الجريمة تتراجع بفضل الأجهزة الأمنيّة والثقة بالـ”Leader”!

دائمًا ما تستكين النّاس وترتاح مع قائدٍ هو أهل للثقة يسعى الى تطبيق القانون على الجميع. ولا شكّ أن دخول الدولة بهذا المشهد الجديد ترك ارتياحًا عند الناس وانعكس تراجعًا بنسبة الجرائم، فمجرّد الثقة برأس الدولة وبمشروعه في بناء المؤسّسات يدفع الناس الى احترام القانون والخوف من مخالفته.
كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:
نسمع بين الفينة والأخرى، عن حوادث متفرّقة تثير الريبة في نفوس المواطنين خاصةً بعد تداولها بشكل كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كالتحرّش بأطفالٍ خلال رحلةٍ مدرسيةٍ الى أحد الأحراش في منطقة المنصورية أو محاولة نشل فتاة داخل سيارتها في رأس النبع أو سطو مسلّح على محلات صيرفة ومجوهرات في مناطق مختلفة، لكنّ هذا لا يعني أنّ الأمن المجتمعي اللبناني في خطر، إذْ تشير آخر المؤشرات الأمنية الى تراجعٍ لافتٍ في عدد جرائم القتل، والسرقة، والنشل، والانتحار.
على الرَّغم من أنّ لبنان لا يزال يعاني الأمرّين من الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة وما خلّفته من خساراتٍ في الأملاك والمدّخرات، ومن الأزمة الاقتصادية التي كبّدت المواطنين خسارة أموالهم التي أودعوها في المصارف وتنقيط أجزاء منها لهم بـ”القطّارة”، إلّا أنّ المؤشرات الأمنية للعام 2024 وبحسب “الدولية للمعلومات” التي تستند الى تقارير قوى الأمن الداخلي، سجّلت تحسّنًا ملحوظًا طيلة العام الماضي مقارنة بالعام 2023، إذْ بلغ إجمالي عدد السيارات المسروقة عام 2024 نحو 585 سيارة فيما سجّل العدّاد في العام الذي سبقه 1013 سيارة أي بتراجعٍ كبيرٍ بلغت نسبته 42.2%، فيما سجّلت جرائم السرقة بشكلٍ عامٍّ تراجعًا بنسبة 11.7% بعدما بلغ عدد السرقات 2784 العام الماضي و3152 في العام الذي سبقه. أمّا جرائم القتل فتراجعت 3.2% إذ بلغ عدد القتلى 153 عام 2024 بينما كان 158 قتيلًا في العام الذي سبقه، واللّافت أيضًا ن نسبة الانتحار تراجعت 40%، فيما الجرائم الوحيدة التي سجلت ارتفاعًا بلغ 12% هي جرائم الخطف.
خطط استباقيّة وردع المجرمين
يلفت مصدر أمني لـ”هنا لبنان” الى “أنّ تراجع معدّلات الجريمة في لبنان مردّه الى جهود القوى الأمنية التي تعمل بكلّ طاقاتها للحدّ من الجرائم والحفاظ على الأمان المجتمعي”، مشيرًا إلى “أن تكثيف وجود العناصر الأمنية في الطرقات ساهم في خلق رادعٍ لمن تسوّل له نفسه في ارتكاب جريمة مهما كان نوعها”، مؤكدًا أنّ “التعليمات صارمة من المسؤولين الأمنيين بضرورة الحدّ من الجرائم وتوقيف مرتكبيها وتعزيز الأمن في الأراضي اللبنانية كافة “. لا يقلّل المصدر من استمرار حصول بعض الجرائم “لكن بنسبٍ أقلّ وإن كان انتشارها عبر وسائل التواصل يُثير الذعر لدى المواطنين”. ويضيف: “الجرائم تحصل أينما كان في العالم لكن انتشارها بكثافة عبر السوشيال ميديا هو الذي يعزّز الخوف عند المواطنين، لكنّنا نُطَمْئِنُ الجميع أن الأجهزة الأمنية ستكون بالمرصاد للمجرمين وستعمل على إعادة الثقة بلبنان وأمنه خاصةً مع عهدٍ جديدٍ يستبشر فيه الجميع خيرًا”. وكشف المصدر عن “توقيف عددٍ كبيرٍ من المجرمين في وقتٍ قياسيّ وعن خططٍ استباقيةٍ لمنع الجريمة ملاحظًا التراجع الكبير في سرقة السيارات ومردّ ذلك الى أنّ السارقين الذي كانوا يفرّون عبر المعابر غير الشرعية بالمسروق باتوا يصطدمون بالحواجز الأمنية وبدقّة التفتيش”. وختم المصدر: “الأرقام تشير الى تحسنٍ واضح وهذا مؤشر إيجابي يعكس التزام القوى الأمنية بخلق رادعٍ للأشخاص المجرمين وتعزيز الأمن على الأراضي اللبنانية كافة حاضرًا ومستقبلًا”.
