لإنعاش ذاكرة الشيخ نعيم: هذا ما حصل في فجر الجرود

نعم، ساهم “الحزب” في “فجر الجرود”، ساهم أولًا في ترحيل المقاتلين بالباصات المكيفة، وساهم أيضًا في منع الاحتفال، بعد أن أعلن وزير الدفاع نيّته في إقامة احتفال النصر، فاقتصرت مساهمته على ما ورد.. أما المعركة، فكان للجيش الدور الأول والأخير في خوضها وحسمها. لقد خاض الجيش اللبناني معركة نظيفة وانتصر للسيادة والوطن
كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:
إطلالة بعد إطلالة يحاول أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم “تضييع الشنكاش”، تارةً بتأكيد لاميثاقية جلسة مجلس الوزراء التاريخية خلافًا للواقع القانوني والدستوري للجلسة، وتارةً أخرى بالإدعاء أنّ حزبه أنجز معركة “فجر الجرود” إلى جانب الجيش، ولولا العيب، لما ذكر الجيش وحصر المعركة بـ”حزب الله”.
وبالعودة إلى تفاصيل تلك الأيام وما سبقها، لا بد أن نستذكر رفض “حزب الله” الدائم لأي تقدّم للجيش في أيّ ميدان، وهو القائل بلسان أمينه العام الأسبق: “دخول مخيم نهر البارد خط أحمر”، وفي العام 2000، كان لـ”حزب الله” بصمة في تسخيف معركة الجيش في جرود الضنية في مواجهة جماعة “التكفير والهجرة”.
نعم، “حزب الله” ساهم في “فجر الجرود”، ساهم أولًا في ترحيل المقاتلين بالباصات المكيفة، وساهم أيضًا في منع الاحتفال، بعد أن أعلن وزير الدفاع نيّته في إقامة احتفال النصر، فاقتصرت مساهمته على ما ورد.
أما المعركة، فكان للجيش الدور الأول والأخير في خوضها وحسمها بعد أن عاثت التنظيمات الداعشية المسلحة خرابًا وقتلًا مستفيدة من فترة الشغور الرئاسي، ومن عدم قدرة حكومة الـ”24 رئيس” على اتخاذ القرار الحاسم. لقد خاض الجيش اللبناني معركة نظيفة وانتصر للسيادة والوطن.
ففي صيف 2017، كتب الجيش اللبناني واحدة من أبهى صفحاته حين أطلق عملية “فجر الجرود” ضد التنظيم الداعشي الذي كان يحتل الجرود الممتدة بين القاع ورأس بعلبك.
لم تكن معركة عادية، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المؤسسة العسكرية على خوض حرب معقدة في تضاريس جبلية صعبة، بعيدًا عن أي شريك حزبي أو تدخل خارجي.
منذ اللحظة الأولى، كان القرار واضحًا: الجيش وحده سيُقاتل.. حيث أكد قائد الجيش آنذاك العماد جوزاف عون أنّ المعركة قرار لبناني، والجيش يخوضها باسم جميع اللبنانيين.
على الأرض، تقدمت الوحدات العسكرية بثبات بقيادة العميد الركن المغوار فادي داود، مستخدمة تكتيكات حديثة، في وقت حاول البعض التشكيك أو نسب الإنجاز لـ”حزب الله”.. غير أنّ الوقائع الميدانية أثبتت أنّ من قاتل فعليًا على الجبهات لم يكن سوى الجيش اللبناني.
خلال أيام قليلة، تمكن الجيش من تحرير الجرود وإخراج الإرهابيين من آخر معاقلهم. لكن الإنجاز الأبرز كان إنهاء مأساة العسكريين المخطوفين منذ معركة عرسال بعدما عثر الجيش على جثامينهم وأعادهم إلى ذويهم.
لم تقتصر أهمية “فجر الجرود” على الجانب العسكري، فالجيش أثبت أنه وحده صاحب الحق في الدفاع عن لبنان واستعادة أراضيه.. وفي خطاب لاحق، شدد قائد الجيش العماد جوزاف عون على أنّ الجيش اللبناني وحده هو من يقرر متى وكيف يحرر أرضه، ولا يحتاج إلى إذن من أحد.. حيث رسّخ الجيش دوره كمؤسسة سيادية جامعة، بعيداً عن الحسابات السياسية والفئوية.
المعركة في ذلك الحين أظهرت تقدمًا ملحوظًا في أداء الجيش، فقد نُفذت العمليات بخطط مدروسة وتنسيق عالٍ بين الوحدات، مع استخدام فعّال للمدفعية وسلاح الجو.. هذا الأداء جعل الجيش يدخل في مصاف الجيوش الحديثة، بعدما أثبت امتلاكه القدرة على إدارة معركة نظامية معقدة بعد معركة مخيم “نهر البارد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() من يُقنِع شيعة الولاية أنّ بناء الدولة يصب في مصلحتهم؟ | ![]() توبيخ الزائر الإيراني واجب وطني | ![]() الرابع من آب في ذكراه الخامسة.. إيجابيّات رغم الوجع |