ماذا عن رسالة تفجير كنيسة مار الياس في دمشق في هذا التوقيت؟


خاص 25 حزيران, 2025

على الحكم الجديد في سوريا أن يتصدّى بقوّة للمتربّصين، والتنبّه للمخطّطات التي رُسمت بهدف التنفيذ، الأمر الذي يستدعي وحدة الشعب ضدّ الخلايا المتطرّفة، منعًا لتفاقم الأمور والخروج عن السيطرة وتفخيخ المزيد من الأماكن والسيارات.

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

بعد الحدث الكبير الذي تفجّر إثر الضربة الأميركية على إيران، انتقل الحدث بقوة إلى العاصمة السورية دمشق، بعد التفجير الانتحاري الداعشي لكنيسة مار الياس، لاستذكار الإرهاب الذي عاد ليضرب من جديد بيت الله، ويُسقِط المُصلّين ضحايا من دون أي ذنب. فقط لإطلاق رسائل سياسية وعسكرية في كلّ الاتجاهات، وخلط الأوراق وزرع المخاوف في نفوس المسيحيين الذين وصلتْهم تلك الرسائل الدموية في هذا التوقيت بالذات، لأنّهم كالعادة يدفعون الأثمان الباهظة عن كلّ قضية، ليصبحوا “كبش محرقة” وسط المتحاربين، ما أسفر عن سقوط 25 ضحية وإصابة أكثر من 50 آخرين. وعلى الفور، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهديداتٍ باستهداف عدد من الكنائس والأديرة في سوريا وخصوصًا في يوم 29 حزيران الجاري، حيث ستطال عددًا من الكنائس وخصوصًا كنيسة البشارة في مدينة حماه، الأمر الذي زرع الرّعب في المناطق السورية من دون تأكيد أو نفي ما يتردّد.

القبض على مدبّر العملية بعد أقل من 24 ساعة

اللّافت أنّه في أقل من 24 ساعة على الحادث الاليم، أعلن مصدر في جهاز الاستخبارات السورية القبض على مدبّر عملية التفجير وعددٍ من أفراد الخلية، التي تنتمي لداعش.
كما ذكرت وزارة الداخلية السورية “أنّها تعاونت مع جهاز الاستخبارات، وتمّ استهداف بعض أوكار داعش في دمشق وريفها، من ضمنها وكر الخلية التي فجّرت كنيسة مار الياس في دمشق”.

مَن يحمي الأقليات وسط تغلغل المتشدّدين؟

إزاء هذه المشاهد المُخيفة التي تسيطر على الساحة السورية وجوارها، يتمحور السّؤال البديهي حول مدى قدرة الحكم السوري الجديد على حماية الأقلّيات، بالتزامن مع تغلغل المتشدّدين وتهديدات الداعشيين بهدف زرع الفتنة الطائفية وزعزعة الاستقرار، ما يضع المسيحيين في موقفٍ صعبٍ مع هواجس من تهجيرهم، على غرار ما جرى في بعض الدول العربية التي شهدت الحروب.

إلى ذلك توالت إدانة واستنكار تلك العملية دوليًا وعربيًا وداخليًا، وكان لافتًا كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي رأى أنّ استهداف المسيحيين في الشرق انقلاب على حقيقته التاريخية، ما أعاد استذكار كلّ ما حصل في المنطقة من عملياتٍ إرهابيةٍ متكرّرةٍ، لضرب المسيحيين في عقر دارهم وكنائسهم، مع نشر المخاوف من أن تفرغ الأرض التي نشأت عليها المسيحيّة شيئًا فشيئًا من مؤمنيها. على غرار ما حصل قبل سنوات في الموصل العراقية، حيث هُجّر المسيحيون ثم انتقل التهجير إلى مناطق عربية عدّة منها على سبيل المثال، معلولا في سوريا والعباسية في مِصر، فانتقل صدى هذا الاضطهاد ليشمل أغلب دول المنطقة، الأمر الذي أكد وجود دولٍ ضالعةٍ في تمويل الاعتداءات عليهم، بهدف تهجيرهم على الرَّغم من أنّهم لم يشاركوا في أزمات وحروب المنطقة لكنّهم يدفعون دائمًا الثمن عن الآخرين.

