الخطر الذي حذر منه باراك

توقف كثيرون عند تصريح باراك الذي حذر فيه من خطر وقوع لبنان في قبضة القوى الإقليمية، ومواجهته تهديدًا وجوديًا، ما لم يَحلّ مشكلة سلاح “الحزب”، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام. ثم أتت توضيحات باراك لكي تخفف من وطأة هذا التحذير . لكن التقديرات السياسية تصادق على صحة تحذيرات المبعوث الأميركي قبل أن يحاول الأخير التقليل من حدّتها
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
أثارت تصريحات الموفد الرئاسي الأميركي إلى لبنان توم باراك التي أدلى بها السبت الماضي ردود فعل واسعة. ولم تقتصر هذه الردود على الداخل اللبناني فحسب، وإنما تركت أصداء إقليمية ودولية. وتعود هذه الردود في مجملها إلى أنها أتت من شخصية تحتل مركزًا مميزاً في الإدارة الأميركية انطلاقاً من روابط شخصية بين الرئيس دونالد ترامب وبين مبعوثه إلى بلاد الأرز.
وتفيد أوساط نيابية بارزة لـ”هنا لبنان” أنّ مضمون مواقف باراك يشير الى انسداد افق امام المساعي الجارية من أجل إخراج لبنان من عنق الزجاجة الذي يتمثل بعقدة سلاح “حزب الله” التي لم تجد لها حلا حتى الآن. وقالت هذه الأوساط: “يبدو أن لبنان يواجه مجدداً خطر حرب في أيلول المقبل تلغي مفاعيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية في 27 تشرين الثاني الماضي وأنهى الحرب الإسرائيلية على لبنان عموماً و”حزب الله” خصوصاً”.
وقرأت هذه الأوساط تصريحات مبعوث ترامب الى لبنان بأنها بمثابة إنذار إلى مرحلة يجري فيها تغيير المنطقة برمتها ومن ضمنها لبنان. ولفتت إلى أنّ الاستجابة اللبنانية للورقة التي أودعها باراك عند المسؤولين في 19 حزيران الماضي لم تصل إلى حد الشروع في تنفيذ خطة عمل تؤدي الى نزع سلاح “حزب الله” في لبنان بدءاً من جنوب الليطاني. وكشفت الأوساط نفسها أنّ باراك عندما زار لبنان ثانية هذا الشهر ابلغ أوساط رئاسية رسالة كي تصل الى “حزب الله” وفحواها انه يسعى لدى الإدارة الأميركية لاعتماد مقاربة فرنسية في التعامل مع “الحزب”. وتستند هذه المقاربة الى نظرية تفصل ما بين “حزب الله” السياسي وما بين “الحزب” العسكري الذي صنفته الولايات المتحدة الأميركية منظمة إرهابية. ويعتبر باراك ان هذا التمييز يعطي “حزب الله” فرصة لكي يصبح طرفا سياسيا داخليا يتمتع بكل امتيازات الأطراف السياسية المماثلة ويستند الى إمكانات لا يستهان بها نيابيا وادرايا واجتماعيا واقتصاديا إذا ما أراد فعلاً ان يتخلى كليا عن مشروعه الأمني.
أتت التطورات المتلاحقة بعد مغادرة الموفد الرئاسي الأميركي لبنان اثر زيارته الأخيرة لتشير إلى أنّ الرياح جرت بما لا تشتهي سفن مقاربة الأخير. وصدرت بعد زيارة باراك الأخيرة تصريحات ومواقف عن “حزب الله” عكست تشددا متزايدا في تمسك “الحزب” بالسلاح وعدم تسليمه تحت أي اعتبار آخر. وذهب في هذا الاطار نائب مسؤول منطقة البقاع في “حزب الله” السيد فيصل شكر الى حد القول “لمن في الداخل الذين يردّدون كلمات نزع السلاح… نقول كلمتين، نحن سننزع أرواحكم… لأنّ كل شيء يمكن أن يكون محور مزاح ونقاش وحوار، إلا السلاح”.
توقف كثيرون عند تصريح باراك الذي حذر فيه، من خطر وقوع لبنان في قبضة القوى الإقليمية، ومواجهته تهديدًا وجوديًا، ما لم يَحلّ مشكلة سلاح “حزب الله”. وأضاف: “إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام”. ثم أتت توضيحات باراك لكي تخفف من وطأة هذا التحذير . لكن التقديرات السياسية في أروقة نيابية رفيعة المستوى ، تصادق على صحة تحذير المبعوث الأميركي قبل أن يحاول الأخير التقليل من حدتها. وذهبت هذه التقديرات إلى حد القول أن الأمل في الوصول إلى معادلة داخلية يلاقي فيها “حزب الله” جهود رئيس الجمهورية جوزاف عون كي يقنع العالم أن لبنان ماضٍ فعلاً نحو التطبيق الكامل للقرار 1701 ، قد ضعف إلى حد كبير وربما شارف على التلاشي.
رب سائل عما يدعو “حزب الله” للذهاب مجدداً إلى مواجهة حرب إسرائيلية عرف أخطارها في الحرب السابقة وكادت تقضي عليه بالكامل؟ تجيب مصادر معلومات رافقت ولادة اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، أن إيران كانت شريكاً مؤثراً في ولادة الاتفاق بعدما أرسل “الحزب” نسخة عن مسودة الاتفاق إلى طهران حيث جرى بحثها في مكتب المرشد على خامنئي. وتبين لاحقاً أنّ إيران تعاملت مع الاتفاق على أساس أنه فسحة كي يلتقط ذراعها اللبناني أنفاسه بعد أهوال الحرب التي صفت وجود الزعيم التاريخي لـ”حزب الله” حسن نصرالله. ثم جاءت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران نفسها الشهر الماضي ما جعل الأخيرة أكثر تشددا في مقاربتها للملف اللبناني. ما يعني أن “أمر عمليات” وصل من طهران إلى قيادة “حزب الله” يقول بوضوح: “لا تتراجعوا عن تمسككم بالسلاح”.
وسط هذه الصورة القاتمة ، تبدأ مرحلة جديدة من الترقب لما ستؤول إليه أوضاع لبنان عموماً وما يتعلق بالأمن خصوصاً. وشددت المعلومات على أنّ إسرائيل هي وحدها التي ستمضي قدماً في مخططها حيال “حزب الله”. كما شددت هذه المعلومات أنّ كل ما قيل عن دور أمني للنظام السوري الجديد في لبنان هو مجرد تكهنات لا أساس لها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() 7 أيار جديد في بيروت | ![]() بري يسأل: هل تلفن “الحزب” ؟ | ![]() هل قال بري “الأمر لي شيعيًّا”؟ |