اختراعات الشيخ نعيم


خاص 6 آب, 2025

حين يقول قاسم إنّ “السلاح لا يخضع للتصويت”، فهذه ذروة تقديس السلاح. لكنّ السؤال البديهي: أليس هذا خروجًا نهائيًا عن منطق الدولة؟ أليست هذه قاعدة “فوق دستورية”؟

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

من أين يأتي الشيخ نعيم قاسم بكلّ هذه “الاختراعات” السياسية والدستورية في خطابٍ واحد؟ وكيف يمكن تفسير هذا الكمّ من التناقضات والتفسيرات غير الدقيقة التي يقدّمها، وهو الذي يُفترض أن يتحدّث باسم حزبٍ يزعم امتلاكه مشروعًا سياسيًا متكاملًا؟

أولًا، يزعم قاسم أنّ “المقاومة جزء من اتفاق الطائف”. فمن دلّه على هذه العبارة؟ وأين وردت بالضبط؟ كلّ ما ورد في الطائف هو التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية وسحب السلاح من الميليشيات، أي أنّ نصّ الطائف، في جوهره، أنهى مبرّرات وجود أي سلاح خارج إطار الدولة. والحقيقة أنّ حزب الله كان أول من رفض الطائف عند ولادته، واعتبره مشروعًا أميركيًا – سعوديًا لتقييد “الثورة الإسلامية” في لبنان. فكيف انقلب الرفض إلى تبنٍّ مفاجئ؟

ثانيًا، يتحدث قاسم عن “الميثاقية” ليبرّر سلاح المقاومة. لكنّ الميثاقية مفهوم دستوري يتعلّق بمشاركة المكوّنات في القرار، لا بتبرير امتلاك فصيلٍ مذهبيّ لترسانةٍ عسكريةٍ. فكيف تصبح الميثاقية أداةً لحماية السلاح بدل أن تكون وسيلةً لحماية الشراكة الوطنية؟

ثم ينتقل قاسم إلى خطابٍ تخويفيّ واضحٍ للمسيحيين. يقول بعبارة مُبطّنة: “هذه مقابل تلك”، في إشارةٍ إلى معادلةٍ تهديدية: إذا طالبتم بسحب السلاح، فسنفتح ملف العدد والمناصفة. وهذا كلام خطير يُعيد لبنان إلى لغة الحرب الأهلية، ويكشف هشاشة التفاهمات التي طالما تغنّى بها الحزب مع التيار الوطني الحر وغيره.

أمّا حين يقول إنّ “السلاح لا يخضع للتصويت”، فهذه ذروة تقديس السلاح. لكنّ السؤال البديهي: أليس هذا خروجًا نهائيًا عن منطق الدولة؟ أليست هذه قاعدة “فوق دستورية”؟ كيف يمكن التوفيق بين الحديث عن احترام الدولة، وبين إلغاء حق الدولة ومؤسّساتها في مناقشة أخطر ملف أمني في البلاد؟

إن اختراعات قاسم في تفسير اتفاق وقف إطلاق النار، والطائف، والقرارات الدوليّة، توحي بأنّ حزب الله في حالة إنكار عميقة. فهو يعيش أزمةً بنيويةً صنعها بنفسه، ويحاول التغطية عليها بسلاح التضليل وخلق واقع افتراضي، لا يمتّ بصلة لواقع اللبنانيين الموجوعين من الانهيار والهيمنة.

لكن مهما تعدّدت الاختراعات، تبقى الحقيقة واحدة: لا دولة بسلاحَيْن، ولا سيادة بمعادلات الفرض، ولا استقرار بمفاهيم تهديدية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us