صواريخ إيران في سماء لبنان

لبنان دخل في الحرب من خلال عبور صواريخ إيران التي لا تريد إذناً للعبور مثل ما حصل مع الطائرات الإيرانية التي لم يُسمح لها بالهبوط في مطار بيروت.. وبدا أنّ إيران مستفيدة من أنّ الأجواء اللبنانية سالكة أمام صواريخها، في حين لم يكن هذا العبور ميسوراً في مناطق أخرى متاخمة لإسرائيل
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
أصبح لبنان في دائرة الخطر جراء تراشق الصواريخ ما بين إيران وإسرائيل. وأشارت المعلومات في الساعات الماضية إلى هدير انفجارات في الأجواء في منطقة الجنوب جراء مرور الصواريخ الإيرانية وتصدي إسرائيل لها .
لبنان دخل في الحرب من خلال هذا العبور للصواريخ إيران التي لا تريد إذن العبور مثل ما حصل مع الطائرات الإيرانية التي لم يسمح لها بالهبوط في مطار بيروت .
بدا أن إيران مستفيدة من أن الأجواء اللبنانية سالكة أمام صواريخها ، في حين أن هذا العبور لم يكن ميسوراً في مناطق أخرى متاخمة لإسرائيل .فعلى سبيل المثال ، تولى الأردن بنفسه إسقاط الصواريخ الإيرانية للإعراب عن رفضه أن تستخدم أجواءه لمرور هذه الصواريخ لأنه قرر ألا تكون له أي صلة بهذه الحرب.
لم يأخذ لبنان حتى هذه اللحظة بالاعتبار صواريخ إيران ،لكنه ركز على صواريخ “حزب الله” وهو وجه الرسائل مباشرة ل”الحزب” بألا يورط لبنان مجددا بهذه الحرب. وتتحدث المعلومات عن وجود مخزون من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى لدى “الحزب” وهو حتى هذه اللحظة لم يقرر استخدامها. لكن من يعلم، فقد يفعل ذلك تحت وطأة طلب إيراني مستعجل وخصوصا أن إيران تمر اليوم بأدق مرحلة في تاريخها وربما تلجأ على طريقة شمشون “عليّ وعلى أعدائي يا رب” فتطلب من “حزب الله ” وغيره من اذرعها في المنطقة أذهبوا إلى مغامرة ولو كانت مدمرة.
ركز المسؤولون في الأيام الأخيرة اهتمامهم على موضوع الملاحة الجوية بعدما أوقفت الشركات الأجنبية رحلاتها إلى بيروت .وقررت الشركة الوطنية الميدل ايست استمرار عمل المطار بالرغم من المخاطر المحتملة . وكان اول ما بادر اليه رئيس الجمهورية بعد عودته من روما هو ترؤس اجتماع أمني ركز فيه القادة الامنيون على موضوع الملاحة الجوية .وسيحضر هذا الموضوع اليوم في جلسة مجلس وزراء لمتابعة هذه القضية الحساسة خصوصاً ونحن سمعنا في الساعات الماضية مناشدة مئات اللبنانيين العالقين في شرم الشيخ ويريدون العودة إلى بيروت ، ومثلهم الكثير الذين شردوا في العالم نتيجة هذا التطور المفاجئ الذي أثر على حركة الملاحة والذهاب من بيروت والعودة إليها.
ستتجه الأنظار اليوم إلى جلسة مجلس الوزراء لمعرفة أمريّن. الأول، كيف سيتخذ مجلس الوزراء موقفاً حازماً بوجه “حزب الله” فيحذره بصورة واضحة جلية لا لبس فيها من مغبة أي تورط في أية مغامرة تجر لبنان إلى حرب لا نعرف ما هي نتائجها. والثاني، سيتم الاهتمام بما سيصدر عن مجلس الوزراء للتعامل مع الصواريخ الإيرانية. فإذا كان لبنان لا يملك القدرة كما الأردن على إسقاط صواريخ إيران، فهو على الأقل قادر على مخاطبة طهران مباشرة والطلب منها بأن تجد أي مسار آخر لإيصال صواريخها إلى أسرائيل غير الأجواء اللبنانية. وهذه مسألة تقنية، إذ يستطيع من يطلق الصواريخ من طهران أن يعرف ما هو المسار الذي ستسلكه.
فهل سيتخذ مجلس الوزراء هذين الموقفين من “حزب الله” ومن إيران؟
في انتظار هذا النهار ، حملت الانباء الصحفية من العراق معلومات حول الموقف هناك من الحرب الدائرة. تقول هذه المعلومات انه باستثناء شكوى رفعتها بغداد إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل؛ احتجاجاً على خرق السيادة، تلوذ الحكومة العراقية بالحذر، وتراقب بخشية تطور مسار الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، ولعلّ إغلاق الأجواء العراقية أمام حركة الطيران من أهم الدلائل على أن البلاد ليست في منأى تماماً عن تداعيات الحرب.
وتشير المعلومات إلى أن الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، ورغم عدم تحركها الفعلي حتى هذه اللحظة، فإنها تقول على لسان المتحدث باسم “كتائب سيد الشهداء” الشيخ كاظم الفرطوسي ان “الإمكانات المتوفرة لدى الفصائل لن تغيِّر الموازين في ظل حرب شرسة تُستخدَم فيها صنوف الصواريخ والتقنيات والمعدات العسكرية الفتاكة”.
ونقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” عن مسؤول رفيع المستوى، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن “العراق طلب رسمياً من إيران عدم استهداف المصالح الأميركية في أراضيه، ووعدنا الإيرانيون خيراً. وأن إيران متفهمة للطلب العراقي”.
لكن اقصى ما بلغته الفصائل العراقية التابعة لإيران ، هو التهديد ب”استهداف مصالح أميركية إذا تدخلت واشنطن بالحرب بين إسرائيل وإيران”.
تعطي هذه الأنباء الآتية من العراق فرصة للبنان لكي يسير في هذا الاتجاه. وعندما نقول العراق ، فإننا نتحدث عن البلد الشيعي الوحيد في هذه المنطقة الذي تحكمه أكثرية شيعية كما هو الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فإذا كان النظام الشيعي في العراق، البلد العربي أيضا، يتصرف على هذا النحو ، فأي عذر يبقى للنظام في لبنان الذي هو متنوع ويعبر عن شتى المذاهب والطوائف ان لا يحذو حذو شقيقه في بلاد ما بين النهرين؟
نحن اليوم في مرحلة ليست على طريقة الفن للفن، ولكن في مواجهة مع موضوع مصيري. فإما ان ينجو لبنان كما يجب أن ينجو، وإلا فإنه ذاهب مرة أخرى إلى المحنة التي كانت في الماضي نتيجة غياب الموقف الواضح من قبطان سفينة الحكم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() عاد لبنان إلى دائرة القلق | ![]() وزير خارجية إيران اليوم في بيروت: ولّى زمن العواصم الأربع | ![]() طريق “الحزب” لـ”التحرير” تمرّ بجزين! |