بين “الحزب” و”الحركة” توتّر غير مسبوق… وجمهورهما الإلكتروني يكشف القلوب المليانة!

خرجت قبل أيام قليلة خبايا القلوب المليانة من قبل جمهور حركة أمل ومن “تخبيصات” الحليف الأصفر، لأنّ الكيل طفح بعدما طُلب من أحد الأقلام المنبطحة أمام الحزب، تبييض صفحته والهجوم على برّي “المفاوض الفاشل” كما وصفه، في إشارة إلى تحميله مسؤولية التفاهم حول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، فيما عمل برّي وفق المقرّبين منه ضمن الإطار الدبلوماسي على اختيار كلماته ضمن ردّ الحزب على الموفد الأميركي توماس باراك.
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
لم تظهر في العلن علاقة الثنائي الشيعي “حزب الله – أمل” المحبّبة صوريًّا كما يجري اليوم، لأنّ الكواليس فضحت الحقيقة الساطعة، فلا اتفاق ولا تفاهم ولا كيمياء، بل مسافات سياسية متباعدة ومصيبة جمعتهما فدعتْ إلى التحالف، لأنّ المصلحة الخاصة تقتضي، لكن التاريخ لم ينسَ بعد المعارك الضارية التي جرت بين الطرفين في آذار ونيسان من العام 1988، لتمتد على مراحل وصولًا إلى تشرين الثاني 1990 إثر توقيع اتفاق سلام بينهما رعته سوريا وإيران.
هذه المشاهد التي أسقطت قتلى وجرحى من الفريقين، مرّت بـ” طلعاتٍ ونزلاتٍ”، لكنّها اليوم عالقة بتوتّرٍ غير مسبوقٍ بين الحزب والحركة، لدرجةٍ أنّ عبارة “الأخ الأكبر” لم تعد تنفع، لأنّها بانت على حقيقتها بعدما استعان بها نعيم قاسم ليقرّب القلوب المُتباعدة، التي تتطلب توافقًا ورأيًا موحّدًا على الساحتين السياسية والعسكرية، والمناداة كالعادة ببقاء السلاح تحت حجج بالية لم تعد في الحسبان، وبالتالي بات البحث عمّن يتولّى زعامة الطائفة الشيعية مسيطرًا، وهي في نظر برّي من حقّه بعد اغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، بالتزامن مع وصول الشخص الذي لا يحمل “الكاريزما” المطلوبة، لتنفيذ شعارات الحزب المتكرّرة منذ تأسيسه من دون تحقيق أيّ شعار على أرض الواقع، بل بقيت تلك الشعارات في النفوس والأحلام وأطلال حارة حريك وتوابعها.
“زعامة ” قاسم سقطت في مهدها
لم يعد الودّ المزيّف قائمًا بين حزب الله وحركة أمل، لكن الواقعيْن العسكري والسياسي يُحتّمان ذلك، فيما للمسرحيات توقيتها ولا بدّ للستارة أن تغلق ويتفرّق الممثلون العشاق، لأنّ للزعامة دورها والشيخ نعيم لم يعرف كيف يدير زعامته التي سقطت في مهدها، فيما رئيس المجلس النيابي يبقى الزعيم الدائم الذي لا يستريح ولا يتعب من أوزار السياسة اللبنانية، لأنه يعرف كيف يستقطب جمهوره تحت عناوين معروفة، أبرزها شدّ العصب الشيعي في المكان والزمان المناسبَيْن.
وسط كل هذا يمكن القول إنّ نعيم قاسم لم يعِش الدور المطلوب لغاية اليوم، لأنّ حَمْلَهُ ثقيل عليه، فيما الـ”نبيه” يعيشه بإتقانٍ ويترّبع على العرش السياسي الشيعي، ويعرف كيف يختار كلماته وتوجيهاته وسياسته الدبلوماسية بذكاء ودهاء مطلوبَيْن للمرحلة.
لا ثقة إلّا بالأخ الأكبر لأنّ المصلحة تقتضي!
إلى ذلك، وبعدما أعطى حزب الله الرئيس نبيه برّي دور الوسيط، لإخراجه من الملف العسكري الشائك والتنقّل بين الألغام السياسية، واتفاقية وقف النار مع إسرائيل وتنفيذ القرارات الدولية وتلزيمه كلّ التبعات، ووضعه في الواجهة كوسيطٍ بين واشنطن وحارة حريك، لم يكن كل هذا من باب الثقة به، بل لوضعه في الواجهة وللعب دور المفاوض، الذي هو من صلاحيات رئيس الجمهورية. لكنّ الحزب لا يثق إلا بالأخ الأكبر الشيعي، الذي يلبّي متطلباته خصوصًا في الاستحقاقات الدستورية المهمّة، وخصوصًا انتخاب رئيس الجمهورية حيث كان التلاحم على أشدّه بين الثنائي، كذلك في انتخابات الرئاسة الثانية، التي تُعيد كل أربع سنوات شعار” برّي أو لا أحد”، والرواية تتكرّر ولا أحد يتصدّى لها كما يجب.
