بيروت على حافّة كارثة… وحدات التكييف المعلّقة على الأبنية تهدّد حياة المارة

إذا كانت العناية الإلهية قد حالت دون وقوع ضحايا في حادثة الطريق الجديدة، فإنّ المدينة لا تستطيع أن تراهن على الحظ في كلّ مرّة. الوقت حان لتفعيل رقابةٍ صارمةٍ، ووضع حدٍّ لهذا الخطر المعلّق، قبل أن تتحوّل شوارع بيروت إلى ساحات حوادث مفتوحة.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
في قلب العاصمة بيروت، حيث تختلط الحياة اليومية بضجيج الأزمات وسرعة الإيقاع، تتكشّف ملامح خطرٍ جديد يتسلّل بصمتٍ من بين جدران الأبنية: وحدات التكييف المُعلّقة عشوائيًا، بلا رقابة أو تخطيط، تتحوّل إلى خطرٍ داهمٍ يهدّد السلامة العامة، ويهدّد حياة المارة في أي لحظة.
فوضى عارمة تُسيطر على طريقة تثبيت المكيّفات على الواجهات والشرفات، حيث يعتمد الكثير من السكان على مبادراتٍ فرديةٍ غير هندسيةٍ، وغالبًا ما تُنفّذ أعمال التثبيت هذه بأيادٍ غير متخصّصة، وبتكلفةٍ أقلّ، ولكن بثمن باهظ قد يُدفع لاحقًا من حياة إنسان أو أكثر. تكفي نظرة واحدة إلى واجهات الأبنية في تلك الأحياء لتُدرك حجم الكارثة المتربصة.
قبل أيام فقط، كانت بيروت على موعدٍ مع حادثةٍ كادت تتحوّل إلى مجزرةٍ حقيقيةٍ. ففي منطقة الطريق الجديدة، انزلقت إحدى وحدات التكييف الموضوعة على شرفة أحد المباني، وبدأت بالترنّح بفعل خللٍ في التثبيت، فيما كان الشارع أدناه يعجّ بالمارة والسيارات. لحسن الحظ، لم تسقط الوحدة، بعد أن تنبّه أحد الجيران لاهتزازها وأبلغ صاحب الشقة، غير أنّ شهود العيان لا يزالون يتحدّثون عن لحظاتٍ من الذعر الحقيقي، وعن مصادفة أنقذت أرواحًا بريئة.
وعلى الرَّغم من محاولاتنا المُتكرّرة للتواصل مع رئيس بلدية بيروت للحصول على تعليقٍ رسمي، فإنّنا لم نتلقَّ أي رد. في المقابل، أفاد مصدر في البلدية فضّل عدم الكشف عن اسمه لموقع “هنا لبنان” بما يلي:
أوضح المصدر أنّ “البلدية تتابع هذه الظاهرة عن كثب، مشدّدًا على ضرورة إطلاق حملة تفتيش شاملة تستهدف الأحياء السكنية المكتظّة، بهدف ضبط المخالفات ومصادرة أي وحدة تكييف مُثبّتة بطريقةٍ غير مطابقةٍ للمعايير الهندسية المعتمدة، وفرض غرامات مالية على المخالفين كي يكونوا عبرةً للآخرين، فسلامة الناس في الشارع لم تعد تحتمل التساهل”.
ولا تقتصر المشكلة على الخطر الجسدي فقط. فالمكيّفات المثبّتة بطريقة عشوائية تشوّه الواجهات المعمارية، وتسهم في تسرّب المياه والأوساخ إلى الشوارع، ما ينعكس سلبًا على الصحة العامة، ويزيد من التلوّث البصري والبيئي في مدينةٍ تُصارع أساسًا للحفاظ على الحدّ الأدنى من النظام والجمال.
بيروت، التي عُرفت يومًا بجمال أبنيتها وشرفاتها، باتت تُحاصَر اليوم بمعدنٍ صدئٍ يتدلّى فوق الأرصفة، ويُهدّد العابرين من حيث لا يحتسبون. ومع اشتداد الحرّ في شهور الصيف، يزداد الاعتماد على أجهزة التكييف، وبالتالي تتضاعف أعداد الأجهزة المثبّتة على عجل ومن دون رقابة.
وإذا كانت العناية الإلهية قد حالت دون وقوع ضحايا في حادثة الطريق الجديدة، فإنّ المدينة لا تستطيع أن تراهن على الحظ في كلّ مرّة. فالوقت حان لتفعيل رقابةٍ صارمةٍ، ووضع حدٍّ لهذا الخطر المعلّق، قبل أن تتحوّل شوارع بيروت إلى ساحات حوادث مفتوحة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() عودة جورج عبدالله: خطاب على أنقاض التاريخ | ![]() قرار دستوري يُنهي عقودًا من الظلم: قانون الإيجارات غير السكنية يدخل حيّز التنفيذ | ![]() قطاع “النبيذ” تحت الضغط: كلفة مرتفعة وطلب متراجع! |