لا إعمار إلا بعد ضمان عدم تكرار الدمار


خاص 5 حزيران, 2025

معضلة لبنان، كما يراها الخارج، تتلخص بعدم معاقبة، أو البدء بإجراءات معاقبة، أي مرتكب من رموز التحالف الأسدي-الإيراني البائد كما عدم إعتماد خارطة طريق مرتبطة بجدول زمني للإصلاحات، خصوصاً ما يتعلق بنزع سلاح الميليشيات بصفته مقدمة إلزامية للإعمار لضمان عدم تكرار الدمار

كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:

يعاني لبنان من التخلف عن مواكبة التطورات في الشرق الأوسط ما يكشف عجزه عن تحقيق إصلاحات إلزامية مطلوبة منه إقليمياً ودولياً لإخراجه من مستنقع التفلت والفساد الذي غرق فيه لنصف قرن من الإحتلالين الأسدي والإيراني.

معضلة لبنان، كما يراها الخارج، تتلخص بعدم معاقبة، أو البدء بإجراءات معاقبة، أي مرتكب من رموز التحالف الأسدي-الإيراني البائد كما عدم إعتماد خارطة طريق مرتبطة بجدول زمني للإصلاحات، خصوصاً ما يتعلق بنزع سلاح الميليشيات بصفته مقدمة إلزامية للإعمار لضمان عدم تكرار الدمار.

معضلة أخرى يعاني منها لبنان هي رفض شريحة عريضة من المواطنين في المدن الكبرى للإصلاح لأنه يقضي على الفساد الذي ترتبط به مصالحهم أكانوا من بلطجية مقاهي الأزقة وتعاطي المخدرات أو من بارونات “شركات” تتعاطى الإقتصاد النقدي وغسل الأموال والتهرب الضريبي.

وبدلاً من تركيز الجهد على جباية المستحقات الجمركية والغرامات التي يفرضها القانون على المشاريع المشادة على الأملاك العامة والأملاك البحرية وخطوط السكك الحديدية التي كانت تربط الساحل اللبناني من شماله إلى جنوبه بطول 225 كيلومتراً، كما خط سكك الحديد الذي يربط بيروت بسهل البقاع بطول 82 كيلومتراً واللذين كانا أساس حركة النقل والترانزيت قبل إندلاع الحرب الأهلية في العام 1975، ما زال فسادها مستشرياً حتى الآن.

وبدلاً من كل تلك الثروات الضائعة التي تنتظر من يجبيها لصالح خزينة الدولة إبتدعت الحكومة فرض زيادة على أسعار الوقود السائل، بشقيه البنزين والديزل، لتأمين زيادة رواتب العسكريين، ما يهدد بعصيان مدني محتمل إضافة إلى أنه يسيء لعلاقة الشعب بالعسكر لأن الشعب يتحمل تأثير الزيادة على إرتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، علماً بأن القرار صدر في غياب وزير الطاقة والمياه جو صدي خارج لبنان، وهو من كتلة حزب القوات اللبنانية، فوقّعت نيابة عنه وزيرة الطاقة بالوكالة-وزيرة البيئة تمارا الزين وهي من حركة أمل.

ردت نقابات قطاع النقل وموظفي القطاع العام بالدعوة إلى إضرابات تحذيرية، وأعلن حزب القوات اللبنانية أنه سيطعن لدى مجلس شورى الدولة بقرار رفع أسعار المحروقات، ما يؤشر إلى بداية صراع بين المكونات اللبنانية على أبواب سنة إنتخابات نيابية يتوقع أن تكون حافلة بالتنافس والتحالفات إضافة إلى مواجهة معضلة إقرار قانون إنتخاب حديث يؤمن صحة التمثيل الشعبي ولا يفرض لوائح مقفلة على الناخب اللبناني.

إضافة إلى الصراع السياسي الداخلي الذي يؤخر إلتحاق البلد بمسيرة قطار الشرق الأوسط الجديد، فوجئ اللبنانيون بقرار أميركي يتيح للرئيس السوري أحمد الشرع ضم جنود أجانب إلى الجيش السوري الجديد علماً بأنهم يؤمنون بعقائد قتالية غريبة، ما يمكن أن ينتشر في بقية دول الشرق الأوسط.

