الأردن: حكمة المرور بين الأزمات


خاص 30 تموز, 2025

 

الأردن ليس دولةً تبحث عن النجاة فقط، بل دولة تُخطّط للمستقبل. إنّه استثمار دائم في الاستقرار والاعتدال، وهذه ميزة نادرة في محيط مضطرب. وهنا تتجلّى حكمة العبور بين الأزمات: ليس بالضجيج ولا بالمزايدات، بل بالثبات والسيادة والتخطيط الاستراتيجي.

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لم يَسْبِقْ لدولةٍ وطنيةٍ في المنطقة أن تعرّضت لهذا الكمّ من الاختبارات الداخلية والخارجية، وخرجت منها كما يخرج الأردن: أكثر صلابةً، وأشدّ تمسّكًا بثوابته، من دون أن يسلك طريق أنصافِ الحلول أو أن يتخلّى عن موقعه المتقدم في الدفاع عن القضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها فلسطين.

منذ السابع من تشرين الأول، يتعرّض الأردن لحملات تحريض وتجييش غوغائي، تطعن بمواقفه وتُزايد على ثوابته، وتحاول أن تدفعه إلى مربعاتٍ لا تشبه تاريخه ولا تنسجم مع مصالحه. لكنّ الأردن واجه هذه الحملات بثباتٍ وعقلانيةٍ، مُقدّمًا المصلحة الوطنية على كلّ ما عداها، ومؤكدًا أنّ دعم الشعب الفلسطيني هو أولوية استراتيجية، وليس مجرّد شعار موسمي. أما ما تبقى، فهي تفاصيل لن تُغيِّر من جوهر الموقف.

القدرة الأمنيّة للدولة أقوى من كلّ محاولات التخريب، والحدود مُحصّنة، ولا تهاون مع أي محاولة للاختراق، سواء لأهداف تهريب أو تسلّل أو إشعال الفوضى. إنّ بوليصة التأمين الأولى لسلامة الأردن واستقراره تبقى في وعي الأردنيين أنفسهم، بأنّ الدولة هي الضمانة، وأنّ ما بعدها هو الفوضى والخراب. لن يكون الأردن نسخةً جديدةً من ليبيا أو سوريا، ولن يسمح لأي طرف بأن يحوّله إلى منصةٍ للفوضى أو التهجير أو العبث الأمني.

وعلى الرَّغم من كثافة الضغوط، لم يفقد الأردن بوصلته. لم يُعطِ الذريعة لإسرائيل لتسويق مشاريع “الترانسفير” أو “التهجير”، وواصل استخدام موقعه الفاعل في المجتمع الدولي لفضح خطط اليمين الإسرائيلي الهادفة إلى قضم الضفة الغربية، وربما لاحقًا قطاع غزّة. الأردن يقف سدًّا منيعًا في وجه هذه المشاريع، ويوظّف كل ما لديه من علاقات وأدوات دبلوماسية لتعطيلها.

في المحصّلة، الأردن ليس دولةً تبحث عن النجاة فقط، بل دولة تُخطّط للمستقبل. إنّه استثمار دائم في الاستقرار والاعتدال، وهذه ميزة نادرة في محيط مضطرب. وهنا تتجلّى حكمة العبور بين الأزمات: ليس بالضجيج ولا بالمزايدات، بل بالثبات والسيادة والتخطيط الاستراتيجي. الأردن لا يمرّ بالأزمات فقط، بل يعلّم الآخرين كيف يمكن تجاوزها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us