بعد وفاة السجين و”الوثيقة المسرّبة”… السجناء يقترحون “الحلّ”!

إبرام اتفاقيّة مع سوريا لتسليم السجناء السوريين إلى بلدهم ما يُخفّف من عبئهم وتبعات توقيفهم على الدولة، ويمكن أن يكون الحلّ بتقليص السنة السجنيّة من تسعة أشهر إلى ستة أشهر لمرة واحدة، وتحديد سقف حكم المؤبّد والإعدام بعدد سنوات معيّنة خاصةً مع الكمية الهائلة من الأحكام المؤبّدة الصادرة عن المحكمة العسكرية.
كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:
تكاد لا تمرّ فترة زمنية قصيرة إلّا ويعود ملف السجون في لبنان إلى الواجهة فاتحًا الجدل من أوسع أبوابه حول كمية الإهمال والاكتظاظ وتراجع الخدمات الصحّية والطبية، ما دفع بالمنظمات الحقوقية مرارًا وتكرارًاً إلى دقّ ناقوس الخطر حول رداءة أوضاع السجون ومن بينها سجن “رومية المركزي” أكبر السجون اللبنانية.
ما فاقم الأمر سوءًا في الأيام الماضية هو وفاة السجين السوري أسامة الجاعور داخل زنزانته في سجن رومية المركزي حيث كان يقضي عقوبة السجن المؤبّد، التي حكم عليه بها إثر مشاركته مع “كتائب الفاروق” في معارك مدينة القصير ضدّ قوات النظام السوري السابق ومقاتلي “حزب الله” واتهامه بـ”الانتماء إلى تنظيم إرهابي”. وفي حين لفت مصدر مطّلع على أوضاع السجون لـ “هنا لبنان” إلى “أن المتوفى كان يعاني من مرضٍ عضالٍ وكان وضعه الصحي سيئًا للغاية، أكد أنّ الأخير كان يخضع لمعاينةٍ دوريةٍ من قبل طبيب السجن وقد أُدخل إلى المستشفى مرّات عدّة حيث كان يمكث فيها لأيام قبل أن يُعاد إلى زنزانته في المبنى الاحترازي الذي نقل إليها قبل عام تقريبًا، نتيجة تدهور حالته الصحية والعصبية”، مشيرًا إلى أنّه كان سابقًا نزيل المبنى “ب” المخصّص للموقوفين الإسلاميين. وفي حين قال المصدر إنّ “عملية النقل جاءت كتدبيرٍ استباقي لحماية باقي النزلاء في المبنى من الحالة العصبية للمتوفى”، أكد “أنّ السجين كان تحت رقابةٍ طبيةٍ دائمةٍ لكنّ تدهور حالته التي بدأت تتفاقم منذ ثلاث سنوات هو الذي كان السبب وراء وفاته”.
ومع تردّي أوضاع السجون اللبنانية أكثر فأكثر، يبدو أن حالة الوفاة هذه لن تكون الأخيرة، فالسجون اللبنانية لا سيما “سجن رومية المركزي” تحتوي على ثلاثة أضعاف قدرتها الاستيعابية أو أكثر، وهي تفتقر إلى أبسط معايير حقوق الإنسان لناحية نوعية الغذاء وتوفّر الخدمات الطبيّة، ناهيك عن قلّة النظافة واكتظاظ الغرف وافتقار التهوئة، ما يجعل السجناء في حالة غضبٍ واستياءٍ دائمَيْن، وهم ينفذون بين الفينة والأخرى إضرابًا عن الطعام وتمرّدًا يُقلعون عنه بسرعة إيقانًا منهم بأنّ مطالبهم لن تلقى آذانًا صاغية، نتيجة عجز الدولة والحكومة عن تحسين أوضاعهم أو التخفيف من الاكتظاظ عبر تنفيذ الوعود بإقرار قانون عفوٍ عامٍ أو تخفيض السنة السجنيّة، وهو أمر لم يتمّ الاتفاق عليه ولا على كيفيّة التعاطي مع ملف السجناء السوريين الموقوفين في السجون اللبنانية.