خبايا القلوب المليانة إلى العلن
وسط هذا التقارب الجديد من نوعه بين الثنائي الشيعي، خرجت قبل أيام قليلة خبايا القلوب المليانة من قبل جمهور حركة أمل ومن “تخبيصات” الحليف الأصفر، لأنّ الكيل طفح بعدما طُلب من أحد الأقلام المنبطحة أمام الحزب، تبييض صفحته والهجوم على برّي “المفاوض الفاشل” كما وصفه، في إشارة إلى تحميله مسؤولية التفاهم حول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، فيما عمل برّي وفق المقرّبين منه ضمن الإطار الدبلوماسي على اختيار كلماته ضمن ردّ الحزب على الموفد الأميركي توماس باراك الذي حلّ ضيفًا على لبنان أمس الاثنين. لكن كلّ هذا لم يعجب جمهور الحزب الأصفر، فشنّ هجومًا متواصلًا على رئيس المجلس النيابي، فاندلعت الحروب الكيدية والمواقف النارية بين مؤيدي الحزب والحركة، فبدا الشرخ الكبير من خلال مواقف مناصري حركة أمل على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أبدوا انزعاجهم الشديد وفق التغريدات والفيديوهات المندّدة بتصريحات قاسم ومسؤولي الحزب، التي تتغيّر بين لحظة وأخرى فتنقلب بثوانٍ وكأنّ المطلوب الاستعانة بالعصا والجزرة لإرضاء الجميع، فيما الحقائق مغايرة لأنّ المطلوب من قبل الحزب اللعب على الحبلَيْن حتّى أجل غير مسمّى.
كما أبدى جمهور الحزب استياءه الشديد من موقف برّي، بعدما أطلق رسالةً إلى حارة حريك عبر موفد قائلًا: “إذا لم تردّوا سنمضي بدونكم”، التي أشعلت مواقع التواصل بعدما بات برّي خارج إطار الثنائي، بعدما لعب دور الوسيط لتفادي الأعظم، “بهدف تقارب بعبدا وعين التينة والسراي، والتوافق على أنّ زمن السلاح خارج الدولة انتهى، ولن يسمح لأي جهة بجرّ لبنان إلى الدمار”.
مَن يسمعهم يعتقد أنهم احتلوا نهاريا وتل أبيب!
وسط سخرية جمهور حركة أمل الذي عبّر بالتغريدات والتعليقات، نذكر منها: “سقطت معادلة الردع والصمود والتصدّي ويجب الاعتراف بالهزيمة”، “حان وقت الاعتراف بالسقوط… ومَن يسمعهم يعتقد أنهم احتلوا نهاريا وتل أبيب”، “عنتريات نعيم قاسم الإيرانية تُثير الضحك”، وإلى ما هناك من “نهفات”…
وعلى خط مناصري حزب الله، فما زال الانتصار قائمًا بقوة، إذ غرّد أحدهم: “الانتصار كان في جيبتنا ونبيه برّي وقف ضدّه وأسقطه”.
كما اتهم أحدهم الرئيس برّي بأنه يعتقد أنّ زعامة الحزب سقطت إلى غير رجعة، وهو بات الزعيم الأوحد، معلّقًا: “حلوة الأحلام بس صعبة تتحقق لما بكون حزب الله مسيطر”.
الأمثلة كثيرة والتغريدات ما زالت تتوالى والآتي أعظم، ولم يخلُ بعضها من الكلام السوقي والنابي.
“التنمية والتحرير”: غيمة صيف عابرة
في إطار الحرب الإلكترونية الدائرة، يكتفي بعض نواب كتلة التنمية والتحرير التابعة للرئيس برّي بوصف ما يجري بين جمهور الحزب والحركة بالتعليق لـ” هنا لبنان”: “هي غيمة صيف عابرة والإخوة بيِتخانقوا، وبأنّه ليس من عداوةٍ وخلافاتٍ بل تبايُن فقط في وجهات النظر، وما بدنا نكبّر هالتباين لأنه منّو خلاف”!