فيلم أميركي طويل


خاص 28 تموز, 2025

هل سينجح الطبيب اللبناني في إقناع نزلاء مستشفى “فيلم أميركي طويل” الذين هم شعب لبنان أنّ هناك أملاً يمكن الوصول إليه؟.. يأتينا جواب زياد الرحباني من بعيد ليقول أنّ علاج الكهرباء الذي اقترحه في مسرحيته عام 1980 لم تنته صلاحيته بعد مرور 45 عاماً على وصفه، وبدا أنّ توم باراك هو أيضاً من رأي زياد..

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

ترك الفنان الراحل زياد الرحباني اعمالاً مميزة بينها مسرحية “فيلم أميركي طويل”. ولدت المسرحية عام 1980 ، أي قبل عامين من الاجتياح الإسرائيلي الكبير للبنان ما أدى إلى إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح. لكن هذا الاجتياح ، أدى بدءًا من العام 1985 الى ولادة “حزب الله” على يد الحرس الثوري الإيراني.

غلب على الأعمال التي تركها الفنان المبدع أنها تتحدث عن زمن معيّن، لكنها تبقى مفتوحة على أزمنة قادمة. ونستطيع من خبرتنا كجيل رافق زياد الرحباني من بدايته ، عندما أعدّ مسرحية “سهرية” عام 1973 أن ندرك أنّ أعمال الفنان مهما بدت متواضعة في مظهرها ، كانت تنطوي على مضمون رافقنا ولا زال حتى اليوم.

نعود مجدداً إلى “فيلم أميركي طويل”، فأخذتنا المسرحية إلى الحرب الأهلية التي انفجر بركانها عام 1975 من خلال يوميات سبعة مرضى داخل مستشفى للأمراض العصبية، يعانون أمراضًا نفسية نتيجة الحرب، إضافة إلى مدمنين اثنين على المخدرات. ونقرأ من احد التحقيقات التي نشرت حول هذا العمل الفني ان نزلاء هذا المستشفى و”على الرغم من اضطراباتهم العصبية، تبدو هواجس المرضى مشروعة وواقعية جدًا، وهذا ما يؤدّي إلى تعقيد عملية العلاج. وما يزيد الطين بلّة، وقوع الطاقم الطبّي المعالج في فخّ النقاشات والخلافات الطائفيّة، لينجرّ جميع من في المستشفى إلى الأجواء العبثيّة. وفي ختام المسرحية ، وبعد فشل جميع طرق العلاج التقليدية، يتمّ اللجوء إلى الحلّ الجذري الوحيد، وهو العلاج بالكهرباء”.

يستطيع فنان آخر من طينة زياد الرحباني اليوم أن يعيد إنتاج المسرحية نفسها وبالعنوان نفسه، ويجري تعديلًا للنص فيستخدم لغة الزمن الحالي. وستكون النتيجة بكل تأكيد عملاً ناجحًا بكل المقاييس. وستتربع على رأس هذا النجاح عبارة “فيلم أميركي طويل”. أوَليس ما يدور حولنا حالياً في لبنان والمنطقة والعالم “فيلم أميركي طويل” ويقوم بدور البطولة فيها الرئيس دونالد ترامب؟

ننتقل من مسرحية زياد إلى الزمن اللبناني الراهن ، فيتغيّر فوراً العالم وينقلب من كوميديا إلى دراما. ويضع اللبنانيون هذه الأيام أيديهم على قلوبهم وهم يشاهدون دراما الأحداث المتلاحقة التي لا تعطي أية فسحة من الامل بأنّ المحنة اللبنانية ستصل إلى شاطئ آمن في المدى المنظور. وأطل أمس المبعوث الرئاسي الأميركي توم باراك عبر حسابه على منصة إكس ليقول: “إن مصداقية الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها على التوفيق بين المبدأ والممارسة. وكما قال قادتها مراراً وتكراراً، فمن الأهمية بمكان أن تحتكر الدولة السلاح. وطالما احتفظ “حزب الله” بالسلاح، فإن التصريحات لن تكون كافية”.

يجب ان نتذكر أن باراك الذي نعتز باصوله اللبنانية هو أيضاً نسخة عن رئيسه بطل الفيلم أي ترامب. وتضمنت تغريدة مبعوث الرئيس الأميركي لغة تشبه ترامب حرفياً فخاطب المسؤولين بصراحة لا تعير اهتماماً للدبلوماسية المفرطة. وهو قال باختصار: “نريد أن نرى أفعالكم لا أن نستمع إلى تصريحاتكم”. فهل ستترك تغريدة ترامب أثراً عند المسؤولين الذين أصبحوا من كثرة الضغوط التي يتعرض لها لبنان أقرب إلى رجال دين من طائفة اللاعنف أكثر مما هم رجال سياسة من مدرسة لا تأبه لمن يتأثر بما سيحصل على أرض ممارسة السلطة.

يستمر عرض “فيلم أميركي طويل” في لبنان وسط أحداث تخطف الأنفاس. وبدت كلمات رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام وفد إعلامي يوم الجمعة الماضي مهمة في مضمونها ودلالاتها. فهو شرح ما آل إليه الحوار مع “حزب الله” حول حصرية السلاح حيث يتولى شخصياً التواصل مع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد ويلقى تجاوباً حول الأفكار المطروحة، معتبراً “أنّ هذه المفاوضات تتقدم ولو ببطء”.

ويقول رئيس الجمهورية إنه “يتفهم توق الناس لتنفيذ خطاب القسم خلال فترة قصيرة للوصول إلى لبنان الذي يحلم به الجميع”، لكنه قال في الوقت نفسه: “أنا إسمي يوسف وليس مار يوسف وليست هناك عصا سحرية لتحقيق كل المتطلبات، ويجب النظر إلى الإيجابيات لتعزيز الأمل”.

هل سينجح الطبيب اللبناني ، الذي من المفترض أن يكون اليوم الرئيس عون نفسه، في إقناع نزلاء مستشفى الفيلم الذين هم شعب لبنان الذين تتنوع حالاتهم وتتعدد أمراضهم أنّ هناك أملاً يمكن الوصول إليه من خلال العلاج الذي بدأ العمل به منذ أن وصل قائد الجيش السابق(جوزاف عون) إلى قصر بعبدا في بداية العام الجاري ، ثم اكتمل الفريق الطبي بوصول رئيس محكمة العدل الدولية السابق القاضي نواف سلام إلى رئاسة الحكومة مع حكومة تنطبق عليها مواصفات الفريق اللائق بمداواة مرضى المستشفى اللبناني؟

يأتينا جواب زياد الرحباني من بعيد ليقول أنّ علاج الكهرباء الذي اقترحه حلًّا في مسرحيته عام 1980 ما زال علاجاً لم تنته صلاحياته بعد مرور 45 عاماً على وصفه. وبدا أنّ توم باراك هو أيضاً من رأي زياد الرحباني فهو يقترح علاجًا يجعل الفيلم الذي يقوم حالياً ببطولته الرئيس الأميركي يصل إلى نهاية قريبة فلا “يموت فيه البطل ولا يفنى الحزب”. فهل هذا ممكن؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us