العميد خلف: رسائل إلى المسيحيين والعلويين والدروز

من هذا المنطلق، نطرح السؤال عن الرسالة التي أطلقها الداعشيون بعد تفجيرهم كنيسة مار الياس الدمشقية، فيشير العميد المتقاعد جوني خلف لـ”هنا لبنان” إلى أنّ “الرسالة التي أُطلقت من هذا التفجير تحوي حدَّين، الأول يخص الكنيسة والمسيحيين بصورةٍ خاصّةٍ، والثاني موجّه إلى الحكم الجديد المتجه نحو التطبيع مع إسرائيل، ممّا يعني أن الهدف زرع الفتن وزعزعة الأمن”.

ورأى أنّ ما جرى حمل رسائل أيضًا إلى العلويين والدروز كأقليات، وهي أمور يجب وضعها في عين الاعتبار، مُذكرًا بما حصل في شهر آذار الماضي من عمليات قتل للعلويين في محافظة اللاذقية، ولما تعرّض له الدروز في السويداء، ولم يستبعد الجنرال خلف تفجير جامع سنّي لخلق حالةٍ من النزاع الطائفي لضرب الأمن في سوريا.

على الحكم السوري التصدّي للمتربّصين والتنبّه للمخططات

وشدّد على ضرورة أن يكون الجميع متضامنين، وعلى الحكم الجديد أن يُواصل التصدّي بقوة للمتربّصين، والتنبّه للمخططات التي رُسمت بهدف التنفيذ، الأمر الذي يستدعي وحدة الشعب ضدّ الخلايا المتطرّفة، منعًا لتفاقم الأمور والخروج عن السيطرة وتفخيخ المزيد من الأماكن والسيارات، وخلق المزيد من النزاع المسلح بالتزامن مع وجود خلايا نائمة، في ظلّ إدارة سورية تسعى كي تكون لاحقًا متكاملةً وممسوكةً أمنيًا، وسط كلامٍ عن تطبيعٍ مرتقبٍ مع إسرائيل، من قبل دولةٍ من محور الممانعة تتجه نحو هذا المسار السياسي الجديد، بعد اتجاه لإزالة العقوبات عنها وفتح الممرّات والاتفاق مع الصندوق الدولي، وانفتاح القنوات مع الدول العربية والغربية.

لا خوف على لبنان

وعن إمكانية أن توجّه تلك الرسالة إلى لبنان ويتكرّر ما جرى في دمشق، استبعد الجنرال خلف حدوث هذا التصوّر، وقال: “لا خوف على لبنان، لدينا دولة وجيش وأمن دولة ومخابرات وتشدّد أمني كبير على الحدود، والجيش اللبناني في جاهزية كاملة والتدخل قائم بقوة ضدّ كل من يخلّ بالأمن”. وأشار إلى أن الاجتماع الذي جرى بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والأجهزة الأمنية، نتج عنه توجيهات بالتشدّد في الأمن، وسوف تبقى هذه التوجيهات الحيّز الأكبر لمنع انتشار الخلايا وقيامها بعمليات إرهابية.

في الختام، نأمل أن تزول كل الأخطار التي تطوّق المسيحيّة العربيّة في العراق وفلسطين وسوريا ومِصر والأردن ولبنان وغيرها من الدول، وأن يقف الجميع وقفةً تضامنيةً عربيةً ودوليةً فعليةً لا تحوي فقط بيانات الاستنكار، إنّما الاتفاق بشكل نهائي بين الدول كافّة على ضرب الإرهاب الذي بات منتشرًا في أغلبية الدول.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us