الحزب “المأزوم” تميل أغلبيته إلى التسوية


خاص 8 تموز, 2025

أزمة أخرى تلوح في أفق الحزب، التي باتت مؤكّدةً، وهي الخلاف الشيعي – الشيعي بينه وبين حركة أمل على المستويَيْن السياسي والشعبي. فعلى المستوى السياسي، وُجهت اتهامات لرئيس مجلس النواب نبيه بري بأنّه من أقنع الحزب باتفاق وقف إطلاق النار. أمّا على الصعيد الشعبي، فظهر الخلاف خلال أحد مجالس عاشوراء، الذي تُقيمه حركة أمل في منطقة معوّض، بعد أن أطلق مناصرو الحزب شعار “لبيك يا نصر الله”، فردّ عليهم مناصرو أمل بشعار “لبيك يا موسى الصدر”.

كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

“لا تتخلّفوا عن ركوب قطار التسوية في المنطقة وإلّا فأنتم الخاسرون، وهناك فرصة تلوح في الأفق، ولا أحد أكثر من اللبناني قادر على اغتنام الفرص المتاحة في مختلف أنحاء العالم”.

هي الرسالة التي حملها سفير الولايات المتحدة الأميركية في تركيا والمبعوث الخاص في الملف السوري السفير توماس باراك إلى لبنان، وجال بها على الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية، بعد أن تسلّم أفكارًا لبنانيةً لحلٍّ شاملٍ من بعبدا، وُضعت عليه اللمسات الأخيرة وطُبع صباح الإثنين قبل موعد الزيارة، بحسب مصادر مطلعة لموقع “هنا لبنان”، معتبرةً أنّ ما سُرّب في الإعلام من بنود الردّ اللبناني غير دقيق بالكامل، وهذا التسريب جاء لإرضاء بعض من في الداخل، لا سيما البند المتعلق “بتأكيد الجيش اللبناني أنّه قام بتفكيك منشآتٍ عسكريةٍ غير نظاميةٍ في مناطق جنوب الليطاني، ولم تتضمّن مناطق شمال الليطاني”، فكان لِطمأنة وإرضاء حزب الله وبيئته.

هذه الزيارة كان سبقها موقف حزب الله من مسألة نزع سلاحه، والذي جاء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في ذكرى عاشوراء، إذ إنّه على الرَّغم من حدّة الخطاب حول مسألة عدم قبوله بنزع سلاحه، كان كلامه وطنيًا ولبنانيًا وموجهًا إلى بيئة وجمهور الحزب، بحيث لم يتطرّق فيه إلى مسألة المقاومة والقضية الفلسطينية، وقال: “نحن نحب ونؤمن ببلدنا وأرضنا ومتمسّكون بها، وما هي الوطنية إلّا أن تكون التمسّك بالأرض والدفاع عن ‏الأرض وتربية الأولاد في هذه الأرض، وحب الأرض، والعلاقة مع الأرض. نحن وطنيون بكلّ ما للكلمة ‏من معنى”، مُستطردًا: “هل هناك تعارض بين الإسلام والوطن؟”.

هذا الكلام يؤكّد على إسقاط الدور الإقليمي لحزب الله، بحسب مصادر متابعة لحراك الحزب في الآونة الأخيرة، ولا سيما بعد حرب الإسناد ونتائجها. وتُشير المصادر إلى أنّ طلب الحزب بحث مسألة نزع السلاح ضمن استراتيجيةٍ دفاعيةٍ وطنيةٍ، يؤكّد على إمكانيّة جلوسه على طاولة واحدة مع كلّ الأفرقاء السياسيين في لبنان، والبحث في هذه المسألة الحسّاسة والمهمة بالنسبة للحزب. ولفتت المصادر إلى أنّ الأغلبية في حزب الله تميل إلى التسوية، فيما هناك أقلية رافضة يَجري التواصل معها لإقناعها بالتحوّلات الكبرى في المنطقة والتي يجب مواكبتها بأعلى درجات الحذر والحيطة والقبول.

