قُضي الأمر… ماذا بعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية؟


خاص 21 حزيران, 2025

إيران اليوم تُخالف المشيئة الدولية، هذه المشيئة التي لا تُقاس بالحق، بل بموازين القوى، سيكون من شأنها أن تُبدِّل في مشهد المنطقة، وإيران، اعتبارًا من الجمعة الثالث عشر من هذا الشهر، يوم اندلاع الحرب، لن تكون كما قبلها

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

نظريًا وعمليًا، ما من حربٍ تنتهي كما تبدأ، فالحروب ليست ألعابًا يلهو بها أولاد الحيّ، حيث الخسارة اصطناعية، والضحايا مزيفون، والرابحون اصطناعيون. الحروب الحقيقية فيها منتصرون وفيها مهزومون، فيها تعديل خرائط وتهجير ونزوح، وأسطع دليل على ذلك ما شهده القرن الماضي، أي القرن العشرين، الذي كان “قرن الحروب” بامتياز، إذْ شهد حربَيْن عالميتَيْن بالإضافة إلى حروبٍ إقليمية، وبين العالمية والإقليمية وُلِدت دول واختفت دول وتعدَّلت حدود دول.

الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، التي نحن في صددها، هي نسخةٌ منقَّحةٌ من تلك الحروب، تغييراتٌ كثيرة ستعقبها، وإذا لم تكن تغييرات على مستوى الخرائط والحدود، فعلى الأقل على مستوى موازين القوى، وربّما الأنظمة.

منذ الحرب الأخيرة، المُستمرّة والمُتمادية، منذ السابع من تشرين الأول 2023، والتي عُرِفت بحرب “طوفان الأقصى”، انقلبت الدنيا رأسًا على عقب في منطقة الشرق الأوسط: لا الدول بقيت على حالها، ولا الأوضاع في تلك الدول، والتحوّلات مستمرّة:

– سقطت “دولة” غزّة، وسقطت معها حكومة حركة “حماس”، وبدأ النزاع على مستقبلها، من “ريفييرا” الشرق الأوسط، كما يريدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى عودة السلطة الفلسطينية لإدارتها، وفي مطلق الأحوال، لن تعود كما كانت.

– سقطت “دولة” حزب الله في لبنان، وسقطت معها سرديّاته: من المئة ألف صاروخ إلى قوة الرضوان التي ستعبر إلى شمال إسرائيل، وبات الحزب يفتّش عن البقاء وسط الزلزال، بعدما خسر قيادته “التاريخية” ورجالات الصف الأول، وأُلحِق الجنوب، ولا سيما منه جنوب الليطاني، بدمار غزّة، وأصبح منطقةً منكوبةً لا تملك أيَّ مقوّماتِ العيش.

– سقط النظام السوري، وقام على ركامه نظامٌ جديدٌ، مختلفٌ في تحالفاته عن النظام السابق. لم تعد سوريا عمقًا لإيران، ولا العمق الاستراتيجي لحزب الله، ولم تعد تُشكِّل جسرًا جويًا أو بحريًا أو بريًا بين إيران وحزب الله.

– ضَعُف الحوثيون في اليمن، بعدما أنهكتهم حروبُ المساندة لحماس.

حصل كل ذلك على مستوى الأذرع، فماذا عن الرأس؟

المخضرمون ينفضون الغبار عن المقارنات، منهم مَن يستحضر مغامرة الرئيس العراقي السابق صدام حسين عند اجتياحه للكويت، وما بعد الاجتياح لم يكن كما قبله. إيران اليوم تُخالف المشيئة الدولية، هذه المشيئة التي لا تُقاس بالحق، بل بموازين القوى، سيكون من شأنها أن تُبدِّل في مشهد المنطقة، وإيران، اعتبارًا من الجمعة الثالث عشر من هذا الشهر، يوم اندلاع الحرب، لن تكون كما قبلها، إنّه التغيير على مستوى الرأس، بعدما انتهى التغيير على مستوى الأذرع.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us