“الحزب” يكابر.. ولبنان يتخلّف عن قطار التغيير!


خاص 10 تموز, 2025

طرح المبعوث الأميركي توم باراك في لقاءاته أنّ “الحزب” هو حزب لبناني، وأنّ مسألة السلاح هي مسألة لبنانية على لبنان أن يحلها، مؤكداً أن الولايات المتحدة إذا فعل ستساعده وإذا لم يفعل فعليه تحمل المسوولية، لافتاً إلى أنّ المنطقة كلها تتغير من حوله مشيراً إلى الوضع في سوريا التي تتغير بسرعة سياسياً واقتصاديا وفي تموضعها على الصعيد الإقليمي.. وطالما أنّ كل شيء يتغير في المنطقة فهل سيشمل التغيير لبنان؟


كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

سلكت السلطة منذ انتخاب رئيس الجمهورية واختيار رئيس الحكومة طريقاً يُعتبر سلساً لمعالجة هادئة للقضايا الشائكة والمعقدة، سياسياً واقتصادياً، وبالأخص السيادية التي يتقدّمها سلاح “حزب الله” الذي أصبح العائق الأساسي كي تستعيد الدولة سلطتها وهيبتها، والالتزام بالدستور وفرض احترام القوانين. فاختارت شعار “حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية”، وكانت الانطلاقة عبر موقف صحيح وحازم لا يحتمل التفسير والتأويل أو المماطلة التي يفضّلها ويسلكها عادة “حزب الله” في كثير من المواقف التي لا تحتمل التسويف والتذاكي كما حصل بعد حرب تموز 2006 التي وضعت أوزارها على أساس القرار الأممي 1701 الذي أقر قبل تسعة عشرة سنة ولا يزال حتى اليوم بدون تنفيذ، ما دفع المجتمع الدولي إلى إعادة إحيائه وفرضه مجدداً من أجل وقف إطلاق النار بعد الحرب الأخيرة التي أدت إلى اغتيال زعيم “حزب الله” حسن نصر الله وقياديين سياسيين وعسكريين من الحزب وآلاف الضحايا ومئات آلاف المشردين.

والقرار الذي فاوض عليه هذه المرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ووافق عليه باسم الثنائي الشيعي، يعتبره كثيرون سيئًا وبمثابة هزيمة للحزب لأنه يتضمن قرارين يطالان بشكل مباشر “حزب الله” سواء القرار 1559 الذي يعتبره ميليشيا وعليه تسليم سلاحه، والقرار 1680 الذي ينص على ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، والتي كانت مستباحة من قبل “حزب الله” تحديداً الذي كان يستعملها لممارسة كافة أنواع التهريب من سلاح ومخدرات وتسلل إرهابيين في زمن حكم الأسد المخلوع. ومع ذلك وافق أو اضطر للموافقة عليه، واليوم عليه الالتزام به ولا يمكن المناداة بالمواجهة كما يقول أمينه العام نعيم قاسم الذي نشعر بوجوده فقط عندما يلقي كلمة مسجلة لا نعرف من أين يلقيها وأين يسجلها، وهذه المرة بكلمات تحدٍّ واستفزاز وطرح مراجل يعلن أنه لن يسلّم سلاحه الذي يعتبره “الضمانة الوحيدة” له. فهل يا ترى قد سمع كلام المبعوث الأميركي توم باراك الذي طرح في لقاءاته أنّ “حزب الله” هو حزب لبناني، وأنّ مسألة السلاح هي مسألة لبنانية على لبنان أن يحلها، مؤكداً أنّ الولايات المتحدة إذا فعل ستساعده وإذا لم يفعل فعليه هو تحمل المسؤولية، لافتاً إلى أنّ المنطقة كلها تتغير من حوله مشيراً إلى الوضع في سوريا التي تتغير بسرعة سياسياً واقتصادياً، وفي تموضعها على الصعيد الإقليمي. وفي الوقت عينه يضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصل إلى واشنطن، لإيقاف الحرب في غزة، وكذلك على حركة “حماس” التي تحاول فرض نفسها كطرف أساسي متمسكة بكونها الحاكم الوحيد في القطاع، فيما “حزب الله” يكابر وهو ميليشيا مسلحة لا صفة رسمية لها، وإنما تقف على رجليها بدعم من إيران. ولكن هل ما زالت طهران قادرة على دعمه بعد الضربة التي أصيبت بها من إسرائيل التي دعمها “الشيطان الأكبر” ودمر لها منشآتها النووية؟

غير أنّ هذا التطور الذي جاء في كلام المبعوث الأميركي خلال مباحثاته أول أمس سمح لـ”حزب الله” بالخروج على الموقف الرسمي وإبلاغ بري فقط أنه يصر على الانسحاب الإسرائيلي الكامل قبل أن يستعد بعدها “للنقاش” في أي موقف آخر، لا أن يعلن استعداده لتسليم سلاحه. وهذا الموقف أدى إلى حشر بري الذي كان قد أخذ على عاتقه التفاوض عن الحزب وتوفير الحماية له خارجياً وداخلياً. فهل هذا الموقف المكابر هو ناتج فقط عما طرحه توم باراك، أم لأن السلطة، قد برهنت عن “تفهم” زائد، وربما مبالغة في تقدير وزن الحزب وحجمه على صعيد الشارع الشعبي الشيعي الآن بعد المصائب والأهوال التي مني بها، والدمار الذي أصيب به أهالي الجنوب من جراء “حرب الإسناد” التي زجهم بها. وهل يمكن بالمقابل لـ”حزب الله” أن ينام على “الحرير” الذي فرشه توم باراك عندما يتنصل أميركياً من أي دور، ويرمي مسألة سلاح “حزب الله” على الدولة اللبنانية، وكأنه يترك تدبير الأمر لإسرائيل التي عليها أن تتحمل إنهاء ما قامت به طالما أنّه لم يلتزم بأي موقف رادع لها، وطالما أنّ كل شيء يتغير في المنطقة، فهل سيشمل هذا التغيير لبنان؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us