بعد رفع العقوبات عن سوريا… هل من انعكاسات إيجابية على ملف النّازحين في لبنان؟


خاص 28 أيار, 2025

لجنة وزارية لبنانية – سورية خاصّة بالنّازحين وضعت خطةً أوليةً، حملت في طيّاتها كلّ المعلومات عن النّازحين وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وتردّد أنّ الخطة ستشكّل طريقةً جديدةً في التعامل الرسمي بيْن بيروت ودمشق، وتعمل بمختلف الطرق للتّعاون مع المجتمع الدولي لنقل المساعدات المادّية إلى النازحين في سوريا وليس لبنان لتشجيعهم على العودة.

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

في الوقت الذي تعيش أعلى نسبة لجوء سوري في لبنان مقارنةً بمساحته وعدد سكانه، الذي يقارب الـ6 ملايين نسمة، شارف عدد السوريين المتواجدين على أرضِه المليونَيْن وفقًا للأمن العام اللبناني. وعلى الرَّغم من تحوّل هذا الملف إلى معضلةٍ كبيرةٍ، لم يجد خلال السنوات الـ14 منذ بدء الثورة السورية عام 2011، التنظيم المطلوب لعودة النّازحين إلى ديارهم، بعد تدخّل المجتمع الدولي والأوروبي بصورةٍ خاصةٍ لإبقائهم في لبنان تحت حججٍ واهيةٍ، بهدف منع وصولهم إلى أوروبا، الأمر الذي طرح جملة تساؤلات على مدى سنوات حول جديّة حلّ هذا الملف، الذي لم يكن مُحبّبًا حلّه حين كان النّظام الأسدي مُسيطرًا، إذْ كان يريد ثمنًا مقابل موافقته على عودة شعبه إلى بلاده مقابل وقف عقوبات “قيصر” الأميركية، والحصول على مساعداتٍ ماليةٍ دوليةٍ ضخمةٍ لسوريا لإعادة إعمارها، والانفتاح على النّظام عربيًا ودوليًا، الامر الذي أطلق المخاوف والهواجس من وجود نيّة لتوطينهم في لبنان، عبر اتفاقٍ أوروبيّ يتحمّل أوزاره لبنان كالعادة، مقابل مساعداتٍ ماليةٍ وصفها البعض بالرّشوة المُخيفة.

لكنّ ومنذ فترة سقط كلّ هذا بالضربة الأميركية القاضية مع هروب بشار الأسد إلى روسيا، وتولّي الرئيس أحمد الشّرع الحكم فعرف كيف ينظّم سياسة سوريا الجديدة مع المجتمع الدولي، فكان متجاوبًا من أجل مصلحة بلاده أوّلًا، فنال على الفور قرارًا أميركيًا برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة، أطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الرياض خلال زيارته المملكة العربية السعودية، التي لعبت دورًا كبيرًا عبر وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان خلال القمّة الخليجية – الأميركية.

هذا الإعلان شكّل نقطة تحوّلٍ جديدةٍ سيعيشها الشعب السوري، وفي الوقت عينه أسقط حجّة بقاء النّازحين السوريين في لبنان، إذ غاب المبرّر بالتزامن مع قلب كلّ الاوراق لصالح سوريا، والمطلوب اليوم أن تكون تداعيات هذا القرار إيجابيةً على لبنان، لإنهاء مشكلة النازحين وتنفّس لبنان الصعداء بعد سنواتٍ من تحمّل لبنان لهذا العبء، مع تكاليف تجاوزت 80 مليار دولار وِفق تقريرٍ من البنك الدولي. وبعد مناشدات من معظم الأفرقاء السياسيين اللبنانيين بضرورة عودة النازحين، لأنّ القرار الأميركي وضع إعادة إعمار سوريا على السكّة الصحيحة، بدأت بشائر هذه الفرصة تلوح في الأفق مع تحسّن الوضع الاقتصادي في سوريا، وظهور الاستثمارات التجارية التي أعادت رجال الأعمال السوريين إلى بلادهم.

إلى ذلك، أُفيد عن خطة لبنانية – سورية لتنظيم العودة على مراحل، عبر لجنة وزارية خاصة بالنّازحين وضعت خطةً أوليةً، حملت في طيّاتها كلّ المعلومات عن النّازحين وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وتردّد وِفق العارفين ومصادر اللجنة، أنّ الخطة ستشكّل طريقةً جديدةً في التعامل الرسمي بيْن بيروت ودمشق، وتعمل بمختلف الطرق للتّعاون مع المجتمع الدولي لنقل المساعدات المادّية إلى النازحين في سوريا وليس لبنان لتشجيعهم على العودة، إذ عندها ستغيب كل المبرّرات.

في هذا السياق ووِفق المعلومات، ستكون العودة منظمةً أكثر وضمن أعدادٍ كبيرةٍ وبشكلٍ تدريجيّ، كما ستلعب المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دورًا مهمًّا لتنفيذ الخطة. وفي هذا الإطار، أفيد بأنّ ما يقارب الـ 25 في المئة من النّازحين السوريين، أكّدوا عودتهم قبل انتهاء العام الحالي، بعد تقديم منحٍ ماليةٍ لهم تساعدهم على العودة بالتزامن مع مساهمات وكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان وسوريا، مع إشارة المعنيّين بالملف إلى أنّ الخطة المذكورة ستُنجز ضمن وقتٍ غير بعيد.

في غضون ذلك، سيستفيد لبنان أيضًا من خلال رفع العقوبات عن سوريا، من اتفاقيات اقتصادية وتجارية بين البلدين، ومن فتح سياسةٍ جديدةٍ دبلوماسيةٍ قائمةٍ على احترام السيادة المتبادلة، أيّ طيّ صفحات الماضي الأليم التي نتجت عن النّظام الأسدي، الذي تحكّم بلبنان على مدى عقودٍ من الزمن.

ومن الإيجابيات أيضًا وقف التهريب من معابر لبنان، وإتاحة المشاريع كنقل الكهرباء من الأردن واستيراد الغاز المِصري عبر سوريا، وهي مشاريع أساسية جدًا للبنان يحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى. على أن تكون الاشهر القليلة المقبلة حاسمة، من ناحية الانعكاسات الايجابية التي لطالما انتظرها اللبنانيون، لوضع حدٍّ لملفٍ تحمّلوا تداعياته السلبية فدفعوا الأثمان الباهظة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us