وثيقة الاتصال… واستنفار داخل السجون؟
أمّا وثيقة الاتصال المسرّبة والمتعلّقة بالتخطيط لخطف جنود لبنانيين لمبادلتهم بسجناء إسلاميين، فلم تسفر عن استنفار داخل السجون اللبنانية لا سيما تلك التي تحتوي على موقوفين إسلاميين كما حصل على الحدود اللبنانية – السورية. وتُفيد وثيقة الاتصال (مصدرها قيادة الجيش)، بـ”توافر معلومات عن قيام عناصر أصوليّة متطرّفة متمركزة داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود اللبنانية، بالتخطيط لخطف عناصر من الجيش اللبناني في منطقتَي البقاع والشمال بهدف مبادلتهم بموقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية”، وعليه “تمّ الطلب من وحدات الجيش وفروع الاستخبارات اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر وتعزيز الحرس خصوصًا في فترات الليل، والإفادة بأي تحركات مشبوهة على الجانبَيْن السوري واللبناني”.
وفي هذا الإطار، أشار مصدر مطلع على مسألة السجون في لبنان، إلى بيان الرفض الذي أصدره السجناء والأهالي المتعلّق بالوثيقة المذكورة، لافتًا إلى “أن الوضع في السجون وفي “رومية” تحديدًا عادي جدًا ولا يشهد أي تحرّك مشبوه مقلّلًا من أهمية الوثيقة المسرّبة”، ومؤكدًا أنّ “سقف السجناء هو التحرّك السلمي الذي يصل أحيانًا إلى حدّ الاحتجاج والاعتصام وقرع الأبواب والإضراب عن الطعام”. وقال المصدر “إنّ أوضاع السجون ليست في أفضل حال لكن في المقابل لا يمكن إلقاء اللوم على إدارة السجن كلما توفي سجين بنوبة قلبية أو ذبحة صدرية”.
وأكد أحد السجناء السوريين في سجن رومية المركزي في اتصال بـ”هنا لبنان”، أنّهم يستخدمون الأساليب السلمية في تحركاتهم أي “الاعتصام وزيارة الأهالي للمسؤولين اللبنانيين وربّما الإضراب عن الطعام كوسيلة ضغط”، مشيرًا إلى “أنّ حلّ مشكلة السجون لا تتخذه إدارة السجن بل هي بحاجة لقرار سياسي”، معوّلًا على “دور الدولة السورية في كيفيّة التعاطي مع هذا الملف وحرصها على مواطنيها المسجونين خارج أراضيها”، جازمًا أن هناك تعقيدات تأخذ مزيدًا من الوقت وللأسف مزيدًا من الأرواح فكلّ يوم يمر يعرّض أي سجين لأن يلقى مصير زميلهم أسامة الجاعور”.
حلّ السجناء ونداء إلى المسؤولين
يلفت السجين إلى أن موضوع الوثيقة يجري تضخيمه وتوظيفه سياسيًا من قبل أطراف معيّنة لتبرير مسألة وجود السلاح، لافتًا إلى أنّه “لا إجراءات استثنائية داخل السجن بعد تسريب الوثيقة، فالتدابير الأمنية لا تزال نفسها ومواعيد الجلسات قائمة”. وقال: “نحن كسجناء لا نريد التعليق على هذه الأمور ولا نريد أن نناقش في السياسة، كلّ ما نريده هو توجيه نداء إلى الرؤساء الثلاثة لحلّ مسألة السجناء كافّة، سوريون كنا أم لبنانيون، فجميعنا نتشارك الظلم عينه والمعاناة نفسها، نحن نريد حلًّا شاملًا لقضيتنا يكون عبر “إبرام اتفاقيّة مع سوريا لتسليم السجناء السوريين إلى بلدهم ما يُخفّف من عبئهم وتبعات توقيفهم على الدولة، ويمكن أن يكون الحلّ بتقليص السنة السجنيّة من تسعة أشهر إلى ستة أشهر لمرةٍ واحدةٍ وتحديد سقف حكم المؤبد والإعدام بعدد سنوات معيّنة خاصةً مع الكمية الهائلة من الأحكام المؤبّدة التي صدرت عن المحكمة العسكرية، هذا ما نطالب به في ظلّ شبه استحالة إقرار قانون عفو عام في لبنان فنحن نبحث عن حلولٍ تراعي السلم الأهلي وحقوق الضحايا وتصحيح المسار الذي فرضته الظروف السياسية السابقة والتي شابها الكثير من الشوائب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() موظّف في المرفأ يزوّر شهادات للتهرّب من دفع الرسوم | ![]() جبهات “السوشيل ميديا” التحريضيّة تطغى على حرب الصواريخ | ![]() الطلاق بين “استسهال الانفصال” وتأثير “العالم الافتراضي” |