الحزب يحاول “فركشة” الدولة بالسلاح الفلسطيني


خاص 27 أيار, 2025

لا شكّ أنّ “الحزب” الذي لا يزال حتّى الآن يعاند في تسليم سلاحه سيحاول “الاحتماء” بالسلاح الفلسطيني عبر التحريض ضدّ “أبو مازن” والسلطة الفلسطينية “المُتخاذلة” برأيه، ليكسب بعض الوقت يسمح له بتأجيل تخلّيه عن سلاحه عبر محاولة “عرقلة” العهد اللبناني الجديد، وبالتالي إفشاله.

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

تسليم السّلاح الفلسطيني في لبنان! هل هو قرار مفاجئ أم حقيقة منتظرة؟ وهل هي رغبة فلسطينية قبل أن تكون إرادةً لبنانيةً؟ الأرجح أن الرّغبة الفلسطينية قد سبقت الإرادة اللبنانية إذ إنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي هو أيضًا رئيس منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة القرار الفصل، قد أعلن قبل سنة عن عزم السّلطة على إغلاق ملف السلاح الفلسطيني في لبنان.

قراره جاء ليرفع عمليًا غطاءً لا يريده كونه لا ينتمي إلى محور ما كان يُعرف بالـ”ممانعين”، إلّا أنّه بحكم الخلافات الفلسطينية والواقع الإقليمي كان يشكّل أحد الأعمدة من ثلاثيةٍ تقوم على “حزب الله” وجيش النظام السوري في لبنان. وها هو اليوم يقتنص الفرصة ويلبّي طلب السلطة الجديدة للتفاهم مع الدولة اللبنانية من أجل تحويل هذه الرّغبة إلى واقع لمصلحة الطرفيْن، وللتفاهم على كيفيّة تسليم هذا السلاح الذي أصبح عبثيًا بيد مجموعاتٍ وشللٍ تمارس كلّ شيء ما عدا النّضال من أجل التحرير.

وها هي مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الاميركي الخاص إلى الشرق الوسط تصرّ وتكرّر أن “نزع سلاح حزب الله يجب أن يتمَّ في أقرب وقت ممكن”، محذّرةً من أنّ “التأخّر في هذه الخطوة قد يُدخل لبنان في المزيد من العزلة والتراجع”.

ولكن إعلان الرئيس الفلسطيني بقي حبرًا على ورق لأسبابٍ متعدّدةٍ منها داخلي ومنها إقليمي، فعلى الصعيد اللبناني لم يكن هناك أي استعداد في السابق لا لدى السلطة التي لم يكن لها مصلحة فيه، ولا لدى المعنيين من فصائل فلسطينية وأولياء النظاميْن السوري والإيراني الذين كانوا يستعملون الملف الفلسطيني بحسب الحاجة، مرةً للفتنة الفلسطينية الداخلية، ومرةً للاقتتال الفلسطيني – اللبناني، وأخرى لتوظيفه ضدّ هذا النظام العربي او ذاك. ثمّ يدفع الفلسطينيون الثمن بغضّ النّظر عن الأسباب والدوافع وعن ماهية الأطراف المتصارعة. كما أنّ استعمال القضية الفلسطينية وتوظيفها في الصراعات العربية والمزايدات يحصل منذ أكثر من نصف قرن. وكان لافتًا في هذا المجال الإعلان الذي صدر عن منظمة التحرير في بيروت عام 2008 والذي تضمّن اعتذارها من الشعب اللبناني عن تورّطها في الحرب اللبنانية التي اشتعلت عام 1975 وانحيازها إلى طرفٍ ضدّ آخر.

أمّا اليوم فقد انقلبت موازين القوى وتغيّر الوضع إقليميًا وفي لبنان، وأصبح الهدف الأساسي لدى الحكم الجديد، بالإضافة إلى اعتباراتٍ أخرى، هو تطبيق اتفاق الطائف الذي ينصّ فيما ينصّ على حصر السلاح في يد السلطة الشرعية، وبالأخصّ بعد أن طغت على السّطح مسألة السلاح غير الشرعي في يد “حزب الله”، الذي أقام في لبنان دويْلة داخل الدولة وأصبح صاحب قرار الحرب، تحديدًا الحرب، بعد أن قام بخطف اللبنانيين بالتواطؤ مع معظم قوى السلطة التي ابتدعت معادلة “الفساد مقابل السلاح” ما أدّى في النهاية إلى عودة الاحتلال الإسرائيلي إلى جنوب لبنان.

وقرار نزع سلاح “حزب الله” لا يمكن أن ينفّذ من دون ضبط وتسلّم السلاح غير اللبناني وغير الشرعي الذي كان يستفيد منه “حزب الله” بطبيعة الحال إذ إن جميع هذه الفصائل والمجموعات باتت بإمرة القيادة الخامنئية الايرانية، وتحوّل لبنان إلى ما يشبه قاعدة انطلاق لكل عمليات الاستفزاز والتخريب على الصعيدين العربي والإقليمي لدرجة أنّ قائد ما يدعى “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني ادعى أن طهران بعد الانتخابات النيابية اللبنانية عام 2018 باتت تسيطر على أربع عواصم عربية في مقدمها بيروت.

فهل لبنان قادر اليوم على تنفيذ قرار تسليم السلاح الفلسطيني الذي جاء محمود عباس (ابو مازن) إلى بيروت من أجله واتفق الطرفان على آلية للتنفيذ وتسمية لجنة مشتركة للإشراف على تطبيقه؟ وهل أنّ الفصائل الفلسطينية الاخرى مستعدة للالتزام بما يقرّره او يلتزم به أبو مازن؟

بمعنى آخر، هل أن “حماس” و”الجهاد الاسلامي” مستعدّتان للتخلي عن سلاحهما الذي تستعملانه في لبنان ومنه، والذي أكد اغتيال إسرائيل لأحد قادة “حماس” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، صالح العاروري قبل نحو سنة ونصف السنة في قلب الضاحية قلعة “حزب الله”، وأن لا السلاح الفلسطيني ولا الذي كان مدجّجًا به “حزب الله” بإمكانه أن يشكّل حمايةً لهما؟ كما أن هذا السلاح كان يدخل إلى لبنان ويتلقّيانه عبر دمشق التي انهار نظامها قبل نحو ستة أشهر وانقطع الشريان الأساسي للتواصل بين طهران وبيروت، ناهيك عن الضغط الاميركي والدولي الذي تتعرض له إيران نفسها.

ولا شك أنّ “حزب الله” الذي لا يزال حتى الآن يعاند في تسليم سلاحه سيحاول “الاحتماء” بالسلاح الفلسطيني عبر التحريض ضد أبو مازن والسلطة الفلسطينية “المتخاذلة” برأيه، لكي يكسب بعض الوقت يسمح له بتأجيل تخلّيه عن سلاحه عبر محاولة عرقلة الحكم اللبناني الجديد وبالتالي إفشاله. غير أنّه يبقى من الصعب الاعتقاد أن المصلحة الفلسطينية هي في التمسّك بالسلاح في اثني عشر مخيمًا في لبنان في الوقت الذي يصعب عليها استعماله داخل قطاع غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us