عهد جوزاف عون: الدولة تستعيد نبضها… والقضاء يحرّر مرفأ طرابلس من قبضة الفساد


خاص 24 حزيران, 2025

الرئيس جوزاف عون لم يتدخّل بشكلٍ مباشرٍ في تفاصيل الملف، بل اكتفى بإرساء نهجٍ شفافٍ ومبدئيّ، يقوم على احترام المؤسّسات وترك القضاء يعمل من دون ضغوط، وِفق ما أكّده لبعض المقربين منه.


كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

في بلدٍ أنهكته عقود من الفوضى والفساد المؤسّساتي، تلوح في الأفق بوادر عهدٍ جديدٍ، تُعيد فيه الدولة رسم هيبتها، وتنهض مؤسّساتها من سباتها الطويل. ومع انطلاقة ولاية الرئيس جوزاف عون، بدت إشارات جدّية على تحوّل نوعي في العلاقة بين القضاء، والإدارة، والأجهزة الأمنية، عنوانها الأبرز: احترام القانون وتفعيل آلياته.

أبرز هذه الإشارات تجلّى في مرفأ طرابلس، حيث تمكنت يد القضاء، ممثلةً بقرارات القاضي داني الزعنّي، من كسر الجمود الذي كبّل هذا المرفق الحيوي لسنوات. فقد بدأت الأجهزة الأمنية، وفي طليعتها مكتب مخابرات الشمال والمجلس الأعلى للجمارك، بتنفيذ سلسلة قرارات قضائية طال انتظارها، فحرّرت المساحات المرفئية من البضائع المكدّسة، وأعادت الحياة إلى دورة العمل المتوقفة.

ما يجدر التوقّف عنده، أنّ هذه القرارات ليست جديدةً، إذ استندت إلى مرجعيّات رسمية واضحة، منها قرار مجلس الوزراء رقم 1557/ص الصادر في عهد الرئيس نجيب ميقاتي، الذي أوصى بإزالة “الحطامات البحرية” الراسية في الحوض المائي للمرفأ، لما تشكّله من خطرٍ على السلامة الملاحية. كما دعمتها إحالات رسمية من وزارتَيْ الداخلية والعدل، ومراسلة قيادة الجيش. لكن، وعلى الرَّغم من كل ذلك، بقيت حبرًا على ورق إلى أن هبّت رياح التغيير من القصر الجمهوري.

واللافت في هذا السياق، أن الرئيس جوزاف عون لم يتدخّل بشكلٍ مباشرٍ في تفاصيل الملف، بل اكتفى بإرساء نهجٍ شفافٍ ومبدئيّ، يقوم على احترام المؤسّسات وترك القضاء يعمل من دون ضغوط، وِفق ما أكّده لبعض المقربين منه. وهو بذلك يُعيد إلى الأذهان تجربة فخامة الرئيس الشهيد بشير الجميل، حين بدأت الإدارة العامة تتفاعل تلقائيًا مع سلطة الدولة بمجرّد أن شعرت بوجود قيادةٍ لا تساوم على الحقّ.

هذا التفاعل الإيجابي انسحب أيضًا على بعض الإدارات الرسمية، منها المديرية العامة للنّقل، التي أظهرت تجاوبًا سريعًا مع المسار القضائي، ما يؤكد أنّ الكفاءة موجودة، لكن كانت تنتظر بيئةً حاضنةً تضمن حمايتها من النفوذ والتدخّلات.

اليوم، ومع تكريس استقلالية القضاء، السؤال الذي يُطرح: هل يستمر هذا النسق من التعاون البنّاء بين القضاء ومؤسّسات الدولة؟ أم أننا بحاجة في كلّ مرة إلى سيف التهديد والعقوبة كي تستقيم الأمور؟

الإشارات الأولى واعدة، لكن التحدّي الأكبر يكمن في تحويل هذه الخطوات إلى نهجٍ دائمٍ، لا يرتبط فقط بشخص الرئيس أو اسم القاضي، بل يُبنى على قاعدةٍ راسخةٍ عنوانها: لا دولة بلا قانون… ولا قانون بلا مؤسّسات تحميه وتنفّذه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us