معركة قانون الانتخاب: هل تُطيح بمصالح النافذين؟


خاص 26 حزيران, 2025

 

قبيل الانتخابات النيابية، يفتح النقاش اليوم مجدداً لتغيير قانون الانتخاب الحالي أو على الأقل إدخال بعض التعديلات عليه للتخفيف من طائفيته وكسر احتكار هيمنة بعض القوى الطائفية المتحكمة بالبرلمان كما ثبت خلال السنوات الأخيرة عندما شُلّ مجلس النواب وعُطّل على مدى أكثر من سنتين لانتخاب رئيس للجمهورية

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

الامتحان الأساسي الذي سيواجهه العهد الحالي هو بلا شك الانتخابات النيابية التي ستجري في الربيع القادم، بعد أن خاض بنجاح الانتخابات البلدية والاختيارية بعد انقطاع دام تسع سنوات، التي أكدت نزاهتها ووقوف السلطة على الحياد لأول مرة منذ عقود. ولكن الانتخابات النيابية تشكل محطة مفصلية في اللعبة السياسية لما ستنتجه من توزيع للخارطة السياسية وتوزيع موازين القوى، وستظهر على الأرجح التأثير الذي سجله الحكم الجديد بفعل الإنجازات التي يكون قد حققها خلال أقل من سنة ونصف، بعد المعاناة التي عاشها اللبنانيون منذ عشرات السنين في ظل حكم أمني سوري-لبناني وهيمنة حزب مسلح على القرار اللبناني-الإقليمي.

وبدأت منذ الآن الحسابات والمناورات تحضيراً لهذه الانتخابات التي لن تخلو ربما من مفاجآت. وفيما يدور النقاش حول قانون الانتخاب الحالي، القائم على أساس النسبية والصوت التفضيلي الواحد في القضاء الذي أُقرّ في 17 حزيران عام 2017، انطلق سجال في مجلس النواب، وسيشهد مدّاً وجزراً وشد حبال بين القوى التي لا تريد إدخال أي تعديل عليه، وتلك التي تريد تغييره. يومها، أقنع مبدأ النسبية معظم القوى وأدى إلى إقراره مع إدخال الصوت التفضيلي الواحد الذي يكرّس الطائفية والمذهبية، والذي أصرّ عليه التيار العوني من أجل تأمين مقعد زعيمه جبران باسيل في البترون، بعد أن خاض الانتخابات مرتين في 2005 و2009 على أساس المبدأ الأكثري وخسر. ودعم هذا الخيار حزب القوات الذي ارتكز على الحسابات التي تُظهر أن مبدأ النسبية يضمن الإتيان بنحو ثلاثة أرباع المقاعد المسيحية بأصوات مسيحية. يومها، جارى تيار المستقبل و”حزب الله”، كل من موقعه وحساباته، ما تريده الأطراف المسيحية، فيما عارضت حركة أمل هذا الخيار. وبعد الانتخابات مباشرة، تقدمت أمل باقتراح قانون على أساس النسبية، وإنما بلبنان دائرة انتخابية واحدة، لم يقبل به أي طرف.

واليوم، يُفتح النقاش مجدداً لتغيير القانون الحالي أو على الأقل إدخال بعض التعديلات عليه للتخفيف من طائفيته وكسر احتكار هيمنة بعض القوى الطائفية (27 مقعداً شيعياً يحتكرهم أمل و”حزب الله” ويكرّس بري رئيساً) المتحكمة بالبرلمان، كما ثبت خلال السنوات الأخيرة عندما شلّ مجلس النواب وعُطّل على مدى أكثر من سنتين لانتخاب رئيس الجمهورية. واليوم، تقف أمل والاشتراكي وبعض المستقلين مع تعديل القانون، فيما يقف النواب السنة الذين كانوا في معظمهم من “تيار المستقبل” مشتتين وحائرين. ويصرّ طبعاً التيار العوني على القانون الحالي، فيما حزب القوات يوافق على الإبقاء عليه كما هو. فما هي مصلحة العهد الجديد؟

وبما أن الصراع محتدم، سهّل الرئيس نبيه بري لأول مرة طرح نقاش قانون مجلس الشيوخ الذي يلحظه اتفاق الطائف، فإن الأشهر القادمة ستكون مشحونة بالاقتراحات والمزايدات التي لن تصل على الأرجح إلى نتيجة. ما سيدفع البعض إلى البحث عن تعديلات جزئية أو تنقيحات لما هو موجود وقائم، انطلاقاً من دوائر الشمال التي تهم، على سبيل المثال، رئيس التيار العوني جبران باسيل، وتحديداً في دائرته الانتخابية البترون التي تتمثل بنائبين (مارونيين) فقط، علماً أن نسبة الناخبين فيها تناهز 60 ألف ناخب، فيما الكورة يزيد ناخبوها عن البترون فقط بـ5500 ناخب ولديها 3 مقاعد، بعد أن كانوا اثنين وأُضيف لها مقعد عام 1992 بعد الزيادة التي أدخلها الطائف على المقاعد النيابية.

وبدل زيادة مقعد آخر إلى البترون، فضل “الموزّع” إنزاله على طرابلس رغم أن فيها فقط 500 ناخب ماروني وفيها مقعد أرثوذكسي منذ الخمسينيات. وبما أن باسيل، على ما يبدو، يخاف على مقعده في البترون، وبالأخص بعد التحالف الثلاثي الذي جمع القوات والكتائب ومجد حرب، الذي تُرجم في الانتخابات البلدية والتي خسر فيها التيار معظم البلديات وتمكن من الفوز برئيس اتحاد بلديات البترون، فإن رئيس التيار يسعى الآن إلى نقل المقعد الماروني من طرابلس إلى البترون استقواءً بالأرقام وبحق البترون فيه، لكي يضمن مقعداً من أصل ثلاثة في حال تمكن الثلاثي من السيطرة على المقعدين الآخرين.

عندها، ماذا سيكون موقف الثنائي الشيعي؟ وهل يشكل هذا التعديل إحراجاً له؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us