الخط الأحمر يتكرر


خاص 4 حزيران, 2025

لبنان لا يمكن أن يُحكم بخطوط حمراء يرسمها الخارج عبر أدواته المحلية. والجيش، بقيادة الرئيس جوزاف عون، أثبت في محطات سابقة أنه ليس رهينة تهديد أو ابتزاز. لذلك، لا بد من كسر هذا الخط الأحمر الجديد، كما كُسر من قبل، لأن لا دولة تُبنى في ظل التهديد، ولا سيادة تُكرّس في ظل السلاح المتفلت

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

في لقائه بالرئيس جوزاف عون، لم يتردد رئيس مجلس النواب في استخدام أسلوب التهويل السياسي حين تناول ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. توجه إلى قائد الجيش بالقول: “ابدأوا بمخيمات بيروت، أما ما يلي فقد يسبب حربًا أهلية.” هذه العبارة لم تكن سوى محاولة مكشوفة لرسم خطوط حمراء جديدة تعيق الجيش عن تنفيذ مهماته الوطنية.

هذا الموقف يعيد إلى الأذهان ما جرى عام 2007، حين رسم السيد حسن نصرالله “الخط الأحمر” حول مخيم نهر البارد، في وقت كان الجيش اللبناني يخوض معركة ضد جماعة “فتح الإسلام” التي استقدمها النظام السوري، لتقيم إمارة إسلامية في شمال لبنان. يومها، حاولت الممانعة منع دخول الجيش إلى المخيم، لحماية مشروعها التخريبي، لكن القرار الحاسم للجيش كسر هذا الخط الأحمر، ودفع اللبنانيون ثمناً باهظاً دفاعًا عن دولتهم.

اليوم، يتكرر المشهد. فالممانعة، ومن ضمنها رئيس المجلس، تسعى لحماية السلاح داخل المخيمات، حتى بعد أن أبدت السلطة الوطنية الفلسطينية استعدادها لتنظيم الوضع الأمني ونزع السلاح. لكن “حزب الله” يحرّض ضد أي خطوة في هذا الاتجاه، متمسكًا ببقاء السلاح تحت ذريعة “الخصوصية الفلسطينية”، بينما الحقيقة أن هذا السلاح بات أداة بيده، يستخدمها عند الحاجة، ويوجهها بما يخدم مشروعه الإيراني.

الخطير في الأمر أنّ هناك جهات داخل حركة “فتح” نفسها، تم اختراقها وتوظيفها من قبل “حزب الله”، لتقف ضد قرار السلطة الشرعية الفلسطينية، وتعرقل أي محاولة لضبط الأمن في المخيمات. وهكذا، يتحول السلاح الفلسطيني من عنصر مقاومة إلى عنصر ابتزاز داخلي، تُمنع الدولة من الاقتراب منه، وتُهدد بالحرب الأهلية إن فكرت بذلك.

ما يحدث ليس سوى استكمال لخطة تقويض الدولة عبر تعزيز السلاح غير الشرعي، وإبقاء المناطق خارج سيطرة الجيش اللبناني. فمخيمات الجنوب والبقاع، كما هو معلوم، تخزن سلاحًا بإشراف مباشر من “حزب الله”، واليوم يُراد لمخيمات بيروت أن تخضع للمعادلة ذاتها.

لكن لبنان لا يمكن أن يُحكم بخطوط حمراء يرسمها الخارج عبر أدواته المحلية. والجيش، بقيادة الرئيس جوزاف عون، أثبت في محطات سابقة أنه ليس رهينة تهديد أو ابتزاز. لذلك، لا بد من كسر هذا الخط الأحمر الجديد، كما كُسر من قبل، لأن لا دولة تُبنى في ظل التهديد، ولا سيادة تُكرّس في ظل السلاح المتفلت.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us