وهو ما عكسه المبعوث الأميركي توماس باراك، الذي وضع الكرة في الملعب اللبناني بقوله: “إنّ الولايات المتحدة لا تنوي التعامل مع حزب الله، بل ننوي أن تتعاملوا أنتم معهم”. وكذلك، ما أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ اجتماعه مع باراك كان جيدًا وبنّاءً، آخذًا بحرصٍ كبيرٍ مصلحة لبنان وسيادته وهواجس اللبنانيين ومطالب حزب الله.

أمّا رئيس الحكومة نواف سلام، فكان تصريحه واضحًا أكثر بشأن قبول حزب الله، قائلًا: “حتّى إشعار آخر، معلوماتي تقول إنّ الشيخ نعيم قاسم ملتزم باتفاق الطائف، وبترتيبات وقف العمليات العدائية التي تمّ التوصل إليها، والتي أكدنا عليها في البيان الوزاري، ومنها حصر السلاح، وصوّت عليه نواب حزب الله”.

أزمة أخرى تلوح في أفق حزب الله، والتي باتت مؤكّدةً، وهي الخلاف الشيعي – الشيعي بينه وبين حركة أمل على المستويَيْن السياسي والشعبي. فعلى المستوى السياسي، وُجهت اتهامات لرئيس مجلس النواب نبيه بري بأنّه من أقنع الحزب باتفاق وقف إطلاق النار، والذي لم يتمّ تنفيذه من قبل إسرائيل حتّى اليوم، إضافةً إلى ما تم تسريبه بأن الرئيس بري وجّه رسالةً لحزب الله مفادها بأنّه في حال لم يردّوا على الورقة الأميركية التي يُعِدُّ لبنان الردّ عليها، سيتمّ المضي من دونهم. فردّ الحزب بأنّه مع خطوة مقابل خطوة. وترى المصادر أن الرئيس بري لديه رؤية واضحة حول مصلحة الطائفة الشيعية في المرحلة المقبلة، ويُدرك أنه في حال عدم التعامل بحكمةٍ مع الأوضاع الراهنة فإنّ مصير الطائفة برمّتها سيتعرّض لنكسةٍ، كما أنّ حركة أمل متحرّرة من فكرة تسليم السلاح وحصريته بيد الدولة والشرعية.

أمّا على الصعيد الشعبي، فظهر الخلاف خلال أحد مجالس عاشوراء، والذي تُقيمه حركة أمل في منطقة معوّض، والذي تمّت معالجته بالتهدئة من قبل الشيخ نصرات قشاقش، بعد أن أطلق مناصرو حزب الله شعار “لبيك يا نصر الله”، فردّ عليهم مناصرو أمل بشعار “لبيك يا موسى الصدر”.

وذكر تقرير بريطاني، وفق موقع “UnHerd”، أن “احتمالِ نزعِ سلاح حزب الله في لبنان كافٍ لإثارة الغضب وتوجيه الاتهامات بمحاولة إزكاء الصراع الطائفيّ. وحزب الله نفسه هو مَن يَدرُسُ الآن احتمالَ خفضِ ترسانته، وأنّ تركيزه العمليّ سيتحوّل إلى مكانٍ آخر، إذ سيَصُبّ جهوده على خدمة قاعدته الشيعية والتكيّف مع المشهد السياسيّ المحلّي المتغيّر”.

وجاء في التقرير أيضًا: “يجد الشيعةُ اللبنانيّون أنفسهم اليوم في مأزق، فهم ما زالوا يعتمدون على حزب الله وحلفائه للدعم السياسيّ والاقتصاديّ، لكنّ إمكانات الحزب المحدودة اليوم لا تكفي لمدّ يد العون، وإذا أراد الحفاظَ على نفوذه داخل بيئته الشيعيّة، ففتحُ باب الإعمار ضرورةٌ ملحّة، وكذلك توجيهُ موارده المحدودة لدعم مجتمعاته التي تحمّلت وطأة العنف الذي تعهّد بحمايتها منه”.

وفي المحصّلة، قد يكون الخلاف الشيعي – الشيعي أحد أسباب عدم إقفال الباب الأميركي أمام التفاوض، وعدم وضع مهلٍ زمنيةٍ أمام تنفيذ لبنان ما هو مطلوب منه لجهة نزع السلاح غير الشرعي، وحصرية السلاح بيد الدولة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us