سيناريوهات الجلسة الحكوميّة وُضعت على الطاولة لتفادي المحظور… ليس في كلّ مرّة تسلم جرّة “الحزب”


خاص 6 آب, 2025

سيجري اللعب على وتر اللغة العربيّة الفضفاضة والقادرة على الخرق، أي اختيار الكلمات المناسبة التي لا يفهمها البعض، لكنّ المهم أن يفهمها الحزب ويوافق عليها، مع تشديده، وفق مصادر مقرّبة منه، على ضرورة نيله ضمانات مؤكّدة عن انسحاب إسرائيل من الجنوب، ووقف الخروقات المتكرّرة.

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

كما كان متوقعًا، استعان مجلس الوزراء في جلسة الأمس بسيناريو موضوعٍ مسبقًا لتفادي خلافاتِ البحث في مسألة سلاح حزب الله، التي كانت الأنظار الداخلية والخارجية شاخصةً إليها وبالحلّ المطلوب لها. لكن، وبسبب تطويق هذه المسألة مع مخاوف وهواجس داخلية أطلقها مناصرو الحزب الأصفر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط التهديدات المتكرّرة ومقولة: “سلاح أفش… ومن سيمدّ يده على سلاحنا سنقطعها… وطويلة على رقابكم…”، وإلى ما هنالك من استذكار ليوم العار في 7 أيار، مهدّدين بتكراره ومُتناسين أن زمن “المراجل” والتهديد بالسلاح غير الشرعي قد ولّى إلى غير رجعة. لذا، لم تكن أمنيات الجمهور الأصفر على قدر أحلامهم، على الرَّغم من قيامهم بمسيرات بالقمصان السود في بعض المناطق للقول: “نحن هنا”، بالتزامن مع خطاب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، الذي استذكر من جديد كيفيّة الدفاع عن لبنان، مع تكرار شعارات السيادة والاستقلال الغائبة منذ عقود بسبب سياستهم الميليشياوية.

إلى ذلك، أفضت المؤشّرات السياسية والميدانية إلى ضرورة التأجيل ومناقشة هذا البند في جلسة الخميس أو الأسبوع الذي يليه، تفاديًا لخلافٍ حكوميّ، بالتزامن مع غياب وزيرَيْن تابعَيْن للثنائي الشيعي هما ياسين جابر ومحمد حيدر بحجّة السفر. وسط معلوماتٍ بأنّ حزب الله طلب من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي سحب بند السلاح عن جدول الأعمال، وقد اعترض بعض الوزراء على التأجيل وأصرّوا على إقراره، مساء أمس، فحصل نقاش انتهى بتأجيل البند.

وأُفيد بأنّ مشادّات كلاميّة حصلت بين بعض الوزراء. وكان مصدر وزاري قد أشار لـ”هنا لبنان”، قبيل انعقاد الجلسة، إلى أنّ حساسيّة ملف السلاح في هذا التوقيت، تستدعي توافقًا سياسيًا كبيرًا بعيدًا عن أي انقسام، لأنّ ظروف البلد لا تحتمل. وأشار إلى أنّ لبنان الرسمي طلب من الأميركيين مهلةً إضافيةً لمتابعة المباحثات، تفاديًا لأيّ مخاطر داخلية تؤدّي إلى زعزعة الاستقرار في البلد، وإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية، وفرض حرب داخلية ترفضها كل الأطراف السياسية، لأنّ أي فتنة ستهزّ الحكومة وهذا مرفوض ولن نسمح به.

وعن السيناريوهات الموضوعة لتفادي البحث في ملف السلاح، قال المصدر الوزاري: “المقترحات عديدة، أبرزها التأجيل أو تأليف لجنة فرعيّة وزاريّة لتحديد آلية تنفيذه، ومن ثم إعادته إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار”. لكن، وبعد أكثر من خمس ساعات، خرج رئيس الحكومة نواف سلام ليعلن أنّ مجلس الوزراء قرّر استكمال النقاش بالورقة الأميركية يوم غدٍ الخميس، وتكليف الجيش اللبناني وضع خطةٍ تطبيقيةٍ لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، وعرضها على الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها.

