دعم فرنسي لمهمة باراك في نزع السلاح… ودعوة سلام لضرورة تنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد

فرنسا تدعم وتؤيّد خيار حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهي تنسّق مع الولايات المتحدة، لأنها فرصة ويجب انتهازها من أجل نجاح مهمّة المبعوث الأميركي توم باراك، والتي تُعتبر حاسمةً أمام استعادة لبنان لدوره المتميّز في المنطقة كجسر تواصل بين الشرق والغرب.
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
في الوقت الذي يقبع فيه لبنان تحت ضغوطات إقليمية ودولية من أجل نزع السلاح غير الشرعي، لا سيما سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني، وتتركّز الأنظار والجهود الدولية والعربية على سوريا، يزور رئيس الحكومة نوّاف سلام فرنسا للمرّة الأولى بشكلٍ رسميّ للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كانت لبلاده ودبلوماسيته حركة مميّزة تجاه لبنان منذ تولّيه الرئاسة الفرنسية، من أجل حشد الدعم للبنان، حاملًا جملة عناوين وملفات، أبرزها الردّ اللبناني على الورقة الأميركية وكيفية تنفيذ بنودها، بدءًا بالانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، إضافةً إلى مسارات خطة الإصلاحات، للمطالبة بكيفية مساعدة فرنسا في هذه المواضيع.
وتعليقًا على المحادثات التي جرت في الإليزيه، اكتفى الرئيس سلام بتغريدة عبر حسابه بالقول: “أعود إلى بيروت مُطمئنًا نتيجة التزام الرئيس إيمانويل ماكرون بمساعدة لبنان والتجديد لقوّة اليونيفيل، وتعزيز علاقاتنا الثنائية، لا سيما في مجالات الأمن والاقتصاد والتعليم والثقافة”.
فيما أكّدت مصادر فرنسية متابعة لموقع “هنا لبنان” أنّ “زيارة رئيس الحكومة في هذا التوقيت تأتي في إطار حشد الدعم الدولي والفرنسي للبنان، وفرنسا تعمل بجدّيةٍ متواصلةٍ من أجل مساعدته، وتحثّ رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة مجتمعين على ضرورة اغتنام الفرص المُتاحة من أجل السير قدمًا في بناء الدولة، والقيام بالعملية الإصلاحية، وحلّ مسألة نزع السلاح في ظلّ الظروف المُتاحة حاليًا، وتحديد الاستراتيجية الصحيحة من أجل احتكار السلاح بيد الدولة اللبنانية”.
وتابعت المصادر الفرنسية: “فرنسا تدعم وتؤيّد هذا الخيار، وهي تنسّق مع الولايات المتحدة، لأنها فرصة ويجب انتهازها من أجل نجاح مهمّة المبعوث الأميركي توم باراك، والتي تُعتبر حاسمةً أمام استعادة لبنان لدوره المتميّز في المنطقة كجسر تواصل بين الشرق والغرب”.
ولا بدّ من التذكير أنّ باريس لعبت دورًا مهمًّا تجاه لبنان في الملفات الحرجة من خلال علاقاتها مع إيران، وكانت صلة الوصل مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، كما أنّ المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لا يزال صلة الوصل بين لبنان وفرنسا، ولا سيما بحسب المصادر، مع حزب الله.
فرنسا لا تزال تراهن على عمق العلاقات التاريخية السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين البلدين، وهي على استعداد دائم لدعم لبنان رئاسةً وحكومةً وشعبًا وجيشًا، ولا تزال، عبر تواجد عناصرها الـ700 في قوات “اليونيفيل”، تعمل على حماية لبنان وجنوبه، وتسعى جاهدةً هذا العام، وهي حاملة القلم في مجلس الأمن، للتمديد لقوات اليونيفيل، وعدم إجراء تعديلات على مهامّها.
هذا الملف، الذي يشغل الدولة اللبنانية، كان حاضرًا في المحادثات التي أجراها الرئيس سلام مع الرئيس ماكرون، والذي أكد أنّ فرنسا تسعى جاهدةً من أجل هذا التمديد، الذي من شأنه حماية ومراقبة الحدود جنوبًا بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل. كما أنّ فرنسا تشارك في لجنة المراقبة المشتركة (الميكانيزم) برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى أهمية تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، الذي جرى بوساطة أميركية – فرنسية.
المؤتمر الدولي لدعم لبنان، والذي تأجّل انعقاده أكثر من مرّة، لم يَغِبْ عن المحادثات بين الجانبين اللبناني والفرنسي، إذ إنّ فرنسا لا تزال، بحسب المصادر الفرنسية، تحذّر لبنان وتدعوه إلى محاربة الفساد، وتعوّل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة أكثر من مسألة السلاح، والتي ستُشكّل مظلةً لعقد هذا المؤتمر، لأنّ الدولة، بعد حلّ هذه المسألة الشائكة، تحتاج إلى التعافي الاقتصادي والمالي والمصداقية واستعادة الثقة.
وأشارت إلى أنّ الزيارة التي قام بها المستشار الاقتصادي للمبعوث الخاص للرئيس ماكرون، جاك دولا جوجي، إلى لبنان منذ أيام، تصبّ في هذا الاتجاه، حيث بحث مع المسؤولين اللبنانيين قانون إعادة هيكلة المصارف والتعديلات المطروحة عليه في مجلس النواب، والجدول الزمني المتوقّع لإقراره، كما تطرّق البحث إلى قانون الفجوة المالية في إطار السعي إلى إرساء أسس التعافي المالي والاقتصادي في لبنان.
كما سعت فرنسا أكثر من مرّة وعقدت مؤتمرات من أجل مساعدة الجيش اللبناني، وتعزيز دوره لحفظ الأمن والاستقرار على الأراضي اللبنانية كافة، ولا سيما في الجنوب، إضافةً إلى الحدود مع سوريا، حيث تُجري فرنسا اتصالاتٍ دائمةً من أجل عدم تأثير الأحداث في سوريا، ومنها الأخيرة في السويداء، في لبنان.
كما لم يغب عن اللقاء اللبناني – الفرنسي، القضية الفلسطينية وما يجري في غزّة، وضرورة بذل الجهود من أجل وقف الحرب الإسرائيلية والانسحاب منها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() رسائل تحذيرية غربية للبنان من انفجار الأوضاع الأمنية في حال عدم نزع سلاح “الحزب” | ![]() المادة 52 من الدستور: دور رئاسي محوري في السياسة الخارجية | ![]() الحزب “المأزوم” تميل أغلبيته إلى التسوية |