علي أبي رعد لـ”هنا لبنان”: ضربة مركّبة لإيران بضوء أخضر أميركي والمنطقة على أبواب مواجهة مفتوحة

خاص 13 حزيران, 2025

في تطوّر وصفه بـ”الخطير والكبير”، اعتبر الخبير العسكري والإقليمي، العميد المتقاعد علي أبي رعد، في حديث خاص لـ”هنا لبنان”، أنّ ما حصل في إيران اليوم هو بمثابة إنذار بأن المنطقة مُقبلة على مرحلةٍ جديدةٍ من المواجهة المفتوحة “لا حدود فيها ولا خطوط حمر”.

وأوضح أبي رعد أنّ الضربة التي وجّهتها إسرائيل ضد إيران، والتي تمّت على ما يبدو بضوء أخضر أميركي، استهدفت قيادات الصف الأول في القوات المسلحة الإيرانية، بالإضافة إلى منشآت حيوية، بعضها نووي، كمرافِق الغاز، فضلًا عن اغتيال عددٍ من الخبراء المرتبطين بالمشروع النووي الإيراني.

وأضاف أن المعلومات المتوافرة تشير إلى استهداف ستةٍ من أبرز الخبراء في البرنامج النووي الإيراني، ما شكّل “ضربةً مفاجئةً وصاعقةً حققت جزءًا من أهدافها”، على حدّ تعبيره، مشيرًا إلى أنّ الضربة طالت منشأة “نطنز” النووية حيث “حدث تسرب نووي داخل المنشأة وليس خارجها، بحسب رأيه”.

ووصف أبي رعد العملية بأنّها “ضربة ردعية ما قبل النووي”، موضحًا أنّ الهدف منها ليس إنهاء المشروع النووي، بل تأخيره وخلخلة البنية التحتية المرتبطة به. وتابع: “بحسب الإعلام الإسرائيلي، الضربات ستستمر لأيام وربما لأسبوع أو أسبوعين، لكن في كل الحالات، هذا القصف لن يوقف البرنامج النووي الإيراني”.

وتطرّق العميد المتقاعد إلى التحدّيات الجغرافية التي تعيق فعّالية الضربات العسكرية ضد البرنامج النووي، قائلًا: “البرنامج النووي الإيراني منتشر في مواقع عديدة داخل إيران، التي تمتدّ على مساحة 1,650,000 كلم² وتتميّز بجغرافيا وعرة وجبال شاهقة. المنشآت والصواريخ الإيرانية موجودة في أعماق هذه الجبال، ما يصعّب استهدافها”.

ورأى أن ما جرى يكشف عن “اختراق أمني واستخباراتي كبير جدًا”، وقال إنّ هذا الاختراق تجلّى في القدرة على تنفيذ العملية داخل الجمهورية الإيرانية بهذا الحجم والتنسيق، مرجّحًا أنّ ذلك مرتبط بعامل الزمن والمُماطلة الإيرانية في المفاوضات مع الأميركيين، بالإضافة إلى ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية.

وتابع أبي رعد: “منذ سنوات نسمع تحذيرات من الأميركيين والإسرائيليين، بأن إيران إذا وصلت إلى تخصيب اليورانيوم بدرجاتٍ عاليةٍ فإنها ستكون على بعد خطوات من امتلاك سلاح نووي. وما حصل اليوم هو هجوم مركّب بدأ بضربة استخباراتية استهدفت الدفاعات الجوية، ومخازن الأسلحة، ومواقع عسكرية، وحتّى شققًا سكنية، وهذا بحدّ ذاته يؤكد وجود اختراق أمني”.

وأردف أن العملية تمت “من الجو والبر والبحر”، وكان الهدف الأساس منها “إحداث صدمة كبيرة في الهيكلية القيادية، وضرب منظومة القيادة والسيطرة الإيرانية”.

وعن ردود الفعل الإيرانية، لفت أبي رعد إلى أن “الوضع المستقبلي ما زال غير واضح، لكن المُلاحظ هو السرعة التي تعاملت بها القيادة الإيرانية مع إعلان أسماء القتلى من الحرس الثوري والأركان، حتّى العلماء ورؤساء الجامعات تم الكشف عن أسمائهم بسرعة”. كما تم استبدال القيادات التي قُتلت بسرعة، مما يدلّ على حرص طهران على الإيحاء باستمرارية القيادة.

وأشار إلى أن “إسرائيل تعتبر أنها حقّقت إنجازًا كبيرًا، سيؤدي إلى تأخير المشروع النووي الإيراني”، مضيفًا: “كلّ الدلائل كانت تشير إلى اقتراب الضربة، وآخرها كان تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ يومين، حين سُئل عن المتوقع حصوله، فأجاب بكلمة واحدة: سترون”.

وردًّا على سؤال حول اتجاه الأمور، قال أبي رعد: “هناك الكثير من الأسئلة، لكن لا أجوبة حاسمة حتى الآن. الأمر المؤكد الوحيد أنّ الإيراني بات مضطرًّا للرد. إنْ لم يردّ، يكون قد خسر كل شيء، لأن ما حصل ليس مجرّد ضربة، بل هو إعلان حرب بكل معنى الكلمة”.

وتابع: “إذا لم تردّ طهران، فهي تكون قد فقدت هيبتها وقدرتها الردعية، ما سيجبرها على العودة إلى طاولة المفاوضات مطيعةً وتنفذ الشروط الأميركية”. لكنه استدرك قائلًا: “الإيراني حاليًا في حالة صدمة، ويحاول إعادة التوازن داخليًا، خصوصًا داخل المؤسسة العسكرية، وأعتقد أن الردّ سيحصل، ولن يتأخر، لكنه لن يكون دفعة واحدة”.

وأشار إلى أن المسافة بين إيران وإسرائيل تتراوح ما بين 1600 و1800 كلم، ما يعني أن “العديد من الطائرات التي شاركت في الضربة انطلقت من قواعد أميركية في الخليج أو قواعد بريطانية”.

وعن احتمال انخراط “حزب الله” في الرد، أكد أبي رعد أنه “لن يكون هناك أي تدخل من قبل الحزب في الداخل اللبناني، لأنّه ملتزم بوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى أن الحزب في حالة ركود استراتيجي بعد الضربات والحرب الأخيرة”.

وختم بتحذيرٍ: “إذا أصرّ الأميركي على تبنّي الموقف الإسرائيلي بالكامل، فذلك يعني أننا ذاهبون نحو حربٍ شاملةٍ بكل معنى الكلمة، والقواعد الأميركية في الخليج والشرق الأوسط لن تكون بمنأى عن الصواريخ الإيرانية، ولا حتى عن مرمى الصواريخ اليمنية”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us