القطاع الفندقي في مأزق… الحجوزات تنخفض 50% ومطالب بإنقاذ الموسم السياحي

يُطالب القائمون على القطاع الفندقي بضرورة تدخل الجهات المعنية لتوفير الدعم والحماية اللازمة، وفتح قنوات للحوار والعمل على الحدّ من التأثيرات السلبية للنزاعات الإقليمية. إذ إنّ استمرار تراجع الحجوزات بهذا المعدل لن يؤدّي فقط إلى خسائر مالية فادحة، بل قد يدفع القطاع إلى موجة إغلاق واسعة
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
يشهد القطاع الفندقي في لبنان حالةً من الانكماش الحادّ، بعدما تراجعت الحجوزات بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالأعوام السابقة. هذا الانخفاض الكبير لم يكن وليد الظروف الاقتصادية المتدهورة فقط، بل جاء في ظلّ تصاعد التوترات الإقليمية التي تؤثر بشكل مباشر في الأمن والاستقرار في البلاد، مما دفع القطاع الفندقي إلى حافّة الانهيار.
في خضمّ هذا الانكماش، تعيش الفنادق اليوم أوقاتًا عصيبةً، فالقطاع الذي كان يعلّق آمالًا كبيرة على الموسم السياحي لهذا العام، مستبشرًا بعودةٍ تدريجيةٍ للزوار بعد سنواتٍ من الركود، سرعان ما تلقّى ضربةً موجعةً مع التصعيد الأخير في الصراع الإيراني – الإسرائيلي، الذي أطفأ تلك الآمال وأعاد الأجواء إلى دائرة القلق والترقّب. لم تعد الفنادق تنتظر الزوار كما كانت تفعل في مواسم الصيف السابقة، وتراجع الإقبال بشكل لافت.
هذا الواقع المأساوي يؤثر بشكل مضاعف في كبد الاقتصاد اللبناني الهشّ بالفعل، حيث يشكّل قطاع السياحة والفنادق ركيزةً مهمةً للدخل الوطني وفرص العمل.
المشاكل الاقتصادية لم تعد وحدها تفرض تحدّيات على هذا القطاع، بل أصبحت الصورة الأمنية غير المستقرة في البلاد نتيجة للتوترات الإقليمية بين جهاتٍ متصارعةٍ، عاملًا يُثني الزوار عن القدوم.
هذا الانعكاس الميداني تجسّده شهادات العاملين في القطاع، الذين ينقلون واقعًا أكثر قسوةً على الأرض، مؤكّدين أن الوضع الحالي يقوّض كل جهودهم في الحفاظ على منشآتهم، وأنّهم يعيشون حالةً من القلق الدائم على مستقبل أعمالهم. فبينما يرتبط الاقتصاد اللبناني بشدة بقطاع السياحة، فإنّ أي هزّة في استقرار المنطقة تُلقي بظلالها على صورة لبنان كوجهةٍ سياحيةٍ آمنةٍ وجذابة.
يقول أحد أصحاب الفنادق في جبل لبنان لموقع “هنا لبنان” وهو يتأمّل ردهة الاستقبال الفارغة: “لم أرَ فندقي بهذا الشكل منذ سنوات الحرب. الصيف كان بالنسبة لنا موسمًا للحياة. أمّا الآن، فالهواء هو الزائر الوحيد الذي يتنقّل بين الغرف. الحجوزات لا تتعدّى 30%، ومع ازدياد التوتّر الاقليمي، باتت الحجوزات تُلغى”.
وفي العاصمة، يقول مدير فندق صغير وسط بيروت: “نعيش من أسبوعٍ إلى أسبوعٍ. لم نعد نخطّط لأشهرٍ مقبلةٍ، بل نحاول فقط أن نؤمّن رواتب المُوظفين والكهرباء. النّزاعات الإقليمية جعلت لبنان ساحة صراع، والسائح، مهما كان مغامرًا، لا يأتي إلى منطقة مشتعلة”.
من الجنوب، حيث اعتادت الفنادق استقبال زوار من الشتات اللبناني والخليج، يقول صاحب أحد الفنادق: “كانوا يأتون إلينا كلّ صيف، نعدّ الأيام قبل موسم الحجوزات. أما اليوم، فالسكون يخيّم على المكان. أصبحنا نكتفي بحفلاتٍ صغيرةٍ أو زوار محليين بالكاد يغطّون كلفة التشغيل. الحروب الاقليمية تنفجر في وجوهنا نحن”.
أمّا في الشمال، فيروي صاحب فندق مطلّ على البحر: “أطفأت الأنوار في نصف الغرف. لم أعد أستطيع تشغيل كل الطوابق. أخشى أن أُجبر على الإغلاق الكامل قريبًا. لا سياحة، لا استقرار، ولا دولة تسأل. فقط نعيش على أمل يوم لا حرب فيه ولا تهديد”.
وفي ضوء هذا التراجع المقلق، يُطالب القائمون على القطاع الفندقي بضرورة تدخل الجهات المعنية لتوفير الدعم والحماية اللازمة، وفتح قنوات للحوار والعمل على الحدّ من التأثيرات السلبية للنزاعات الإقليمية. إذ إنّ استمرار تراجع الحجوزات بهذا المعدل لن يؤدّي فقط إلى خسائر مالية فادحة، بل قد يدفع القطاع إلى موجة إغلاق واسعة، تزيد من معدّلات البطالة وتعمّق الأزمة الاقتصادية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لبنان على رأس الدول الأكثر تلوّثًا: انهيار بيئي وصحي في ظل فسادٍ مُزمن | ![]() إسرائيل تُجهض إيران بضربة موجعة… تغيّر قواعد اللعبة! | ![]() استقرار في معدّلات الطلاق في لبنان: هل انتهت العاصفة أم تغيّر شكلها؟! |