أُربطوا الأحزمة… هل تُحلّق وعود مطار القليعات في سماء التنفيذ؟


خاص 12 تموز, 2025

مطار القليعات حاجة وطنية، وإعادة تشغيله لها إيجابيات على صعد اقتصادية وإنمائية وسياحية عدّة، إذ من المفيد وجود مطار ثانٍ في البلد، كما أنّه سينعش منطقة الشمال، ويُعزّز التنمية المناطقيّة، ويُساهم في توفير نحو ألفي فرصة عمل، ويمكن استخدامه للرحلات المنخفضة التكلفة، سواء كانت سياحية أو دينية أو غير ذلك؛ وأيضًا للشحن لكونه يقع في منطقةٍ زراعية.

كتب إيلي صرّوف لـ”هنا لبنان”:

طوال سنواتٍ خَلَت، زَرعت الحكومات ووزراؤها وعودًا كلاميّةً ومشاريع وهميّةً تصبّ في مصلحة محافظة عكار الشّماليّة، فلم تحصد الأخيرة سوى حرمانًا وتهميشًا مُمنهجًا، يبدأ بالإنماء ولا ينتهي بالتّوزير. غير أنّ حكومة “الإصلاح والإنقاذ” -وعلى الرَّغم من أنّ حقائبها لم تُلوَّن بأيّ صبغةٍ عكّاريّةٍ- عَقدت العزم على الإيفاء بوعدها المذكور في بيانها الوزاري، بإعادة تشغيل “مطار رينيه معوّض” في القليعات، نظرًا لأهميّته الاستراتيجيّة والإنمائيّة.

خلال الفترة الماضية، ولا سيّما بعد الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، والتّهديدات المتكرّرة والمخاوف من استهداف “مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت”، بالإضافة إلى تنامي نفوذ “حزب الله” في بعض مفاصله، والاتهامات باستخدامه لنقل أموال أو أسلحة أو معدّات عسكريّة، برزت الحاجة لإنشاء مطارٍ رديف، يُشكّل منفذًا جويًا ثانيًا للبنان إلى الخارج؛ في حال حدوث أيّ طارئٍ أمنيّ لمطار بيروت.

كما أنّ إقفال مُناصرين لـ”حزب الله” طريق المطار في منتصف شباط الماضي، على خلفيّة منع هبوط طائراتٍ إيرانيّةٍ في مطار بيروت، بالإضافة إلى المخاطر التي لطالما هدّدت سلامة الطيران والمسافرين بسبب الرصاص الطائش الذي يُمطر في محيط المطار بين الفترة والأخرى؛ كلّها عوامل وضعت الملف على نارٍ حامية. فشكّل مشروع تأهيل مطار القليعات وإعادة تشغيله الحلّ الأنسب، عدا عن دوره في إنعاش الحركة الاقتصاديّة في منطقة الشمال، وتعزيز الإنماء المناطقي، وخلق فرص عملٍ جديدة، وتشجيع السياحة والسفر، وتخفيف الضغط عن مطار بيروت الدولي…

الخطوة الأولى في هذا المسار كانت في 25 آذار الماضي، أي بعد شهرٍ على نيل حكومة نواف سلام الثقة. فقد زار الأخير برفقة وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني مطار القليعات، الذي أنشأته “قوّات التحالف” في العام 1941، وأصبح قاعدةً عسكريّةً جويّةً بعدما تسلّمه الجيش اللبناني عام 1966. وكشف من هناك، عن إنجاز اتفاقٍ مع شركة “دار الهندسة”، لإعداد دراسةٍ مجانيةٍ لتشغيل مطار القليعات.

وبعد مضي نحو ثلاثة أشهرٍ، تسلّم سلام من استشاريين من شركة “دار الهندسة”، المخطط التوجيهي الأولي لانطلاق آلية العمل في مطار القليعات، وطلب منهم استكمال عملهم بدراسة جدوى، ستُقدَّم خلال الشهرين المقبلين.

أمّا في 20 حزيران 2025، فقد شرع مجلس الوزراء في دراسة مشروع تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل مطار رينيه معوض – القليعات بطريقة “BOT” أو “DBOT”، كما شرع في درس تعديل قانون الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص “PPP”.

