موفد سعودي في بيروت.. زيارة بأبعاد سياسية وأهداف محلية

تعتبر زيارة بن فرحان رسالة استراتيجية بأنّ السعودية مستعدة للعودة بحذر إلى لعب دور داعم، مستندة إلى ما تحقّق مؤخراً من خطوات رسمية، لكنها تشترط استمرار هذه الخطوات بشكل متسارع وفعال، حيث ستبقى الرياض في ملعب الانتظار ريثما تتضح الانعكاسات السياسية بشكل واضح في الأشهر المقبلة، خاصة إذا بدأ التحرك للخارج نحو دعم اقتصادي وتجاري
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
كثيرة هي المواضيع التي تحملها زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى لبنان في توقيت تتجه فيه الأنظار إلى جواب لبنان الرسمي للموفد الأميركي توم باراك في موضوع سلاح حزب الله ووقف إطلاق النار مع إسرائيل. فهذه الزيارة تحمل في طياتها الكثير من الملفات التي بحثها بن فرحان مع كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وغيره من المسؤولين والرؤساء في لبنان، فمن الحدود إلى الداخل والإصلاحات وعودة السياح العرب ورفع الحظر عن لبنان تنقل بن فرحان بين المسؤولين حاملاً رسالة واضحة ومستمعاً إلى وجهات النظر وسبل الحل.
ولعل أولى الملفات المطروحة على جدول الأعمال بحسب ما أفادت مصادر سياسية متابعة لجولته هو موضوع الحدود سواء أكانت الجنوبية منها والشرقية حيث كان للمملكة العربية السعودية اليد الطولى في إنجاز الاتفاق ما بين لبنان والقيادة السورية الجديدة لموضوع الحدود وسبل ترسيمها بشكل سليم ووقف عمليات التهريب التي تضر بالبلدين قبل تأثيرها على الدول العربية، وضمن إعادة ترتيب أمن الحدود الوطنية.
وأشارت المصادر عبر “هنا لبنان” إلى أنّ موضوع سلاح حزب الله شكل بنداً أساسيًّا على جدول أعمال الموفد السعودي حيث كان تشديد على ضرورة الإسراع في إيجاد حل لهذا السلاح لتأمين الاستقرار والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، إذ سيكون حافزاً أساسياً للدول المانحة والدول الخليجية في موضوع إعادة الإعمار الذي تطالب به الحكومة، حيث كان تأكيد على أن لا أموال في ظل غياب أي حل جذري ومنطقي لهذا السلاح.
هذا من الناحية السياسية، أما من الناحية الاقتصادية فلا شك أن الزيارة تحمل في طياتها الكثير من الأبعاد الاقتصادية في ضوء ما يبحث عنه لبنان من ضرورة إعادة ربطه بالعالم العربي في الشق الاقتصادي وضخ الأموال الخليجية في الاستثمار في لبنان، وهذه الزيارة شكلت قاعدة أساسية يمكن للبنان الدولة والمؤسسات الانطلاق منها للوصول إلى الهدف المنشود. فالمطلوب اليوم الكثير من الشفافية ووضع لبنان على سكة الإصلاح الحقيقي والفعال لضمان أي عودة للاستثمارات الخليجية والعربية إلى لبنان. وقد شدد الموفد بحسب المصادر على أهمية هذه النقاط وضرورة الحصول على إجابة شافية ومقنعة في هذا الإطار لإعادة وصل ما قطع في السابق.
وإضافة إلى الشقين السياسي والاقتصادي تأتي الزيارة في هذا التوقيت بالذات بهدف دعم خطوات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عملية ترسيخ دور لبنان كجزء من المنظومة العربية بعد فترة من العزلة، وخاصة بعد تراجع النفوذ الإيراني والسوري في البلاد عقب الضربات الكثيرة التي تعرضوا لها في خضم الحرب الإسرائيلية على محور الممانعة، حيث كان هناك تشديد من قبل الموفد السعودي على عروبة لبنان وتجذره في محيطه وضرورة أن يعود قبلة أنظار العالم العربي كما كان في السابق.
إذاً، تعتبر زيارة بن فرحان رسالة استراتيجية بأنّ السعودية مستعدة للعودة بحذر إلى لعب دور داعم، مستندة إلى ما تحقق مؤخراً من خطوات رسمية، لكنها تشترط استمرار هذه الخطوات بشكل متسارع وفعال، حيث ستبقى الرياض في ملعب الانتظار ريثما تتضح الانعكاسات السياسية بشكل واضح في الأشهر المقبلة، خاصة إذا بدأ التحرك للخارج نحو دعم اقتصادي وتجاري.