وعلى الخط الأميركي الرّافض لهذه الصورة، فالمهلة التي أُعطيت للبنان كافية وهي الفرصة الأخيرة، وسط تهديدات بتغييب الدعم الاقتصادي والمالي والسياسي، مما يعني سوْق لبنان إلى المجهول. لكن كلّ هذا لن يحرّك حزب الله لأنه باقٍ على النغمة عينها “لا لتسليم السلاح” مع حملات يقوم بها الإعلام الحزبي، وتشمل خطابات الأمين العام الراحل حسن نصر الله، مع الاستعانة بمعادلة “جيش وشعب ومقاومة”، وبمقولة “سلاح المقاومة سند للجيش اللبناني”.

كلّ تلك الشعارات التي غابت منذ سنوات لم تعد تنفع أو تفيد، لأنّها بعيدة عن أرض الواقع. كذلك الدعوات الشعبيّة التي انتشرت في بعض المناطق عبر صوتيّات وُزّعت ليلًا لتحركاتٍ ضمن مناطق جنوبية وبقاعية في اتجاه العاصمة بيروت، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، من خلال حملةٍ منسّقةٍ ومتفقٍ عليها للضغط على الحكومة. لكنّ الوساطات دخلت على الخط مع نصيحة للحزب بعدم الانزلاق والقيام بخطوات الدّعسات الناقصة التي تُزعزع الاستقرار والأمن.

في هذا السياق، ووفق المعلومات من مصدرٍ موثوقٍ، فالمحادثات بقيت حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل قائمة بقوة بين بعبدا وعين التينة والسراي، لصياغة الموقف البعيد عن أي تصادم في الشارع، وكان تشديد على ضرورة التحكم بالوعي والإدراك لخطورة المرحلة، لأنّ أيّ خرق أمني ممنوع، مع ضرورة اختيار الكلمات التي لا تخدش معنويات وزراء الحزب وجمهوره. لذا سيجري اللعب على وتر اللغة العربيّة الفضفاضة والقادرة على الخرق، أي اختيار الكلمات المناسبة التي لا يفهمها البعض، لكنّ المهم أن يفهمها الحزب ويوافق عليها، مع تشديده، وفق مصادر مقرّبة منه، على ضرورة نيله ضماناتٍ مؤكدةٍ عن انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها في الجنوب اللبناني، ووقف الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية المتكرّرة.

في موازاة ذلك، تقف “القوات اللبنانية” رأس حربةٍ مع قوى لبنانية أخرى ضدّ سلاح حزب الله، وتقود الضغط السياسي داخل الحكومة لحسم الجدول الزمني والآلية التنفيذية، بالتزامن مع تحذيراتٍ أميركيةٍ لا رجوع عنها وتوقيتٍ زمنيّ غير قابلٍ للتغيير. وكل هذا يعني أنّ لبنان دخل ضمن إطارَيْن، إمّا استعادة الدولة سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية، وتطبيق بند حصرية السلاح بيدها، أو سيطرة الدويلة نهائيًا مع خربطة داخلية لا تعترف سوى بمنطق السلاح، وهذا يعني على لبنان السلام.

في الختام، لا بدّ للحزب الأصفر أن يعيَ خطورةً ما يقوم به، فشروطه ستؤدّي إلى تفجير الحكومة من الداخل، أي شلّ عملها مع فرض تداعياتٍ خطيرةٍ، أولها الفوضى والمواجهة في الشارع. لذا، على الحكومة أن تلعب دورها المطلوب لأنّ الكرة في ملعبها… فهل تتخطّى المخاطر وتسير بين الألغام فتفوز بالامتحان الأصعب؟، لأنّه “ليس في كلّ مرّة تسلم جرّة حزب الله”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us