء هذه الهدية المجانية.

في المقابل ما زال حزب الله يردد بأنّ سلاحه باقٍ للتصدي لإسرائيل ولحماية اللبنانيين، ولكن لا أحد يدري كم من الضحايا يفترض أن يسقط كي يتحرّك الحزب ويعاود عملياته العسكرية ضد إسرائيل ولكن السؤال المحوري هل الحزب قادر على ذلك فعليًّا؟

الحزب ليس بوارد أي تحرك عسكري ضدّ إسرائيل لأنّ بيئته ترفض هذا التحرّك ولا تتحمّل التبعات المرتقبة لا بشريًّا ولا ماديًّا، وإنّ الإعتراض الأقوى سيكون من عموم اللبنانيين وعلى رأسهم السلطات الرسمية إضافة إلى أنّ المجتمعين العربي والدولي سيطلقان أكثر فأكثر يد إسرائيل في هجماتها ضد حزب الله، كما أنّ الحزب مكشوف عسكريًّا على صعيد العناصر والكوادر وكبار المسؤولين العسكريين ومخازن الأسلحة والبنى التحتية العسكرية، فضلًا عن أنّ القدرات العسكرية للحزب قد تراجعت وخط الإمداد العسكري والمالي شبه متوقف.

هذا الواقع يشير إلى أنّ كل الكلام عن استمرار المقاومة وعن ورقة القوّة التي يملكها لبنان وأنّ للصبر حدودًا، لا يعدو كونه خطابًا يُراد منه الإستمرار في تحفيز الجماهير واستنفارها من دون أي خطوات عملية لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد لأنّ الحزب يعلم جيّدًا أنّ المعادلات وموازين القوى قد تغيرت إلى غير رجعة وأن لا صفقات تتيح له إبقاء لبنان ساحة للصراعات وأنّ سلاحه سيبقى في المخازن وهو يقرأ جيّدًا أنّ المنطقة تتّجه لسلام كامل مع إسرائيل وبالتالي فإنّ الحزب مطالَب بالإعتراف بهذه الحقائق والعمل بموجبها فتكون له اليد الطولى في إنقاذ أرواح لبنانيين قد تكون إسرائيل تتربّص بهم شرًّا فيتوقّف عدّاد ضحايا ما بعد وقف إطلاق النار عن الارتفاع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us