حرب إيران وإسرائيل ترعب الضاحية.. سكانٌ يبحثون عن مكانٍ آمن


خاص 16 حزيران, 2025

بدا أنّ لبنان هو البلد الأكثر تأثراً واضطراباً جراء الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، حيث تابع مسؤولون ومواطنون تطورات الأحداث وسط تخوّف من أن تطال شظايا الهجمات لبنان في حال غامر “الحزب”، وذهب إلى “حرب إسناد” جديدة لحليفته إيران ضدّ إسرائيل، وحوّل لبنان إلى جبهة إيرانية متقدمة


كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

الضربات الإسرائيلية على إيران وردّ الأخيرة عليها لم تربك البلدين فحسب، بل أقلقت الدول المجاورة وتلك التي يستخدم مجالها الجوي ممرّاً للصواريخ المتبادلة. وبدا أن لبنان هو البلد الأكثر تأثراً واضطراباً جراء الهجمات المتبادلة، حيث تابع مسؤولون ومواطنون عن كثب تطورات الأحداث وسط تحسّس لما قد تؤول إليه الأمور وتخوّف من أن تطال شظايا الهجمات لبنان في حال غامر “حزب الله”، وذهب إلى “حرب إسناد” جديدة لحليفته إيران ضدّ الهجمات الإسرائيلية، وحوّل لبنان إلى جبهة إيرانية متقدمة.
الهجوم الإسرائيلي على إيران في ساعاته الأولى، وقع كالصاعقة على اللبنانيين، الذين لم يستفيقوا بعد من أهوال الحرب الأخيرة التي عاشوها العام الماضي، وعاد كابوس الحرب يسيطر على سكان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين لم ينعموا بتاتاً بالاستقرار، منذ سريان مفعول وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، بسبب الإنذارات الإسرائيلية المتكررة لهم واستهداف مبانٍ في عمق الضاحية، فقضوا ليلة الهجوم الأولى ونهارها على شاشات التلفزة وهواتفهم الجوالة يترقبون الأخبار العاجلة وسط تساؤلات عن إمكانية استهداف منطقتهم مجدداً، وهذا الكابوس دفع بالعديد من السكان إلى اصطحاب أولادهم من المدارس ومغادرة منازلهم باتجاه بيوت أقربائهم خارج الضاحية ريثما تتضح الصورة أكثر.
شهد اليوم الأول بعد الهجوم هدوءًا حذراً في العديد من شوارع الضاحية ترافق مع حركة تنقل خجولة في النهار، ما لبثت أن تبدّلت في ساعات الليل وتحديداً مع إعلان الهجوم الإيراني المعاكس على إسرائيل، حيث جابت الدراجات النارية والمركبات الشوارع رافعة أعلام إيران و”حزب الله” محتفلة بالردّ، مطلقة شعارات مؤيدة لطهران، فيما انصرفت عشرات العائلات لتوضيب حقائب طوارئ تحسباً للأسوأ. هذا الأمر أكدته “فاطمة.ع” التي تركت مع أطفالها الثلاثة بيتها في حي الجاموس فور شيوع خبر بدء الهجوم، وقالت لـ”هنا لبنان”، إنها “ومنذ اللحظة الأولى للهجوم الإسرائيلي على إيران شعرت بالخوف الشديد فحزمت حقيبة كبيرة ضمّنتها ثياباً وحاجات أساسية وتوجهت الى منزل شقيقتها في مدينة عاليه خوفاً من شن هجمات إسرائيلية على الضاحية”. تشير “فاطمة” الى حالة اللّااستقرار التي يعيشونها، ليس فقط منذ تشرين الأول الماضي بل أيضاً عندما دمرت إسرائيل الضاحية في العام 2006، يومها خسرت منزلها ثمّ أعادت بناءه، لكن هذه المرّة كانت الأصعب لأن “وقف إطلاق النار” موجود بينما القصف الإسرائيلي مستمر”. لا تخفي “فاطمة” أنها تبحث، منذ شهر تقريباً عن مأوى خارج المنطقة، وتقول: ” نحن نصطدم بعائقين، الأول أننا شيعة (رغم أن المالك لا يفصح لنا بصراحة عن هذا السبب لكننا نشعر به) والثاني غلاء الإيجارات”.
اللبنانيون محلّلون استراتيجيون
اعتاد اللبنانيون في الحروب، ورغم أن الحرب هذه المرة ليست على أرضهم، أن يحوّلوا بيوتهم ومقاهيهم إلى مقرّات للتحليلات السياسية، فيها يتحوّل الجميع إلى محللين استراتيجيين، منهم من يتوقع ضربة مدوية لإسرائيل، غيرهم من يرى خسارة قاسية لإيران، وبين مؤيد لهذا ومعارض لذاك، ترتفع أصوات تطالب بتحييد لبنان عما يحصل، هذا هو حال الرجل السبعيني الحاج “أبو هادي” الذي تلاشت قدرته على التحمّل، ويقول لـ “هنا لبنان”: “لم يعد باستطاعتنا أن نرى المزيد من المآسي، نريد أن نعيش بأمان، هي المرة الثانية التي أعيد فيها ترميم بيتي ومحلي. هرّبت عائلتي في الحرب الأخيرة إلى منطقة بعبدا كونها أكثر أمناً. بعد انتهاء الحرب عدنا إلى بيتنا في حيّ الليلكي الذي تضررت شرفاته، فتحت مجدداً محلّ السمانة الذي أملكه في الحي، لكن الإنذارات التي تردنا من “أفيخاي” كل مدّة حوّلت حياتنا إلى كابوس. وما زاد الطين بلّة الحرب الكبرى التي بدأت منذ يومين بين إسرائيل وإيران، زاد شعورنا بعدم الاستقرار، للأسف مصيرنا مجهول ومعلّق بمصير دولة أخرى، لا نعلم إن كانت الحرب سترتد علينا. بتنا نخشى على أولادنا من الغد من مستقبل مجهول، نأمل أن تنتهي الحرب بسرعة وأن تتوقف الضربات الإسرائيلية وأن يتوحّد اللبنانيون لما فيه خير بلدهم”.
لم تربك الحرب الإسرائيلية- الإيرانية أهل الضاحية وحدهم، بل أربكت كلّ اللبنانيين الذين يترقّبون توقّف الحرب بسرعة وهم ينتظرون بفارغ الصبر عودة أقاربهم من الخارج في موسم صيفي سياحي كان من المفترض أن يكون واعداً .

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us