إسرائيل تُجهض إيران بضربة موجعة… تغيّر قواعد اللعبة!


خاص 14 حزيران, 2025

الضغوط العسكرية التي تتعرّض لها طهران دفعتها إلى مراجعة حساباتها، خصوصًا أنّ سقف المطالب الإسرائيلية والأميركية بات أكثر واقعيةً الآن، لأن إيران تُقاتل تحت النار، وليس من موقع مريح كما في السابق، وهي عاجزة عن تحريك أذرعها العسكرية التقليدية مثل “الحزب” والميليشيات الأخرى، نظرًا لتعرضها هي الأخرى لضربات واستنزاف.

كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

في تطوّرٍ غير مسبوقٍ، وجّهت إسرائيل سلسلة ضرباتٍ نوعيةً مباشرة ضدّ أهداف داخل الأراضي الإيرانية، شملت منشآت عسكرية ومواقع نووية حساسة. وأسفرت هذه الضربات عن مقتل عددٍ من كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني، بينهم القائد العام حسين سلامي، في ضربةٍ نوعيةٍ شكّلت زلزالًا داخل بنية النظام الأمنية والعسكرية.

هذه الضربات، التي جاءت بعد سنواتٍ من المواجهات غير المعلنة، وضعت طهران في موقفٍ دفاعيّ هو الأشدّ منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيّات القرن الماضي. الضربة الأولى كانت مباغتةً في توقيتها ودقّتها، واستهدفت مراكز مرتبطةً بالبنية التحتية العسكرية النووية، إضافة إلى مواقع تصنيع طائرات مُسيّرة وصواريخ دقيقة.

اللافت أنّ هذه الضربات لم تكن منفلتة من السّياق، بل جاءت نتيجة تنسيق سياسي وعسكري عالٍ بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

في المقابل، جاء الردّ الإيراني محدودًا ومضبوطًا، عبر إطلاق مُسيّرات وصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، بعضها تمّ اعتراضه والبعض الآخر تسبّب بأضرارٍ طفيفةٍ، ما يعكس حرص طهران على عدم توسيع دائرة المواجهة، على الرغم من التصعيد الكلامي والسياسي.

لكن في ظلّ هذا المشهد المتفجر، إلى أين تتجه هذه الحرب؟

وهل نحن أمام صراع طويل يغيّر ملامح النظام الأمني في الشرق الأوسط، أم أن الأطراف ستسعى إلى تهدئةٍ مدروسةٍ تحفظ ماء الوجه وتُعيد رسم خطوط الاشتباك؟

وهل ستتدحرج المواجهة إلى دول الجوار، أو تُبقيها واشنطن وتل أبيب ضمن حدود السيطرة والتكتيك؟

في ظلّ التطورات الأخيرة، يقول المحلّل السياسي جوني منيّر لموقع “هنا لبنان” إنّ “ما يجري حاليًا بين إسرائيل وإيران هو بمثابة حربٍ منسّقةٍ بين إسرائيل والولايات المتحدة، وليست مجرّد مواجهات متفرّقة”.

ويوضح أنّ “إسرائيل نجحت في توجيه الضربة الأولى مستفيدةً من عنصر المفاجأة، ما يعكس مدى التنسيق المُسبق والإعداد المكثّف الذي سبق هذا التصعيد”.

ويضيف منيّر أنّ “هذه الضربة الأولى تمثّل فقط بداية جولات طويلة من المواجهات، مشيرًا إلى أنّ ما يؤكد ذلك هو أنّ الحرب لن تكون قصيرةً، بل ستستمر نسبيًا حتّى تحقق أهدافها الكاملة، والتي قد تتجاوز الضربات العسكرية إلى تغييراتٍ أعمق في المنطقة”.

ويتابع: “الضربات الإسرائيلية ركّزت حتى الآن على القدرات العسكرية الإيرانية وبعض المراكز النووية، لكنّها تجنبت استهداف التركيبة الحاكمة في طهران، قائلًا: “كان يمكن لإسرائيل أن تستهدف شخصيات قيادية كبرى مثل المرشد الأعلى علي خامنئي، لكنّها لم تفعل حتى الآن، مما يشير إلى أن هناك رسائل سياسية خلف الضربات، وليس فقط أهدافًا عسكريةً بحتة”.

ويشير منيّر إلى أنّ “إسرائيل والولايات المتحدة ربما تسعيان إلى إجبار النظام الإيراني على التفاوض، إمّا عبر الضغط العسكري أو عبر فتح قنوات دبلوماسية خلف الكواليس”، مشيرًا إلى أن “هناك على ما يبدو جهود سرية تقودها سلطنة عُمان لترتيب تفاهمٍ يقضي ببقاء النظام الإيراني مقابل انصياعه لشروط التفاوض”.

كما يوضح منيّر أنّ “الضغوط العسكرية التي تتعرّض لها طهران دفعتها إلى مراجعة حساباتها، مؤكدًا أنّ سقف المطالب الإسرائيلية والأميركية بات أكثر واقعيةً الآن، لأن إيران تُقاتل تحت النار، وليس من موقع مريح كما في السابق”.

وحول تداعيات هذه الحرب على المنطقة، يقول منيّر: “نحن الآن في مرحلة حماوة عالية مرشّحة للاستمرار، لكن في الوقت ذاته إيران تجد نفسَها عاجزةً عن تحريك أذرعها العسكرية التقليدية مثل حزب الله والميليشيات الأخرى، نظرًا لتعرضها هي الأخرى لضربات واستنزاف”.

ويضيف: “إيران لطالما تجنّبت الدخول في حروب مباشرة، مستندةً إلى فتوى الإمام الخميني التي تحرّم الانخراط المباشر في الحروب، ولكن اليوم وجدت نفسَها في قلب المعركة، وهذا ما سيدفعها إلى محاولة الخروج بسرعة منها، ولو مقابل تنازلات سياسية”.

ويختم منيّر حديثه: “إيران تحاول الآن الموازنة بين الردّ المحدود لحفظ هيبة النظام، وبين تفادي الانزلاق إلى حربٍ شاملةٍ قد تهدّد بقاء النظام نفسه. لكنّ الواضح أننا دخلنا مرحلةً جديدةً، وهذه الحرب لن تنتهي إلا بعد إعادة رسم وجه المنطقة، تمامًا كما كان يطمح نتنياهو حين دعا إلى تغييرٍ شاملٍ في التوازنات الإقليمية”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us