د. هادي مراد لـ “هنا لبنان”: التزكية توفّر على “الحزب” التمويل الانتخابي.. ومشهد مغاير في الانتخابات النيابية المقبلة

خاص 23 أيار, 2025

لم تعد مقولة أنّ “الثنائي الشيعي يمثّل الطائفة الشيعية” قابلة للحياة أو حتى للتسويق. في الجنوب، حيث الولاء المفروض والتزكية القسرية باتا القاعدة، لم تُجرَ انتخابات بلدية حقيقية في 95 بلدية من أصل 146 — أي نحو 65% من قرى الجنوب لا لسبب سوى أنّ حزب الله وحركة أمل لا يريدانها. لا معارضة، لا صناديق، لا مرشحين. فقط صمتٌ ثقيل، وترهيبٌ صاخب، وشعبٌ يُمنع من ممارسة حقه الطبيعي في اختيار ممثليه.

لكن خلف هذا الستار، هناك صوت آخر بدأ يتكوّن، يتبلور، ويجد من يسمعه. هذا ما عبّر عنه د.هادي مراد، الطبيب والناشط السياسي اللبناني الشيعي المعارض، بوضوح في حديث خاص لـ”هنا لبنان”، حيث وضع النقاط على الحروف وكشف زيف المشهد السياسي الذي يفرضه حزب الله.

الانتخابات البلدية الحالية: لحظة نادرة من التعبير الحرّ

يقول د. مراد: “هذه الانتخابات كانت من الانتخابات النادرة التي تحصل بهذه الطريقة في لبنان. ففي ظل الوصاية السورية والإيرانية بعدها عبر جيش حزب الله، لم نكن نشهد وجود الدولة والجيش والقوى الأمنية والدرك في مراكز الاقتراع الشيعية كما حصل هذه المرّة.”

الناس استطاعت، ولو جزئياً، أن تُعبّر. لكن حتى في ظل هذا “الهامش”، بقيت المناطق ذات الأغلبية الشيعية تُعاني من آثار الحرب، من الدمار، من غياب الدولة، ومن الصوت الآخر. نعم، حصل اعتراض، لكنه بقي محصوراً في بعض المناطق، وارتفع في مناطق أخرى، وهذا متوقّع.

العاطفة لا تزال تتحكم بالنتائج… لكن إلى متى؟

ويتابع مراد قائلاً: “اليوم هناك تعاطف كبير مع الحزب بعد الحرب الأخيرة وبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.”

ويذكّر بمشهد اغتيال رفيق الحريري عام 2005 حين استنهضت الطائفة السنيّة قواها وأوصلت نحو 35 نائباً إلى البرلمان. اليوم نشهد لحظة مماثلة شيعيّاً، لكن بمفعول عكسي: “الدمج بين العاطفة والشعارات”، على حدّ قوله، هو آخر أوراق حزب الله في تأمين الحد الأدنى من الشرعية الشعبية.

لكن مراد يحذّر بوضوح: “في الانتخابات النيابية المقبلة، لن يستطيع حزب الله استخدام الرصيد العاطفي الذي استخدمه اليوم.”

جنوب لبنان: ساحة مغلقة بوجه التعددية

الجنوب، كما يراه مراد، لا يزال في حالة شلل ديمقراطي. المعركة هناك أصعب من البقاع، لأنه لا يزال ينزف دماً وركاماً. ولهذا، يقول “من الطبيعي أن يكون هناك تعاطف كبير مع لوائح الممانعة. وأعتقد أنّ هذه ستكون المرة الأخيرة التي يمكنهم فيها استخدام شعارات النكسة لقلب العاطفة واستقطاب الأصوات.”

الاستحقاق البلدي: بين التزكية والإلغاء الكامل للإرادة الشعبية

اللافت أنّ التزكية، التي هي إلغاء صريح للعملية الانتخابية، صارت الوسيلة المفضّلة للثنائي. مراد يشير إلى أنّ “التزكية تفيد حزب الله من كل النواحي، وتوفّر عليه تمويل العملية الانتخابية.” لهذا، يعتمد عليها، ويدفع نحو تنازلات من اللوائح الأخرى حتى لا تُجرى الانتخابات أصلاً.

هو لا يريد ديمقراطية. يريد مشهداً صورياً يتناسب مع خطابه المقاوم، دون أن يترك مساحة لصوت مختلف، أو رأي معارض، أو حتى مجرّد منافس.

المعارضة الشيعية: بين قمع الترشيح وقهر التمويل

مراد يتطرّق أيضاً إلى الغياب شبه الكامل للموارد لدى اللوائح المعارضة، في مقابل ضخ مالي من إيران لحزب الله. يقول: “اليوم، الضغوط على أغلب الطائفة الشيعية أو بيئة الحزب ليست فقط نفسية، بل مادية. الحزب ما زال يشارك بـ 20 إلى 30% من مصادر التمويل التي تعيش منها البيئة الشيعية. ويتساءل قائلاً: “ماذا لو تُرك الناس من دون وعود مالية وإعمارية من الحزب؟ كنا وجدنا الغالبية الكبرى تتجه نحو اللوائح المعارضة”.

بعلبك – الهرمل: مثال صارخ على انقسام الشارع الشيعي

يشير مراد إلى مثال بعلبك قائلاً: “لائحة “بعلبك مدينتي” حصلت على 35% من أصوات الشيعة، مقابل 65% للائحة حزب الله. لو كان النظام نسبياً لَكُنّا شهدنا خروقات كبيرة”.

والرسالة واضحة: من دون ضغط النظام الأكثري، ومن دون منظومة السلاح والترهيب، ما كان لحزب الله أن يحتكر تمثيل الطائفة.

نهاية الحقبة؟

ويختم مراد حديثه قائلاً: “الانتخابات البلدية أصبحت وراءنا، وهي تأخذ طابعاً عائلياً وتحالفات غير مألوفة، أمّا الانتخابات النيابية فهي أمامنا، وهي الأساس والأهم. الأيام القادمة وسنرى الأرقام حينها ونحكم.”

لا احتكار بعد اليوم

الطائفة الشيعية ليست حزب الله، كما أنّ الجنوب ليس أرضاً حصرية للثنائي. الصوت الشيعي المُعارض بات أوضح، أقوى، وأكثر تنظيماً. الانتخابات النيابيّة المقبلة ستكون المعركة الفاصلة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us