مصير لبنان

هناك من اللبنانيين من يُصوّت انطلاقًا من مبدأ “النكاية”، غير مدركٍ للنتائج السياسية التي تترتّب على ذلك، ويُكمل الصورة مع هؤلاء مَن يُصوّتون خلافًا لمصلحة لبنان واللبنانيين والدولة، بعد شراء أصواتهم بحفنةٍ من الدولارات أو بخدماتٍ سخيفةٍ.
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
لا يزال بعض اللبنانيين، وفي مقدمهم الكثير من السياسيين، غير مدركين لخطورة الخيارات التي قد يُقدِمون عليها خلال الانتخابات النيابية المقبلة، فمنهم عن إدراك، ومنهم عن لامبالاة وخوف ومصلحة، قد يستمرّون في عرقلة قيام الدولة التي تملك وحدها قرار الحرب والسلم والسلاح.
حزب الله لن يذهب بالتأكيد نحو خيار دولة تُنهي دوره العسكري والأمني، والتيار الوطني الحر لا يزال في حالٍ من الحيرة، فإنْ أراد الحفاظ على بعض المواقع النيابية في جبيل والبقاع الشمالي وبعبدا والدائرة الثانية في بيروت والبقاع الغربي وغيرها، يحتاج التيار لأصوات حزب الله وحركة أمل لتأمين حواصل تُوصل له نوابًا، بغضّ النظر عن عدد الأصوات. ولذلك يحاذر التيار طرح موضوع نزع السلاح بشكلٍ واضحٍ وحاسمٍ، فالتيار ما زال يتحدّث عن أن حزب الله يملك ورقة قوة يُفترضُ أن تستفيد منها الدولة، ويتحدّث عن استراتيجية دفاعية قد تكون متوافقة مع ما يراه حزب الله في هذا السياق.
أمّا إذا التحق التيار الوطني الحر بالمواقف التي تعلنها القوات اللبنانية وغيرها من القوى في موضوع السلاح، لجهة نزعه بشكلٍ كاملٍ ورفض أي وظيفة له في أي إطار، فهو يكون بذلك قد قطع “شعرة معاوية” مع حزب الله، ووضع نفسه في موقعٍ معادٍ لهم، سيترتّب عليه أن يخسر التحالف معهم، وربما يخسر أيضًا جزءًا من البيئة العونية، وهو جزء أصبح يعيش الحالة التي تعيشها بيئة حزب الله، لجهة رفض التخلي عن السلاح، والتمسك بتحرير فلسطين، وعدم قدرة الجيش على حماية لبنان، ورفض حصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك من اللبنانيين من يُصوّت انطلاقًا من مبدأ “النكاية”، غير مدركٍ للنتائج السياسية التي تترتّب على ذلك، ويُكمل الصورة مع هؤلاء مَن يُصوّتون خلافًا لمصلحة لبنان واللبنانيين والدولة، بعد شراء أصواتهم بحفنةٍ من الدولارات أو بخدماتٍ سخيفةٍ.
الأصوات الانتخابية لكلّ هؤلاء ليست قليلةً، وسيكون لها تأثير في الكثير من الدوائر الانتخابية، لا سيما إذا لم يكن متاحًا للمغتربين التصويت من حيث يُقيمون، وفق مكان قيدهم، وقد يساهم هؤلاء في إيصال مجلس نيابي لا يملك أكثريةً حاسمةً تؤكد على قيام دولة قوية، وسينعكس ذلك على الحكومات التي ستُشكّل، ما يُبقي لبنان في دوّامة الفوضى وعدم الاستقرار.
إنّّ المطلوب في هذه الأشهر الفاصلة عن الانتخابات، العمل على تفعيل وعي الناخبين، وإظهار تداعيّات الكوارث التي تسبّب بها فريق ضرب الدولة وقرارها وسلاحها، فمصير لبنان ليس موضوعًا لتلاعبٍ سياسيّ أو غير سياسيّ، وليس سلعةً تُباع وتُشترى.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() رصاصة الرحمة | ![]() لو سلّم “الحزب” للدولة | ![]() من القوّة إلى العبء |