ما يطرح السؤال: هل يفتح قرار ضم 3،500 مقاتل أويغوري إلى الجيش السوري الجديد الباب أمام المطالبة بضم عناصر حزب الله للجيش اللبناني على الرغم من إيمانهم بعقيدة إيمانية-قتالية غريبة تتبع ولاية الفقيه الإيراني؟ وهل يفتح هذا التوجه أبواب مطالبة مكونات أخرى بضم عناصر من خارج نسيجها الإجتماعي إلى جيوشها؟

السفير الأميركي لدى تركيا الذي إعتمد أيضا مبعوثاً خاصًّا للرئيس دونالد ترامب إلى سوريا قال إن واشنطن أعطت “مباركتها لخطة القيادة السورية الجديدة لدمج الآلاف من المقاتلين الجهاديين السابقين الأجانب في الجيش الوطني، شريطة أن تفعل ذلك بشفافية.”

وبموجب خطة الرئيس الشرع سيتم ضم 3،500 مقاتل أجنبي غالبيتهم من الأويغور الصينيين من جذور تركية وبعض الشيشانيين إلى الجيش السوري الجديد على أن يتم دمجهم مع السوريين للحؤول دون تكوينهم قوة منفصلة بعقيدة قتالية خاصة، على أن تتولى تركيا المساعدة في تدريبهم كونهم يتكلمون لغتها، وإن بلكنة صينية، وجميعهم من المسلمين السنّة.

يذكر أن اللغة الأويغورية يتكلمها قرابة 13 مليون شخص في آسيا الوسطى، غالبيتهم العظمى في الصين. وقد عارض الأويغور تاريخياً الحكم الصيني وطالبوا بدولة مستقلة تحمل إسم “شرق تركستان”.

السؤال المطروح هو: ما الذي دفع ترامب إلى القبول بضم الأويغور إلى الجيش السوري مع أنهم كانوا على مدى 13 سنة وحتى قبل أقل من شهر على رأس مطالب أميركا لإستبعادهم عن قوات الأمن السورية؟

يقول مصدر إقليمي مطلع إن الشرع أقنع ترامب بأن إستبعاد المقاتلين الأجانب سيدفعهم للإنضمام إلى “داعش” أو “القاعدة” ما يخلق مشكلة أكبر للولايات المتحدة وأوروبا ودول الشرق الأوسط، بإستثناء إيران التي تتعامل مع التنظيمين الإرهابيين أساساً.

وأضاف المصدر الإقليمي أن إستبعاد الأجانب عن ضمهم إلى الجيش السوري “القادرة قيادته بالتعاون مع تركيا على إستيعابهم وتلقينهم عقيدة قتالية غير معادية للآخر، قد يدفعهم إلى الإلتحاق بحركتي حماس والجهاد الإسلامي التابعتين لإيران ما يرفع حدة الصراع في فلسطين ويربك لبنان.”

وإعتبر أن “توجهاً ما في لبنان يعتمد خطة تجريد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من أسلحتها في محاولة لتأجيل نزع سلاح ميليشيا حزب الله وتنظيمات محور الممانعة التابع لإيران بإنتظار نضج الظروف التي تسمح بتطبيق إستراتيجية دفاعية أو ما يعرف بإستراتيجية أمن وطني تتيح إستيعاب الميليشيا التابعة لعقيدة الولي الفقيه في الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية ما يمكنها من المحافظة على بندقيتها التي تضمن بقاءها على طاولة التحالفات في الإنتخابات النيابية المصيرية العام المقبل”.

وخلص المصدر إلى القول: “لا أتوقع أن تسلّم المخيمات الفلسطينية سلاحها قبل تسليم أسلحة حماس، والجهاد الإسلامي، وحزب الله وبقية فصائل الممانعة أسلحتها، على أن يطبق لبنان ما إتفق عليه من الرئيس عباس لجهة منح فلسطينيي لبنان حقوقهم الإنسانية-الإجتماعية”.

وأكد على أن ترتيبات إعادة الإعمار “لن تبدأ إلا بعد تنفيذ كل ما إتفق عليه مع الرئيس عباس. الدول الداعمة لا تريد تمويل الإعمار إلا بعد التأكد من عدم تكرار الدمار”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us