مسار المشروع ومصيره
هذه الإجراءات العمليّة أعادت ملف تشغيل مطار رينيه معوض إلى الواجهة، إلى جانب العديد من الملفات السياسية والأمنية الشائكة، وأَخرجته من إطار الوعود الفضفاضة التي انتهجتها العديد من الحكومات السابقة. فأين أصبح المشروع اليوم؟

يوضح رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية النائب سجيع عطية، في حديث لـ”هنا لبنان”، أنّ “الملف أصبح على سكّة التلزيم، أي يتمّ العمل على وضع دفتر الشروط للمناقصة، وآليّة قانونية لتلزيمه على طريقة نظام الـ”BOT” أو الـ”PPP” أو ما شابه. ومن ثمّ ستقوم شركات متخصّصة بتقديم عروضٍ حسب دفتر الشروط، الذي على أساسه يتمّ التلزيم”.

ولا بدّ من الإشارة في هذا السياق، إلى أنّ التلزيم وفق مبدأ الـ”Build-Operate-Transfer) – BOT)” يعني أن تتعاقد الدولة اللبنانية مع جهةٍ خاصة، سواء كانت شركة أو تحالف شركات، لتقوم ببناء المشروع وتشغيله لفترةٍ زمنيةٍ محد~دة، وبعد الانتهاء تعود ملكيته للدولة.

أما إذا تمّ التلزيم وفق مبدأ الـ”DBOT – (Design-Build-Operate-Transfer)”، فهذا يعني أنّ الجهة الملتزمة بالمشروع تقوم بتصميمه ثم تبنيه وتديره، وتنتقل ملكيته إلى الدولة بعد انتهاء مدة العقد.

في حين أنّ الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص (Public-Private Partnership) تؤشر إلى شراكة الدولة مع القطاع الخاص لناحية المسؤوليات والتمويل والمخاطر.

وعلى الرَّغم من طول المسار القانوني الذي يجب أن يسلكه ملف إعادة التشغيل، لناحية إنشاء الهيئة العامة للطيران المدني، ووجود مجلس أعلى أصيل للخصخصة لإنجاز التلزيم والمناقصات، إلّا أنّ عطية يلفت إلى “أنّنا نتوقع أن يتمّ التلزيم مع نهاية العام الحالي، على أن يبدأ تشغيل المطار عمليًا مع مطلع العام المقبل، سواء على مراحل أو دفعة واحدة، بحسب مصلحة الشركة التي سيتمّ تلزيمها”، مُبيّنًا أنّ “المسلك القانوني يحتاج إلى أقل من ستة أشهر، ونعمل على تسريع الخطوات القانونية الواجب اتخاذها بهذا الإطار”.

ويشدّد على أنّ “مطار القليعات حاجة وطنية، وإعادة تشغيله لها إيجابيات على صعد اقتصادية وإنمائية وسياحية عدّة، إذ من المفيد وجود مطار ثانٍ في البلد، كما أنّه سينعش منطقة الشمال، ويُعزّز التنمية المناطقيّة، ويُساهم في توفير نحو ألفي فرصة عمل، ويمكن استخدامه للرحلات المنخفضة التكلفة، سواء كانت سياحية أو دينية أو غير ذلك؛ وأيضًا للشحن لكونه يقع في منطقةٍ زراعية”.

أمّا إذا كانت هناك أي اعتراضات تُعرقل أو تُؤخّر سير المشروع، فينفي عطية الأمر، معتبرًا أنّ “من حقّ البعض المطالبة بتشغيل مطارات أخرى، كمطار رياق وحامات، لكن الربط بين المشاريع مرفوض”.

عراقيلُ مختلفةٌ تُفخّخ الطريق أمام إعادة تشغيل مطار القليعات، قد يكون حَسْم شكل التلزيم أو اجتياز عقبة مجلس النواب، من أبسطها. فالوضع الأمني، معطوفًا على التناحر السياسي من جهة، وثقة المستثمرين المهزوزة من جهةٍ ثانية، قد ينسفان المشروع من أساسه. فهل سنشهد انطلاقةً جديدةً وقريبةً لمطار القليعات كما هو متوقّع؟ وهل ستُحسن الدولة الاستفادة من إيرادات المطار، بعيدًا عن دهاليز السرقات والصفقات؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us