الرئيس والثقة بالدولة
تُبدي الأخصّائية في علم النّفس الاجتماعي الدكتورة فريال عبد الله، تفاؤلًا بتراجع نسب الجرائم في لبنان على الرَّغم من الأزمة الاقتصادية التي مررنا بها والحرب الأخيرة وارتفاع نسب التضخم، وتقول إنّ “هذا مؤشر إيجابي”. وتلفت إلى “أنّ هناك دائمًا صورة القائد التي تسكن أذهان الناس فيتصرّفون على أساسِها، فبمجرّد أن أصبح لدينا رئيس جمهورية يُعتبر نموذجًا للقائد أو “leader” الذي يريده الناس يتعاطفون معه كونه رجل دولة، عندها تتراجع نسبة الجريمة لأنّ هناك خوف من رجلٍ يرغب بقيام دولة المؤسّسات. دائمًا ما تستكين النّاس وترتاح مع قائدٍ هو أهل للثقة يسعى الى تطبيق القانون على الجميع. لا شكّ أن دخول الدولة بهذا المشهد الجديد ترك ارتياحًا عند الناس وانعكس تراجعًا بنسبة الجرائم، لكن ذلك لا يعني أنّ أمننا المجتمعي زال عنه الخطر، ومن المؤكّد أنّ التراجع في بعض أنواع الجرائم كالقتل والسرقة يقابله زيادة في جرائم أخرى كارتفاع جرائم التحرّش والابتزاز الالكتروني، ما يدلّ على أن أمننا المجتمعي يحتاج الى وقتٍ طويلٍ ليتعافى”.
وشدّدت عبد الله على “ضرورة تحصين أنفسنا من خلال العودة الى الانتماء الى مفهوم الدولة وليس الى الطوائف والجماعات، فوجود دولة قوية تعطي المواطن حقّه يخرجه من القوقعة داخل الجماعات والأحزاب وتصبح رؤيته التطلّعية أشمل وتطلّعاته نحو الدولة دون سواها”.
قديمًا، قال ابن خلدون: “نحن ننتمي الى القبائل والجماعات عندما لا تتوفّر لدينا دولة تحمينا أو عندما يغيب مفهوم الوطن”، فإذا نجحت الدولة في تنفيذ استراتيجية الأمن وتعزيز القضاء، يطمئنّ المواطن فيصبح العبور الى دولة المؤسّسات سالكًا وسنكون أمام مشهديةٍ جديدةٍ. اليوم مجرّد الثقة برأس الدولة وبمشروعه في بناء المؤسّسات يدفع الناس الى احترام القانون والخوف من مخالفته. “الناس في فترة ترقّب وهي تنتظر تحسّنًا في التقديمات الاجتماعية والصحية والرواتب وغيرها وإلّا سنشهد مجدّدًا، ونأمل ألّا يحصل ذلك، ارتفاعًا في نسبة الجريمة”، تختم عبد الله.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() “التغييريون”… هزيمة مدوّية في “البلدية” والاستحقاق النيابي أعظم | ![]() استولى على أكثر من مليوني يورو من شركة مراكب فاخرة | ![]() “الرصاص الطائش”… عادات موروثة تتحدّى هيبة الدولة! |