“ليلة المتاحف”: عودة بعد ست سنوات غياب لتضيء الثقافة ليل بيروت وكل لبنان

فتح المتاحف في هذه الليلة حدثٌ مهمّ وأساسيّ، ومعروف باسم “ليلة المتاحف”، وهي مناسبة ذات طابع عالمي، وحاولت وزارة الثقافة من خلالها خلق مساحةٍ أمام الناس لزيارة المتاحف، بهدف إتاحة المزيد من الثقافة والمعرفة للجميع.
كتبت ريتا بريدي لـ”هنا لبنان”:
لم يكن ليل بيروت كغيره من الليالي، فبعد غياب دام ست سنوات، عادت “ليلة المتاحف” لتضيء الظلمة بالمعرفة، وتملأ الصمت بصوت الحضارات، في مبادرةٍ أطلقتها وزارة الثقافة اللبنانية.
من الساعة السابعة حتّى الحادية عشرة مساءً، فَتحت ليلة أمس المتاحف أبوابها مجّانًا أمام الجمهور، في دعوةٍ مفتوحةٍ لكلّ اللبنانيين، من مختلف الأعمار والفئات، وفي مبادرةٍ تعيد التواصل مع الإرث الثقافي، وبالأخص لاكتشاف المتاحف والكنوز المُخبّأة بين جدران الإرث الوطني الغني والمتنوّع.
من أمام المتحف الوطني في بيروت، انطلقت الحكاية. ذلك المبنى العريق الذي احتضن ذاكرة لبنان في مختلف المراحل. ومنه، امتدت خريطة “ليلة المتاحف” إلى مؤسّساتٍ ومحطاتٍ ثقافيةٍ عدّةٍ تحتضن التماثيل، الفسيفساء، المخطوطات، اللوحات الفنية، والمعروضات التي تروي قصص شعوب وأزمنة وحضارات.
من برلين إلى بيروت… رحلة “ليلة المتاحف”
تاريخيًّا، بدأت فكرة “ليلة المتاحف” في ألمانيا عام 1997، حين اقترح عضو مجلس الشيوخ لشؤون الثقافة، فولكر هاسيمر (Volker Hassemer)، فتح المتاحف أمام الزوار ليلًا مع توفير وسائل النقل العام. كانت التجربة الأولى من نوعها، وسرعان ما انتقلت الفكرة إلى فرنسا عام 1999 بدعمٍ من وزيرة الثقافة آنذاك كاترين تروتمان (Catherine Trautmann)، لتتوسّع لاحقًا بشكلٍ لافتٍ. وعام 2001، تبنّت أكثر من 40 دولة الفكرة بدعم من اليونسكو والمجلس الدولي للمتاحف (ICOM).
منذ ذلك الحين، أصبحت “ليلة المتاحف” محطةً ثقافيةً عالميةً، يُحتفل فيها في المتاحف.
ومن بيروت هذا العام، ومع عودة هذا الحدث، نرى كأنّ الثقافة تتنفّس من جديد، همست الآثار لنا، ونبضت الحياة في شرايين المتاحف داخل المناطق اللبنانية. فوسط أزمات متراكمة ومعارك يومية تخوضها البلاد على أكثر من جبهة، تأتي “ليلة المتاحف” لتُذكّرنا بأنّ الثقافة باقية، وبأنّ لبنان، على الرغم من كل شيء، يبقى أرض الحضارة والإبداع والثقافة.
في هذا الإطار، وفي حديثها إلى موقع “هنا لبنان”، تُشير المستشارة الإعلامية لوزارة الثقافة أمل منصور إلى أنّ فتح المتاحف في هذه الليلة حدثٌ مهمّ وأساسيّ، ومعروف باسم “ليلة المتاحف”، وهي مناسبة ذات طابع عالمي، وحاولت الوزارة من خلالها خلق مساحةٍ أمام الناس لزيارة المتاحف، بهدف إتاحة المزيد من الثقافة والمعرفة للجميع.
وتُضيف: “إنّنا في لبنان، لدينا المتحف الوطني، متحف الجامعة الأميركية، متحف الجامعة اليسوعية، متحف موقع جبيل، “ذاكرة الزمن” متحف المتحجّرات البحرية، متحف جامعة الروح القدس الكسليك… وعدد كبير من المتاحف في المناطق اللبنانية، وكلّ متحف يتميّز بثقافته الخاصة. من هنا، قامت وزارة الثقافة بتنظيم هذه الليلة المجّانية لفتح أبواب المتاحف أمام المواطنين من مختلف الأعمار، كي يتعرّفوا إلى تراث بلدهم وإلى ثقافاتٍ متنوعةٍ، وليس فقط تلك الموجودة في المتحف الوطني”.
وعن أهمّية هذه الليلة، هي دعوة أيضًا للجيل الصاعد إلى التعرّف والانفتاح على الثقافة، ما يعزّز ارتباطه بوطنه وتاريخه وحضارته.
بالنسبة إلى الاستمرارية، فإنّ “ليلة المتاحف” كانت تُنظّم سنويًا، لكن للأسف توقّفت لست سنوات متتالية بسبب ظروفٍ قاهرةٍ، بدءًا من جائحة كورونا، مرورًا بالأزمة الاقتصادية والانهيار المصرفي والمالي.
وتختم المستشارة الإعلامية لوزارة الثقافة أمل منصور بالقول إنّه “على الرَّغم من هذه التحدّيات، بذلت الوزارة جهدًا كبيرًا لإعادة إحياء الحدث هذا العام، رغم الموارد المحدودة والتضحيات التي قدّمناها، فقط من أجل أن نُعيد هذا الحدث إلى الناس، لأننا نؤمن بأن اللبناني، مهما كانت الظروف، لا يمكن أن يستغني عن ثقافته، فهي الأساس في حياته”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة 2025 يحتفي بريادة النساء على الشاشة الكبيرة | ![]() البابا فرنسيس… مَن صلّى لأجل العالم؛ فصلّى العالم معه في رحيله | ![]() في اليوم العالمي للشطرنج: فوائده تفوق التوقعات! |