التشكيلات تبشّر بمرحلة قضائية واعدة


خاص 18 آب, 2025

لا شكّ أن مهمات صعبة وشاقة تنتظر القضاء في مرحلة ما بعد التشكيلات القضائية الجديدة، ويعوّل أن يكون فيها القضاء أمام مرحلة واعدة من الإنجازات، وبعيداً عن الضغوط السياسية، وثمة من يراهن على تسريع وتيرة العمل القضائي وإصدار القرارات والأحكام، بما يؤدي إلى الإفراج عن مئات السجناء، ويؤدي إلى الحدّ من أزمة الاكتظاظ داخل السجون، التي كان سببها المباشر التعثّر القضائي والبطء في المحاكمات وإصدار الاحكام

كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:

بمعزل عن المعارك السياسية المحتدمة في البلاد، والترقب لما ستؤول إليه الأمور في نهاية الشهر الحالي، وهو الموعد الذي ستقدّم فيه قيادة الجيش خطتها لحصر السلاح بيد الدولة، تتجه الأنظار إلى منتصف شهر أيلول المقبل، موعد انطلاقة السنة القضائية الجديدة، والمفترض أن تتميّز عن سابقاتها من السنوات العجاف، خصوصاً أن الانطلاقة تبدأ مع دمّ جديد ضخّته التشكيلات القضائية في شريان السلطة الثالثة، بعد ترهّل استمر سبع سنوات، أصاب القضاء بندوب وتصدّعات كانت تنذر بانهياره.

لا مبالغة في القول بأن القضاء دخل مرحلة جديدة وواعدة، بالاستناد إلى معايير عدّة أبرزها، ملء الشواغر في كلّ المراكز والدوائر والهيئات القضائية التي اعتراها الفراغ منذ سنوات.

الثاني: إنجاز التشكيلات القضائية في سرعة قياسية، ومن دون اعتراض من السلطة السياسية التي عرقلت التشكيلات السابقة.

الثالث: اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب في هذه التشكيلات، سيما في مراكز المدعين العامين في بيروت والمناطق والنيابة العامة العسكرية والنيابة العامة المالية، وقضاة التحقيق ورؤساء الهيئات الاتهامية ومحاكم الجنايات.

رابعاً: تلقي القضاء جرعة دعم غير مسبوق من قبل رئيس الجمهورية جوزف عون، الذي التقى يوم الخميس الماضي وزير العدل عادل نصار ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والمدعين العامين المعينين بموجب التشكيلات القضائية الجديدة، حيث دعاهم إلى أن يكون عملهم مرتكزاً على ثابتة “العدالة أساس الملك”. وخاطبهم قائلاً: أنتم أدوات هذه العدالة، لا تحيدوا عن الحق مهما كانت الظروف والضغوط، واجعلوا القانون فوق الجميع، وتطبيقه يجب أن يكون عادلاً ومنصفاً على كل المواطنين، من أعلى المسؤولين إلى أبسط المواطنين”. كما دعا رئيس الجمهورية القضاة إلى “الحفاظ على استقلالية القضاء وكرامته، فهو ضمانة الحقوق والحريات، وأن يكونوا قريبين من الناس ومن همومهم، وأن يعملوا على استعادة ثقة المواطن بالعدالة من خلال الأداء النزيه والشفاف.”

يدرك القضاة أنهم أمام ورشة صعبة لا بل شاقّة، أساسها تدعيم ما تصدّع في السنوات الماضية، واستعادة ثقة المواطن بالقضاء، ووضع حقوق الناس فوق كلّ المصالح، كما يدرك حراس العدالة، أن مهمة محاربة الفساد وملاحقة المرتكبين تقع على عاتقهم دون سواهم، لكن شرط أن تكون عدالة شاملة لا انتقائية ولا انتقامية، وأن عليهم التخلّص من رواسب الماضي، الذي أسس داخل قصور العدل وفي المحكمة العسكرية لثقافة أن العدالة لا تسري إلّا على الضعفاء، وأن النافذين بمأمن دائم عن المساءلة والمحاسبة.

ثمة ملفات كثيرة تضع القضاء أمام رقابة محليّة وتحت مجهر دولي، وهذا امتحان حقيقي للقضاة الذين تبوّأوا مناصب مهمة، ومن أبرز هذه القضايا.

أولاً: إنجاز التحقيق بملفّ تفجير مرفأ بيروت من دون عراقيل، وتسهيل مهمّة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لإصدار قراره الاتهامي قبل نهاية العام الحالي.

ثانياً: ملف وزارة الاقتصاد الذي أوقف بموجبه الوزير السابق أمين سلام، وشقيقه كريم والادعاء على موظفين في الوزارة.

ثالثاً: ملف وزارة الصناعة الذي أوقف فيه عدد من الموظفين، وبدأت ملاحقة وزير الصناعة السابق جورج بوشكيان الذي رفع مجلس النواب الحصانة عنه.

رابعاً: المضي بالتحقيق في ملفّ السدود الذي بدأته قاضي التحقيق الأول في الشمال القاضية سمرندا نصار، وترقب لما سيفعله القاضي الذي يخلفها بعد نقل نصار إلى النيابة العامة التمييزية.

خامساً: استكمال الملاحقات بملفّ أدوية السرطان المزورة، الموقوف فيه عدد من الأشخاص أبرزهم المقدّم في الأمن العام محمد خليل، شقيق النائب علي حسن خليل وضابط آخر في جهاز أمن المطار وموزعي أدوية وغيرهم.

سادساً: البتّ بملفّ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الذي مضى على توقيفه سنة كاملة من دون محاكمة رغم تردّي وضعه الصحي، وفي غياب المساواة بينه وبين أشخاص آخرين جرى الادعاء عليهم من دون توقيفهم.

وفي ملفّ سلامة تحديداً، يؤكد مصدر قضائي بارز لـ “هنا لبنان”، أن القضاء “ملزم بإخلاء سبيل سلامة في 4 أيلول المقبل، بحيث يكون مضى على توقيفه سنة كاملة، إذ أن نصّ المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يستوجب إخلاء سيبل أي موقوف بقضية جنائية، طالماً مضى على توقيفه ستة أشهر وجرى تمديد التوقيف لمدة مماثلة، وإنه لا عذر لاستمرار التوقيف طالما أن الحكم بحقه لم يصدر بعد، لا بل أن المحاكمة لم تنطلق حتى الآن”.

لا شكّ أن مهمات صعبة وشاقة تنتظر القضاء في مرحلة ما بعد التشكيلات القضائية الجديدة، ويعوّل أن يكون فيها القضاء أمام مرحلة واعدة من الإنجازات، وبعيداً عن الضغوط السياسية، وثمة من يراهن على تسريع وتيرة العمل القضائي وإصدار القرارات والأحكام، بما يؤدي إلى الافراج عن مئات السجناء، ويؤدي إلى الحدّ من أزمة الاكتظاظ داخل السجون، التي كان سببها المباشر التعثّر القضائي والبطء في المحاكمات وإصدار الاحكام.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us